تعزيز تنافسية وتألق الاقتصاد القطري

العالمية هي السمة البارزة للاقتصاد القطري، إذ يعد هذا صحيحا فيما يخص الصدارة بالنسبة لتصدير الغاز الطبيعي المسال، فضلا عن استقطاب بطولة كأس العالم لعام 2022. كما يحسب للاقتصاد القطري تألقه في مجال التنافسية بدليل حصوله على المرتبة الثامنة في تقرير التنافسية الدولية لعام 2011 مقارنة بالمرتبة رقم 15 في تقرير 2010.
وحصلت قطر على هذه المرتبة المتميزة من بين 59 اقتصادا مشمولا في التقرير الذي يصدره المعهد الدولي للتنمية الإدارية ومقره مدينة جنيف السويسرية. مؤكدا، يعد هذا الأداء إنجازا بالنظر لتمتع سبعة اقتصاديات وهي على التوالي: هونج كونج، الولايات المتحدة، سنغافورة، السويد، تايوان، وكندا في وضع تنافسي أفضل من الاقتصاد القطري.

مواطن القوة والضعف
يتميز تقرير التنافسية الدولية بالكثير من المزايا الإيجابية من قبيل اعتماده على مزيج من الأرقام والآراء. فمصادر معلومات التقرير عبارة عن البيانات والإحصاءات، فضلا عن مديري الشركات ورجال الأعمال. وقد قدم التقرير تقييما لوضع 59 اقتصادا عالميا لا أكثر بالنظر لصعوبة الحصول على معلومات دقيقة عن عدد من الدول.
وتبين من التقرير قدرة الاقتصاد القطري على تحقيق نتائج لافتة على معايير الأداء الاقتصادي الكلي والكفاءة الحكومية وكفاءة قطاع الأعمال. حقيقة القول، يذهب جانب من هذا الرصيد للحكومة، حيث تشكل نفقاتها نحو 30 في المائة أو ربما ثلث الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. حديثا فقط، كشفت الجهات الرسمية عن ميزانية السنة المالية 2012 ــ 2011، حيث تبلغ المصروفات 38.5 مليار دولار بزيادة 25 في المائة عن الأرقام المعتمدة للسنة المالية السابقة.
بيد أنه تتأخر قطر على معيار البنية التحتية لأسباب عملية، منها عدم توافر شبكة قطارات داخل البلاد والاعتماد المبالغ فيه للناس على سياراتهم الخاصة لتنقلاتهم. لكن يعبث على الاطمئنان توقع قيام السلطات القطرية بصرف مليارات الدولارات على مختلف المشاريع التنموية في البلاد في إطار الاستعداد لاستضافة فعاليات كأس العالم 2022.

التنافسية الاقتصادية
حسب أحد التقارير المعتبرة، قد تفوق قيمة النفقات استعدادا للحدث حاجز 100 مليار دولار. من جملة الأمور، تهدف النفقات إلى تغطية تكاليف مشاريع حيوية، مثل تكاليف إنشاء شبكة قطارات داخل الدوحة وضواحيها بتكلفة 25 مليار دولار. وتشمل المشاريع الأخرى تطوير شبكة الطرق والمطار والمنشآت الرياضية، فضلا عن تعزيز مصادر للطاقة للحدث الكروي العالمي.
يلاحظ في هذا الصدد وجود نوع من الانسجام لأداء الاقتصاد القطري فيما يتعلق بمسألة التنافسية. وكانت قطر قد حصلت على المرتبة رقم 17 من بين 139 اقتصادا مشمولا في تقرير التنافسية الاقتصادية لعام 2011 ــ 2012 ومصدره المنتدى الاقتصادي العالمي. وكما هو الحال مع تقرير التنافسية الدولية، تتمثل المنهجية المستخدمة في صياغة مؤشر التنافسية العالمية بجمع المعلومات العامة المتوافرة، إضافة إلى استطلاعات رجال الأعمال.
يستند مؤشر التنافسية إلى 12 متغيرا موزعا على ثلاثة محاور رئيسة، وهي أولا، الركائز الأساسية وثانيا، محفزات الكفاءة وثالثا، التطور والابتكار. وتتمثل هذه المتغيرات في المؤسسات، البنية التحتية، الاستقرار الاقتصادي الكلي، الصحة والتعليم فيما يخص محور الركائز الأساسية. في المقابل، يتكون محور محفزات الكفاءة من التعليم العالي والتدريب، كفاءة سوق السلع، كفاءة سوق العمل، تطور سوق المال، الجاهزية التقنية وحجم السوق. كما يتكون محور التطور والابتكار من ركيزتي تطور الأعمال والابتكار.

إنجاز للمنطقة
تمكنت قطر من تحقيق هذا المركز المتقدم على خلفية متغيرات جوهرية وتحديدا، نمو الأسواق المحلية، وزيادة كفاءة مجتمع الأعمال الوطني مدعوماً بمبادرات القطاع التجاري لتنفيذ مشاريع حيوية، مثل المجمعات التجارية، وتنمية القدرة على الإبداع من خلال نظام التعليم الجامعي ذي المستوى العالمي الذي تدعمه الدولة، وزيادة مراكز الأبحاث المتخصصة. تحتضن المدينة الجامعية فروعا لعدد من الجامعات الأمريكية، مثل كورنل في مجال الطب، إضافة إلى كارناجي ميلون وجورج تاون. مثل جورج تاون. كما نجحت قطر في الآونة الأخيرة في استقطاب مؤسسات بحثية مرموقة لتنفيذ الأبحاث من قبيل معهد بروكينز الشهير الذي يتخذ من العاصمة الأمريكية واشنطن مقرا له.
يلاحظ في هذا الصدد نجاح قطر في تطوير أدائها على بعض متغيرات المؤشر بشكل غير مباشر من قبيل الصحة على خلفية استثمار السلطة أموالا ضخمة في القطاع في الفترة التي سبقت استضافة العاصمة القطرية النسخة الـ 15 للألعاب الآسيوية في 2006. كما أشرنا، فقد حصلت قطر على شرف استضافة كأس العالم 2022، الأمر الذي يتطلب توظيف إمكاناتها لتطوير مختلف جوانب الحياة في البلاد بما في القطاعات الخدمية، فضلا عن البنية التحتية.
وكما هو الحال مع تقرير التنافسية الدولية، جاء ترتيب قطر في تقرير التنافسية الاقتصادية أفضل من بعض الاقتصادات العالمية المميزة، مثل الصين وماليزيا وكوريا الجنوبية. وفي كلا التقريرين، يعتبر أداء قطر الأفضل بين الدول العربية والإسلامية قاطبة. بل يسهم نجاح قطر، أي الدولة العضو في تعزيز سمعة ومكانة مجلس التعاون الخليجي، وهي المنظومة التي تعيش هذه الأيام الذكرى الـ 30 على تأسيسها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي