التنفيذيون والقوة الناعمة
القوة الناعمة أو اللينة اصطلاح ومفهوم طرحه البروفيسور جوزيف ناي Joseph S. Nye, Jr في جامعة هارفرد.. ويؤكد أن القوة الناعمة جزء من قيمنا الموجودة في ثقافتنا.. والقوة الناعمة لها تأثير على الإنسان؛ لأنها توجه مسار شعوره تجاه شيء ما.. ولا تعني الإقناع فقط، بل الإغراء والجذب وقوة التأثير والاستقطاب الذي غالبا ما يؤدي إلى الرضوخ والتقليد والإذعان والقدرة على التأثير على سلوك الآخرين.
وفي عالم المال والأعمال، المسؤولون التنفيذيون وخلال عملهم اليومي يديرون موظفيهم أداءً وسلوكا للقيام بما يسند إليهم من مهام، سواء كانت دائمة أو عابرة بأساليب إدارية مختلفة، ومن أبرزها القوة الإدارية الناعمة والقوة الإدارية الصلبة أو القاسية.. والقوة الناعمة تدفع الموظف إلى الإبداع، ولكن قد توصف هذه الإدارة بالضعف.. وفي حالة القوة القاسية فإنه يغيب الالتزام بغياب الرقابة ويضعف الإبداع الذي هو في الأساس مرهون بالطمأنينة التي يحس بها الموظف أثناء تأدية عمله، ولكن من إيجابياتها الانضباط الملحوظ في العمل.
وتعد القوة الناعمة في بيئة العمل من النماذج الفاعلة التي تهدف إلى الوصول لبيئة عمل أكثر كفاءة وإنتاجا.. في وقت تجمع دراسات عدة على أن معظم الموظفين يفتقدون الولاء والإخلاص للمؤسسات الأهلية التي يعملون بها، ومن المسببات الشائعة التي تقف وراء ذلك، وتتفاوت من إدارة إلى أخرى، على سبيل المثال الشعور بعدم وجود الحوافز المعنوية أو المادية.. ومن مظاهر ضعف الانتماء للمؤسسات في حالة القطاع الخاص مثلا عدم الإقبال على العمل بروح متفانية والإهمال الذي يضعف الإنتاج في مواجهة مؤسسات منافسة. والمديرون التنفيذيون القديرون يعرفون أن القيادة ليست مجرد مسألة إصدار الأوامر للعاملين، ولكنها تنطوي أيضا على القيادة بالقدوة وجذب الآخرين لعمل المطلوب من أجل تحقيق الأهداف المشتركة في المؤسسة.. على الرغم أن توجيه اللوم إجراء علاجي ووقائي، ولقد فهم بعض التنفيذيين ومنذ فترة طويلة معنى القوة الناعمة التي تأتي من الجاذبية والترغيب، وبالتالي استخدام الحوافز الايجابية (الجزرة) بدلا من الحوافز السلبية (العصا).
القوة الناعمة.. وببساطة.. قوة جاذبة وتميل إلى أن تكون مرتبطة في النهاية مع السلوك والمثالية وقيم ومبادئ أسس العمل.. والقوة الصلبة تعتمد علي المراقبة الصارمة والإنذارات والحسومات من أجل تحقيق التعاون والعمل المطلوب.. في حين ترتبط عادة موارد القوة الصلبة مع سلوك الأمر الثابت، وأحيانا كثيرة تتداخل القوتان مع بعضهما بعضا.. وتؤكد الدراسات أن القيادة الإدارية في ظل هذا العالم المتطور والمتسارع والمتقلب بإيقاعاته وثورة المعلومات والاتصالات ستعتمد أكثر علي القوة الناعمة والتي سيكون لها تأثير ايجابي لتوفير بيئة العمل الملائمة.
صفوة القول، أن التنفيذيين قد يفقدون من قدراتهم على التأثير على سلوك الآخرين من دون استخدام القوة الناعمة والتي يعود جزء كبير منها إلى براعتهم.. والقوة الحقيقية تكمن في تسخير القوة الناعمة في السياسة الإدارية اليومية؛ وذلك لقدرتها في تنمية وتطوير العمل وتحفيز العاملين بدلا من إجبارهم.. وهي مرتبطة بأمور عدة غير ملموسة، مثل: الشخصية الجذابة والثقافة وقيم العمل.. وكذلك في حالة التعامل مع الزبائن مثل: الاستراتيجية والتكتيك ووضوح الرؤية وسمعة العلامة التجارية والأفكار الأخرى، كل هذه الأشياء غير الملموسة التي من شأنها أيضا أن تساعد على جذب زبائن القرن الـ 21.