اختلافاتنا .. كيف نوجهها إلى الأفضل!!
يعتبر العقل هو المحك الأول في شغل الفرد دورا ما في مهنته أو مكانة تحترم في أسرته من خلال دوره بل وحتى في مجتمعه بشكل عام، فطريقة التفكير والأسلوب المتبع من الفرد للتعاطي مع الموضوعات وطريقة طرح الحلول للمشكلات المختلفة التي تحيط به أو تعترضه، كل تلك العوامل كفيلة باجتياز اختبار تقدير الذات من عدمه؛ حيث إن تقدير الذات هو نتيجة أساسية ومباشرة لتقدير الآخرين للفرد، فالهدف الأساسي هو الوصول إلى حلول ولكن بأقل قدر من الخسائر، وهذه هي المعادلة الناجحة من منطق النضج العقلي والانفعالي والنفسي أيضا.
ولعل إلقاء نظرة سريعة على تاريخ العالم العربي يجعلنا نرى كثيرا من العلوم الحديثة التي وضع أساسها المسلمون والعرب، حيث كان لديهم أسس كثيرة للاستدلال والتفكير، وكان تعاطيهم مع الوقائع يتم بمنطقية وعلمية شديدة، فقد عرف العرب بالحكمة ورجاحة العقل والبلاغة وغيرها من الأمور العظيمة، ولكننا لو ألقينا نظرة على العرب في الوقت الراهن لوجدنا أن أحوالهم وأوضاعهم تدمي القلب ليست السياسية فقط بل الاجتماعية أيضا والعلمية وغيرها من المجالات، وهي ليست نظرة تشاؤمية بل هي الواقع المرير الذي لا يريد الاعتراف به الكثيرون، حيث تعمل الميكانزمات الدفاعية لإنكار هذه الفكرة عند عدد غير قليل من الناس.
ولو نظرنا إلى أسباب الفرقة تحديدا بين الأفراد في العالم العربي لوجدنا أنها ببساطة شديدة تقوم على الاختلافات من أكبر نقطة وحتى أصغر نقطة فلا مجال لرأي الغير، ومع أن الكثيرين يحفظون تلك العبارة التي تقول «اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية» إلا أنه ومع ذلك هم يرددونها كالببغاء دون أن يكون لديهم أدنى إدراك لمفهومها، فليس من الضروري أن أكره كل من يخالفني الرأي أو أقطع الصلة الاجتماعية به أو أنظر له نظرة دونية، بل لا بد من استيعابه وإدراك مواقع ومواطن الاختلاف لعلها تكون مصدر نفع وفائدة، فمن المؤسف أنك عندما تتناقش مع شخص في فكرة أو موضوع تجده قسرا يريدك أن تقتنع بفكرته ويرى أن لا سبيل إلا أن تقتنع، وللأسف فإن المتغير التعليمي الذي نتوقع أن يكون حاسما إيجابيا في هذه القضية للأسف كان هو العامل المرجح لاستفحال هذا الموضوع، وذلك عندما يقتنع الشخص بأن فكرته صحيحة ومبرره الوحيد فقط لأنه يحمل شهادة معينة حتى وإن لم تكن تلك الشهادة في مجال التخصص المختلف عليه، ولكنه يعتقد لأنه متعلم أكاديميا فقط بأنه هو الأفضل، وأن من حقه أن يفرض رأيه على من يريد .. لا أدري ولكننا نحتاج إلى أن نختلف اختلافا إيجابيا حتى نساعد على تطور مجتمعاتنا، فالباحث الذي يختلف مع زميله ويهدف إلى إلغاء فكرته هو بذلك ألغى مفتاحا مهما جديدا لانبثاق فكرة ربما تكون فكرة إيجابية.. إذاً الاختلاف الإيجابي لا بد أن يكون؛ أما أن يكون الفرد العربي مستمرا على التفكير والإصرار على الاختلافات السلبية، فهيهات أن نبني أو نعمر مجتمعاتنا العربية.