«ساهر» على الطريقة الليتوانية
صورة رئيس بلدية فيلنيوس عاصمة ليتوانيا وهو على ظهر مركبة مدرعة ويقوم بتحطيم سيارة كانت متوقفة بشكل غير قانوني في ممر مخصص للدراجات، وما صاحب الصورة من تعليق لرئيس البلدية قال فيه: ''هذا ما سيحدث إذا كانت السيارة متوقفة بصورة غير مشروعة ''يدل دلالة أكيدة على أن الالتزام بنظام المرور في مختلف أنحاء العالم لا يمكن الاعتماد فيه على وعي الناس، أو إدراكهم للمخاطر التي تنتج من جراء مخالفة هذا النظام، وإنما يحتاج إلى حزم في التطبيق.
يضاف إلى هذا أن ما يتخذ من إجراءات في سبيل إلزام الناس باحترام النظام لا يمكن أن يحظى بالترحيب من قبل غالبية الناس، خاصة إذا صاحب هذا النظام غرامات مالية كبيرة.
موقع ((TheNewspaper.com الأمريكي المهتم بشؤون السيارات تابع ردود الفعل على كاميرات المراقبة المرورية في عديد من دول العالم، ورصد الاعتداءات التي تعرضت لها هذه الكاميرات، فمن إشعال النار في إحدى الكاميرات في مدينة ألمانية، إلى إلقاء قنبلة مولوتوف على كاميرا في مدينة أسترالية، إلى رش مادة صفراء على كاميرا في مدينة فرنسية، وإحراق أخرى في مدينة بولندية، وعن المملكة قال الموقع: إن السعوديين لا يحبون كاميرات المراقبة المرورية ''ساهر'' حتى أن المسؤولين لجأوا إلى تغطية نوافذ سيارات ساهر بمصدات معدنية لحمايتها من الرشق بالحجارة.
إذاً عدم تقبل كثير من الناس لأي نظام يُحد من حريتهم حتى لو كان في مصلحتهم، ومطالبة البعض بإلغائه، أمرٌ طبيعي لا يختلف بين بلد وآخر، ولا علاقة له بوعي المجتمع، فالمجتمع مهما كان واعياً فلا بد أن تكون طوائف منه غير متقبلة للنظام، ولو عول على هذا الوعي لما أوجدت العقوبات في الشرائع، ولما سُنت القوانين.
لهذا السبب فما يحتاج إليه أي نظام يطبق، مهما كان صارماً، هو أن يكون التطبيق واضحاً للجميع، وأن يرى الناس أثره الإيجابي في حياتهم، وأن يكون ضمن بنود التطبيق ما يدفع إلى الالتزام بالنظام، بما في ذلك ما يقدم من حوافز، وفي ''ساهر '' يمكن أن يكون هناك حافز يتمثل في أن أي مخالفة تسجل على قائد المركبة، تُسقط عنه إذا لم تسجل مخالفة أخرى خلال فترة زمنية يتم تحديدها، وأن لا يقتصر التطبيق على السرعة فحسب، بل يرى السائق أثر هذا النظام، أو أي نظام رديف له في فك الاختناقات المرورية التي يشهدها، ومن بينها الوقوف الخاطئ أمام المحال التجارية والمطاعم.
أما نشر كاميرات ساهر داخل الأحياء والشوارع الفرعية، الذي كان مجال استفتاء إلكتروني أجرته إدارة المرور، فلعل بعض الأحياء يحتاج إلى ما هو أكبر من ساهر، ففي بعض الشوارع الفرعية هناك وقوف خاطئ للسيارات، والبعض جعل من الرصيف موقفاً خاصاً له، وهناك وقوف خطر للشاحنات وصهاريج المياه والحافلات، وهناك عكس لمسار الطريق، وهناك سيارات متعطلة تركت في مواقع خطرة، كل هذه الأمور تحتاج إلى معالجة، والمواطن الذي لا يشك في أن ساهر حقق نتائج إيجابية كبيرة، بحاجة إلى إقناع أن ''ساهر'' جزءٌ من منظومة متكاملة، هدفها تحقيق السلامة المرورية.