اكسب 100 مليار

ليست مبالغة ولا دعوة خيالية، بل هي دعوة حقيقية لوطننا وأبنائه لإعادة حقهم المشروع من بين يدي ما يزيد على 150 ألف عامل أجنبي يعملون في 54 ألف بقالة، وهم جزء من 800 ألف عامل أجنبي يعملون في 200 ألف محل تجاري في قطاع التجزئة تشكل في مجملها حجم أعمال يزيد على 140 مليار ريال سنويا وفقًا لما صرح به رئيس اللجنة الوطنية التجارية، الذي قدر حجم التستر في هذا المجال بـ 80 في المائة.
وفي تقييم لجهود السعودة في نجاحاتها وإخفاقاتها نجد أن قرارات السعودة تنجح في القطاعات التي لا يمثل رجال الأعمال السعوديون المستثمرين الرئيسيين، كما في قطاع بيع الخضار والفواكه، حيث كان العمال الأجانب يعملون ويمتلكون الاستثمارات في هذا القطاع، ولذا لاقت جهود السعودة في هذا القطاع نجاحًا فاق سواه من القطاعات وظهرت فرص استثمارية لشباب سعوديين غير متوقعة واكتشف الشباب مجالاً خصبا فتحت على أثره بيوت وانتقل عشرات الشباب من أسر البطالة إلى نعيم تذوق لقمة العيش من كدح أيديهم وبطعم قطرات العرق الشريف من جباههم.
على الجانب الآخر، فإن جهود سعودة وظائف سيارات الأجرة لم تستطع أن تصمد أمام اعتراضات ملاك الشركات التي توظف مئات السائقين الأجانب وتستثمر عشرات الملايين من الريالات؛ لأن تلك الجهود هددت استثماراتهم وأوشكت أن تقلل من أرباحهم، وليس بسبب عدم وجود شباب سعوديين قادرين على قيادة سيارات الأجرة أو صعوبة هذه المهنة، فمشاهداتنا ترينا عشرات الشباب خلف مقود سيارات الأجرة في منافسة غير متكافئة مع السائقين الأجانب، بل يقابلنا العشرات من الشباب السعوديين أمام بوابات القدوم يعرضون خدماتهم على سياراتهم الخاصة.
لذا، فإن المسؤولين في وزارة العمل مدعوون لاتخاذ قرار متدرج بسعودة وظائف البيع في البقالات ومن ثم باقي محال البيع بالتجزئة، نظراً لأن هذا القطاع أشبه بمجال بيع الخضار والفواكه، حيث لا يوجد فيه مستثمرون كبار سيدافعون عن مصالحهم بضراوة حتى لو تعارضت مع مصالح الوطن.
وسيكون لقرار كهذا إيجابيات ضخمة تفوق 100 مليار سنويا المتحققة على الصعيد المالي التي سيعاد ضخها في الاقتصاد الوطني بدلا من رحيلها باتجاه واحد دون رجعة، ومن الإيجابيات إنقاذ مئات الآلاف من الشباب السعودي من شبح البطالة بما له من تبعات أمنية واجتماعية واقتصادية ومثلهم من الفتيات اللاتي سيسعدن بالزواج من شباب الوطن العامل المفتخر بإنتاجه وعمله. وستتحقق الجهات الأمنية التي تبذل جهودا كبيرة في التصدي للسلوكيات الخاطئة للشباب بدءا من تعاطي المخدرات والسرقة وحتى التفحيط، والمعاكسات بدورها ستحقق انخفاضًا في سجلات وقوعاتها التي ترتبط بالفراغ والبطالة، كما سيسعد كل أب وكل أم عند رؤيتهما ابنهما عائدًا متعباً بعد صلاة المغرب أو العشاء بدلاً من معاناتهما السابقة في إيقاظه لأداء الصلوات من سباته العميق الذي ينتقم به من إحباطاته وآلامه، وكذلك سيرتاحان من اتصالاتهما به تترى ورجاءاتهما له للعودة قبل منتصف الليل. كما سيتحول شعور الشباب من الإحباط الذاتي والنقمة على المجتمع إلى الشعور بالسعادة وتقدير الذات والطموح والأمل والسعي إلى البناء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي