النصر وتخبطات دراجان
منذ العام الماضي والإدارة النصراوية تسابق الزمن، وتستحث الخطى، معلنة استراتيجية طموحة، وخريطة طريق للارتقاء بمستوى الفريق، وإعادة وهجه، واستعادة أمجاده، بعد سنوات ضياع ترنح النصر فيها لابتعاد جيل النجومية وعمالقة الإبداع والتميز، سواء على مستوى اللاعبين المميزين أو الإداريين المحنكين، فتعاقدت إدارة الأمير فيصل بن تركي مع المدرب الإيطالي زينجا رغم التحذيرات من سجله التدريبي الهزيل، ورداءة نتائجه مع العين الإماراتي، ورغم ذلك بدأ زينجا مسيرته مع النصر متابعا من المدرجات آخر مباريات دوري زين 2010.
ومنذ ذلك الوقت انتظر النصراويون بشغف بالغ، ولهفة مستمرة، وترقب دائم، ما سيقدمه الحارس الإيطالي الذي بدا أنه لم يكن طموحا لجماهير تتطلع إلى نصر مشرق يعيد ابتسامتها، وإلى فارس يكافئها على صبرها ودعمها المتواصلين، ولعل جلب زينجا أنصاف اللاعبين المحترفين يثبت فشله بالدليل القاطع، إذ اتضح للمتابع العادي ضعف أدائهم الفني من أول إطلالة لهم على المستطيل الأخضر في معسكر إيطاليا الاستعدادي لهذا الموسم.
وتعالت أصوات جماهير النصر مبدية عدم رضاها عن هؤلاء اللاعبين إلا أن الإدارة ظلت متمسكة برأيها، حتى تدهورت نتائج الفريق، وفقد هويته، وغابت منهجيته، وحينها تزعزعت ثقة الجماهير بالفريق وزينجا وأجانبه. وجاء الفرج حينما توقف الدوري لمشاركة الأخضر في كأس الخليج الماضية، وترقبت الجماهير خطوات الإدارة التصحيحية، لإصلاح ما أفسده زينجا، بجلب مدرب متميز يستطيع توظيف اللاعبين، واللعب بتكتيك يعيد للنصر تألقه، وإحضار لاعبين أجانب بارعين كما هي عادة النصر في اختياراته سابقا، إلا أن المحظور وقع، والمستور انكشف، فأخطأت الإدارة الاختيار، بل جانبها الصواب عندما استقدمت مدربا مغمورا تم إبعاده من أحد أندية الكويت، وغضت الطرف عن تغيير الأجانب نظرا للضائقة المالية التي وقع فيها النصر، واستقرت على بدر المطوع خيارا وحيدا بديلا لرزافان أسوأ لاعب أجنبي عرفه الأصفر على مر التاريخ، والإبقاء على رفاقه على طريقة" الجود من الموجود"!
وابتدأت فصول فقدان الأصفر هويته، مع المدرب الكرواتي دراجان الذي تولى مهمة تدريب الفريق خلفا لزينجا بعد انقضاء الجولة الـ16 وقدم النصر أسوأ أداء كروي تحت إشرافه، متمثلا في نسبة تهديفية ضعيفة، ودفاع مكشوف، ووسط تائه، وعدم ثبات على تشكيلة واحدة، مع تغيير في مراكز اللاعبين، لدرجة أن الفريق تلقى في بقية جولات زين التي أشرف عليها هذا المدرب ثلاث خسائر وتعادل مرتين ولم يفز إلا على ثلاثة فرق تصارع على الهبوط وبشق الأنفس.
لقد قدمت إدارة النصر الكثير منذ تسلمها دفة الفريق على الصعيد المحلي إلا أنها افتقدت الخبرة الإدارية والفنية في الأهم، مما أسهم في تواضع النتائج، وغياب الروح، وتذبذب الأداء، فالأجانب المقالب ظلوا أسيري دكة الاحتياط بدلا من الاستفادة منهم على أرض الميدان، والمدربان المتخبطان أحبطا عودة الفريق، وظل الجهاز الإداري يقدم رجلا ويؤخر الأخرى، بين استقالة وعودة، أما الجهاز الطبي فلم يكن أفضل حالا، وأثر بشكل واضح في تجهيز اللاعبين المصابين، وخير مثال إصابة برناوي، الذي حرم الفريق من خدماته أكثر من ستة أشهر، رغم أن إصابته لم تكن بالقوية، وهكذا توالت المشاكل، وتتابعت الأخطاء إلى أن وجد النصر نفسه خارج المنافسة على أحد المراكز التي تشفع له بالمشاركة الآسيوية في الموسم القادم، ولم يتبق للنصر إلا مباراة الأربعاء المقبل المهمة والصعبة في إيران أمام ذوب آهن، ومنافسات كأس الأبطال.. فهل تبادر الإدارة النصراوية بإقالة دراجان، وتقتدي بنظيرتها الاتحادية، ولو من باب رفع الروح المعنوية الهابطة بدلا من تركه يتخبط فيما تبقى من منافسات مهمة؟