الانتهازية البغيضة لدى البعض

رغم أننا مسلمون بالفطرة وتوارثنا أخلاق الإسلام. ورغم أننا نملك إرثا تاريخيا من مكارم الأخلاق العربية إلا أننا نجد بعضنا، يتعامل مع أفراد مجتمعه بأنانية، زد على ذلك أنه يتناسى كل هذه القيم والأخلاق عندما يكون بعيدا عن أعين الناس، متناسيا أن الله تعالى يسمع ويرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء. أستغرب من حالنا هذا مقارنة بمجتمع بعيد كل البعد عن الإسلام وتعاليمه، كمجتمع اليابان وما حصل عندهم بعد كارثة التسونامي الأخيرة، فكانت تصرفاتهم مثارا للعجب العجاب. خذوا معي بعض الأمثلة مما قام به هذا المجتمع العجيب في هذه الكارثة ـــ حمانا الله وإياكم من الكوارث كافة -: هدوء المجتمع وسكينته في التصرف مع ما حصل. انتظامهم في الحصول على المعونات من ماء وغذاء بعيدا عن الفوضى والأنانية، الناس هناك لم يجلبوا إلا احتياجاتهم اليومية فقط دون إسراف أو تخزين للمؤن أو تجاوز لحاجات الآخرين، لم نسمع عن سرقات للمحال أو تجاوزات أو فوضى في النظام العام أو حتى المروري، زد على ذلك تعاون الشعب فقد خفضت المطاعم من أسعارها. وفي مثال آخر، عندما انقطع التيار الكهربائي في أحد المتاجر أرجع كل شخص من المتواجدين في المتجر حاجته على الرف وهموا بالخروج بهدوء والانتظار خارج المتجر، إضافة إلى إعطاء الأولوية لذوي الاحتياجات الخاصة في الحصول على المعونات والمواد الأساسية في تصرف ذاتي وتلقائي. والمثال الأخير الواضح هو حسن التصرف وقت الأزمة، حيث كانوا يتصرفون بخطى موزونة وثابتة طبقا لإرشادات قد تعلموها من قبل.
في المقابل كيف نجد تصرف البعض في مجتمعاتنا العربية؟ دعوني أعطيكم أمثلة أيضا مما نراه من حياتنا. الفوضى التي تحدث في أي مكان عام عندما يختل النظام. الفوضى التي تحدث عند تعطل إشارة المرور، الانتهازية وكسر الحواجز في أي طابور، التزاحم والتدافع عند توزيع أي شيء بلا انتظام، تخزين الكثير من المواد عند أي إشاعة أو ظاهرة دون الاكتراث بالآخرين، انتهازية واستغلال من بعض التجار في رفع أسعار البضائع مسايرة لأي إشاعة أو زيادة في الرواتب. عدم إعطاء ذوي الاحتياجات الخاصة حقوقهم كما نرى ذلك في استغلال أماكنهم الخاصة لسياراتهم.. كل ذلك يحدث من بعضنا في وقت السلم، فما بالكم ما سيحدث في أوقات الكوارث، لا سمح الله! أعتقد أنه لابد لنا من العودة إلى تطبيق وصايا رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ ولابد للخطاب الديني والاجتماعي أن يناقش طبيعة التعاملات البشرية، خصوصا فيما يختص فيها بحقوق الفرد وحقوق المجتمع والآخرين. كما أعتقد جازما بأهمية قيام مؤسسات المجتمع كافة بتطبيق تجارب فرضية لكوارث محتملة. ولا يستثنى منها أي جهة كانت، بل جميع الجهات الذي يتواجد فيها بشر. وعلى الدفاع المدني تثقيف المجتمع بالتصرف السليم أثناء الكوارث وذلك بصورة مكثفة جدا ومستمرة حتى تصبح معلومة بديهيا للناس كافة.

جدة

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي