تطبيق «نطاقات» يعيد الحياة للسعودة من جديد

إن التزام تطبيق وزارة العمل لبرنامج ''نطاقات'' على الشركات والمؤسسات العاملة في القطاع الخاص، يتوقع له أن يعيد الحياة إلى ملف سعودة وظائف القطاع الخاص، الذي أصيب بأكثر من خيبة أمل، نتيجة لفشل الوزارة الذريع في الماضي بفرض تطبيق نسب سعودة معينة بعدد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية المختلفة في المملكة.
إن إخفاق وزارة العمل في الماضي في ضبط نسب السعودة في القطاعات والأنشطة الاقتصادية المختلفة، أدى إلى ارتفاع نسب البطالة في بلادنا بين الشباب والشابات السعوديين والسعوديات إلى معدلات مقلقة ومفزعة، تجاوز معدلها العام نسبة الـ 10 في المائة، في حين تجاوز معدلها بين الشباب والشابات 6 و28 في المائة على التوالي، إضافة إلى أن هذا الإخفاق قد ضاعف من حاجة المملكة للعمالة الوافدة، التي تجاوز عددها وفقاً للتعداد السكاني الأخير الذي تم إجراؤه العام الماضي ثمانية ملايين وافد.
الأستاذ أحمد الحميدان، وكيل وزارة العمل للشؤون العمالية، أوضح خلال لقاء تلفزيوني ببرنامج ''المملكة هذا المساء'' في القناة الأولى، أن برنامج ''نطاقات'' يراعي أهمية توفير فرص عمل مناسبة للسعوديين، وكذلك يراعي وأهمية تلبية احتياج المشاريع التنموية من العمالة، ومن هذا المنطلق، حدد البرنامج للمنشآت الجادة في التوطين ميزات تنافسية ومكافآت تشجيعية تتناسب ونسب التوطين التي تحققها، مما سيساعدها على النمو ويجعل من توظيف السعوديين عنصراً مهما لنجاح أعمالها.
كما أكد الحميدان أن البرنامج يعد عمليا وواقعيا ومنصفا ويمكن تطبيقه بسهولة، كونه أعاد تصنيف الأنشطة الاقتصادية لتصبح 41 نشاطاً عوضاً عما كانت عليه في السابق والتي كان عددها فقط 13 نشاطاً، وذلك بهدف مراعاة الاختلاف في خصائص الأنشطة، التي سيطبق عليها البرنامج، مما سيجعل تطبيق البرنامج بالنسبة للمنشآت سهلاً ومنصفاً ومقنعاً. كما قد قامت الوزارة بتقسيم كل نشاط إلى شرائح أو إلى فئات حسب حجم النشاط، حيث كان في السابق لا يوجد تقسيم للأنشطة بالمنشآت، ولكن وبعد تطبيق برنامج ''نطاقات''، أصبح عدد فئات النشاطات 205 فئات (صغيرة جداً، صغيرة، متوسطة، كبيرة، وعملاقة)، الأمر الذي سيعزز من قدرة المنشآت على التوطين، نظراً لكون ذلك التقسيم سيراعي تأثير الحجم على قدرة التوطين للمنشأة في الأنشطة المختلفة.
بالنسبة لآليات عمل البرنامج، فقد قامت وزارة العمل، ببذل مجهود كبير لضمان سلاسة ومنطقية تطبيق آليات البرنامج على المنشآت والأنشطة الاقتصادية المختلفة، حيث على سبيل المثال، قامت الوزارة بتقسيم المنشآت إلى كيانات، واعتبرت كل كيان بمثابة مظلة تجمع تحتها الفروع المتشابهة في النشاط، كما قامت الوزارة باستخدام (آلة حساب التوطين) بتصنيف الكيانات داخل فئات الأنشطة إلى درجات متفاوتة في التوطين، حيث يتم تصنيف كل كيان مقارنة بمعدل أداء الكيانات الأخرى في الفئة نفسها، وتبعاً لذلك اعتمد البرنامج أربعة نطاقات رئيسة، وهي النطاق الممتاز، الذي يمثل الكيانات المتميزة في التوطين، والنطاق الأخضر، والذي يمثل الكيان الأفضل في أداء التوطين، والكيان الأصفر، والذي يمثل الكيان الأسوأ من حيث التوطين مقارنة بباقي الكيانات في الفئة نفسها، وأخيراً النطاق الأحمر، والذي يعتبر الأقل والأسوأ من حيث التوطين مقارنة بغيره من الكيانات في الفئة نفسها.
من الواضح جداً أن وزارة العمل، قد بذلت مجهوداً كبيراً قبل إخراجها لبرنامج ''نطاقات''، إلى حيز الوجود، لكونها اعتمدت في تصنيف المنشآت والنطاقات وفقاً لمعطيات وفرضيات السوق والوضع الراهن لنسب السعودة أو التوطين بكل نشاط، ومن هذا المنطلق فإن نسب التوطين التي اعتمدها البرنامج، ارتكزت في الأساس على تحليل إحصائي واقعي وعملي للسوق خلال السنوات الخمس الماضية، وتبعاً لذلك تتوقع وزارة العمل أن عدداً كبيراً من الشركات العاملة في القطاع الخاص ستتمكن من تطبيق البرنامج دون أن تواجه أية صعوبات تذكر، وبالذات في حال اتباعها للتعليمات والإرشادات التي حددتها الوزارة، وأطلقت عليها ''مفاتيح النجاح''، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، أهمية التأكد من سلامة وصحة بيانات المنشأة، وبالذات فيما يتعلق بتسجيل عمالتها السعودية لدى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، بما في ذلك دفع مستحقاتهم قبل منتصف الشهر الميلادي، إضافة إلى أهمية التأكد من تطابق تصنيف المنشآت طبقاً للبيانات المسجلة لدى الوزارة من حيث النشاط والحجم.
على الرغم من تأكيد وزارة العمل في أكثر من مناسبة رسمية، على أن برنامج ''نطاقات''، يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، وعدم الإضرار بمصالح المنشآت القائمة، إلا أن البعض لا يزال يعتقد أن البرنامج غير عادل وغير منصف، ويصعب تطبيقه عملياً، وبالذات بالنسبة لعدد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية التي لا يقبل الشاب السعودي على العمل فيها، مثل قطاع المقاولات وقطاع الزراعة، نظراً لكونها أنشطة يغلب عليها طبيعة العمل الشاق، والعمل تحت حرارة الشمس وكذلك العمل والبقاء في المناطق البعيدة عن المدن الرئيسة وعن النطاق السكاني لفترات طويلة.
بهدف تفادي حدوث أضرار وعقبات من جراء تطبيق البرنامج، حددت الوزارة عدداً من الخدمات والحوافز، التي سيتم تقديمها للكيانات المتعاونة في التوطين، بالشكل الذي سيمكنها من رفع قدرتها التنافسية المرتبطة بالتوطين، إضافة إلى تمكينها من ممارسة أنشطتها التجارية المختلفة بيسر وسهولة، حيث على سبيل المثال من بين الخدمات والحوافز التي وفرها البرنامج للشركات التي تقع في النطاق الممتاز، منح تأشيرات جديدة مفتوحة المهنة، وتمكينها من تغيير مهن العمالة الوافدة إلى مهن أخرى بما في ذلك المهن المقصورة على السعوديين، إضافة إلى تمكينها من نقل خدمة العمالة الوافدة إليها، وتغيير مهنة العامل في الوقت نفسه شريطة عدم النزول دون النطاق الممتاز، والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي