نصيحة قديمة .. وأنت حر!
''الوقاية خير من العلاج'' .. حكمة قديمة لا أظن أنها استنفدت أغراضها أو أنه انتهى عمرها الافتراضي .. فالحكمة لا تموت .. إنها تظل جديدة دائما، لكن يبدو أن هذه الحكمة العظيمة لم تصل بعد إلى المسؤولين في محافظة ''جدة''.
والدليل هو انتشار حمى الضنك.. فالإصابة بهذه الحمى تتضاعف على الرغم من حرص وزارة الصحة على الإعلان أن عدد الإصابات يتراجع، وإن كان هذا صحيحا فقد أظهرت أرقام تقول إنه أصيب بحمى الضنك عشرة مواطنين ثم ارتفع الرقم إلى اثني عشر، وإذا كانت هذه الأرقام صادرة عن وزارة الصحة فإن ما خفي أعظم. مع ذلك فليست هذه هي القضية؟
القضية هي انتشار بعوضة الضنك التي تتسبب في هذه الحمى. وهي حمى مخيفة تصفها الدكتورة ''إلهام طلعت قطان'' باحثة الفيروسات وعضو هيئة التدريس في جامعة ''طيبة في المدينة المنورة'' بأنها تبدأ بحمى مستمرة ترتفع معها درجة حرارة المريض إلى أربعين درجة، مع صداع شديد واحمرار العين وألم في المفاصل والعضلات واضطراب في الجهاز الهضمي وفقدان الشهية والقيء وطفح جلدي ينتشر في أطراف المريض. مسألة مخيفة. يصبح المهم ما هو السبب في ظهور هذه البعوضة القاتلة وانتشارها في ''جدة''. السبب بسيط وغريب في الوقت نفسه، السبب هو تزايد المستنقعات ومياه المجاري التي تغطي الشوارع، خصوصا بعد السيول التي تعرضت لها ''جدة'' أخيرا يعني - وهذا هو الغريب - أن القضاء على هذه المستنقعات هو نفسه القضاء على هذه البعوضة القاتلة، والخبراء جميعهم متفقون على ذلك.. يعني أيضا أن ''الوقاية خير من العلاج'' يصبح السؤال: لماذا لا يتم القضاء على هذه المستنقعات أولا بأول، حتى لا نوفر المناخ الملائم لوجود هذه البعوضة وانتشارها؟!
إن المواطنين في لؤلؤة البحر الأحمر ''جدة'' يشكون مر الشكوى من كثرة المستنقعات ومياه المجاري التي تغطي الشوارع، والتي توفر الجو الملائم لظهور بعوضة الضنك القاتلة.
الاتهام ليس موجها لوزارة الصحة، برغم دورها المهم والضروري لعلاج المواطنين من هذه الحمى.. والتوعية الصحية لتلافي التعرض لها، الاتهام موجه إلى أمانة ''جدة'' والشركة الوطنية للمياه التي تتولى أيضا بعض الأعمال في المياه والصرف الصحي. وهما الجهتان المنوط بهما القضاء على مخلفات الأعمال التي تصنع المستنقعات، والتي بدورها تجهز المناخ المناسب لظهور بعوضة الضنك وانتشارها.
إن ما يتردد عن أن هذه البعوضة مستعصية على القضاء عليها يزيد مخاوفنا، لكن يظل الأمل قائما في أن تصل الحكمة القديمة إلى المسؤولين في محافظة ''جدة''.