موسم اللجان الاستثنائي
شهد دوري زين للمحترفين هذا الموسم أحداثا عاصفة، ووقائع ملتهبة، وسيناريوهات متقلبة سلطت الأضواء، وركزت المجهر على مختلف لجان الاتحاد السعودي، وسحبت البساط من أقدام اللاعبين، وكانت بمثابة اختبار قدرات لسير أعمالها، وقياس أداء لمنظومة لوائحها، وتقويم لجميع قراراتها، وكنا نتطلع إلى حلول عادلة، وقرارات منصفة تستند إلى مواد واضحة تقضي على الاجتهادات العشوائية، وتقلل من آثار الآراء الخاطئة التي تتعارض مع نصوص اللوائح، وتتصادم مع موادها حماية لجميع الأندية المتضررة، وحفاظا على حقوقها، إلا أن ما صدر عنها من قرارات متسرعة، وبيانات هشة، وتصريحات غير موضوعية أدى إلى جملة من المساوئ، وحزمة من السلبيات تسببت في احتقان الوسط الرياضي، وساعدت على تأجيج نبرة الاحتجاجات، وأسهمت في تصاعد لغة الاتهامات العلنية، وليت الأمر اقتصر على هذه الأمور فحسب، بل تجاوزها إلى بوابة التشكيك في الذمم.
ولو استعرضنا نماذج من قرارات اللجان العجيبة، وأمثلة من بياناتها المتداخلة لوجدنا أنها أصدق دليل وخير برهان على عدم نجاح اللجان، فقضية بدر الخميس لاعب التعاون تفرق دمها بين ''الاحتراف''، و''الفنية''، و''القانونية'' و''الاستئناف''، في تهرب صريح، وانكفاء غير مبرر، رغم وضوح اللوائح، إلى أن انتهى الأمر بإخماد لهيب هذه القضية عبر اللجوء إلى ''فيفا''، وحين نلقي نظرة على لجنة الانضباط الحالية نجد أنها ليست أفضل حالا من سابقتها، فمن التفاوت في تطبيق العقوبات إلى إصدار قرار مصيري، ورأي قاطع، عبر بيان حاسم غيّر لعبة كراسي دوري زين بهبوط فريق، وبقاء آخر، وتعديل قرعة بطولة أخرى، تعويلا على شكوك قوية، واستئناسا بخبرة لجنة وتجربتها، دون أن تقدم أدلة صريحة ووقائع مثبتة تزيل الشك وتقطع جذور أي اعتراض!
أما لجنة التحكيم فسارت على خطى تلك اللجان، حيث تفنن بعض الحكام في وأد طموحات الأندية، ومصادرة حقها المشروع، وإلا ما الفائدة المرجوة والثمرة المتحققة من جدوى الاستعانة بحكام أجانب ليسوا على قدر الطموح، ولماذا الإصرار العجيب للجنة على إسناد المباريات المهمة لحكم اتفق رؤساء أندية على أدائه المهزوز، وتحكيمه الضعيف، وتقديره غير الموفق، وما مباريات النصر والتعاون، والاتحاد والفيصلي، والشباب والأهلي إلا إدانة صريحة للحكم العريني، وإثبات مؤكد من قبل المحللين على أخطائه المتكررة، التي باتت الشرارة لردود الأفعال المتشنجة، والتصريحات غير المسؤولة، سواء من قبل الجماهير أو إداريي الأندية أو اللاعبين، الذين عوقبوا بغرامات مالية، وشعور بالقهر والغبن، مقابل مكافأة الحكام بإضافة مباريات حاسمة ومهمة إلى سجلهم التحكيمي، ولو أن الأمر اقتصر على ضربة جزاء تقديرية، لردد هؤلاء المتضررون بصوت واحد: ''حنانيك بعض الأخطاء أهون من بعض''، ولكن السلبيات بلغت حدها، والتجاوزات وصلت مداها، واللجنة آخر من يتدخل!
وعندما نستعرض قرارات اللجنة الفنية فإننا نستطيع الحكم عليها من خلال قرار واحد لا يتعلق بدوري زين، وإنما بمسابقة دوري الناشئين، فليس من المعقول أن يبقى احتجاج حبيس أدراج اللجنة أربعين يوما لا تبت فيه، وكاد يتسبب في مشكلة تتويج فريق على حساب آخر!
أما الأمانة فلم تكلف نفسها فك طلاسم لائحة العقوبات الآسيوية، وإيقاف لغط الشارع الرياضي، وجدله الذي لا ينتهي حول قائمة الموقوفين، وهل تنسحب على المسابقات المحلية أم لا؟
لقد أحرجت قرارات بعض اللجان الاتحاد السعودي الذي بادر بالاستعانة بالصديق ''فيفا''، وسارع إلى تفسير ''الآسيوي''، لإنقاذ الوسط الرياضي من أخطاء اللجان، ومتاهات اللوائح المتناقضة، وسطحية الاستدلال، وضعف الحجة، وتداخل أعمال اللجان وتشابكها مع بعضها بعضا، فالكرة السعودية أصبحت على المحك، والدوري أصبح يفقد هيبته، والعقوبات باتت انتقائية، والمشجع أصيب بالإحباط، والفرق توارى تألقها، ولعل خروج ثلاثة فرق سعودية من دوري أبطال آسيا لمؤشر على سوء البرمجة للمسابقات المحلية، وقلة كوادر اللجان المتخصصة والخبيرة، وبما أننا على مشارف الموسم، فلا بد من وقفة متأنية، ومراجعة صادقة لهيكلة اللجان، وتجنب الازدواجية فيها، وصياغة اللوائح بدقة وقانونية، وضخ دماء على قدر من الكفاءة والخبرة، لنعيد بريق كرتنا كما هي عادتها في المحافل الرياضة.
مداد بإيجاز
- نور.. العلامة الفارقة في الاتحاد، أقال المدرب أوليفرا، وقاد الفريق بذكائه المعهود، وخبرته الثرية لدور الثمانية الآسيوي.
- انتقلت عدوى دراجان المتخبط إلى الجهاز الإداري، الذي حرم النصر من أبرز نجومه أمام الاتحاد، رغم تعدد وسائل التقنية الكفيلة بحل إشكالية الموقوفين.
- إسناد مباراة الشباب والأهلي إلى خليل جلال كان الخيار الأمثل بعد تعذر حضور الحكم الأجنبي!