مجلس التعاون .. من الخليج إلى المحيط

لا أعتقد أن هناك خبراًً فاجأ الناس، مثل الإعلان عن ترحيب قادة دول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم التشاوري الأخير بطلب الأردن الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، والإعلان عن الاتصال بالمغرب ودعوتها للانضمام إلى المجلس، وتكليف وزراء الخارجية بدعوة وزيري خارجية الأردن والمغرب للدخول في مفاوضات لاستكمال الإجراءات اللازمة لذلك.
هذا الإعلان الذي لم يكن متوقعاً، يعني تطوراً سيغير من صيغة المجلس، ومن نظامه الأساسي الذي أقر في القمة الأولى في أبوظبي قبل ثلاثين عاما، والذي حدد عضوية المجلس بدوله الست.
نجاح مجلس التعاون الخليجي قياساً إلى فشل مجلس التعاون العربي الذي كانت الأردن أحد أعضائه، أو قياسا إلى الجمود الذي يعاني منه الاتحاد المغاربي الذي تعد المغرب إحدى أعضائه، أو حتى قياساً إلى تراجع دور وتأثير الجامعة العربية، يعد عامل جذب لعديد من الدول العربية.
مجلس التعاون الخليجي إذا ما اكتملت إجراءات انضمام الأردن والمغرب إليه سيصبح قوة بشرية تضم 80 مليون نسمة، مدعومة بقوة اقتصادية كبيرة تشكلها دول المجلس الست، وإذا ما انضمت اليمن إلى المجلس بعد تجاوز أزمتها الحالية، سيتجاوز عدد سكان دول المجلس المائة مليون نسمة.
انضمام الأردن والمغرب إلى مجلس التعاون يتطلب عديدا من الإجراءات، تبدأ بتغيير اسم المجلس، وتمتد إلى الإجراءات الاقتصادية التي يتوجب على المجلس اتخاذها، بحكم أن العضوين الجديدين بحاجة إلى دعم اقتصادي كبير، وفتح مجالات عمل لمواطنيهما، وهذا سيشكل مزيداً من الضغط على وضع العمالة المحلية في دول المجلس التي تعاني من ضغوط العمالة الأجنبية، مما يستدعي إعادة النظر في تركيبة العمالة في دول المجلس، وتقليص العمالة الآسيوية التي تجاوزت أعدادها في بعض دول الخليج عدد المواطنين، كما سيتطلب الأمر إعادة ترتيب أولويات المجلس، والتركيز على القضايا الاقتصادية والأمنية.
هذه الخطوة وإن كانت محل ترحيب عديد من الفعاليات الرسمية والشعبية في الأردن والمغرب، إلا أنها أثارت حساسية عديد من الدول، من بينها إيران التي ترى أن أي تعاون عربي ــ عربي، سيحد من تحركاتها في المنطقة العربية.
تفاصيل الانضمام، ومدى إمكانية تحقيقه، خاصة بالنسبة للمغرب البعيدة جغرافياً، والتي لها شراكة اقتصادية مع بعض دول الاتحاد الأوروبي، لم تتضح بعد، فهل ستتم دعوة البلدين مبدئياً بصفة مراقب حتى تكتمل خطوات الانضمام إلى المجلس؟ أم ستجري مناقشة متطلبات هذا الانضمام بعيداً عن الأضواء، وفي حال التوافق يتم تعديل النظام الأساسي للمجلس واسمه، ويعلن عن انضمام البلدين؟ وهل يكون انضمام البلدين حافزاً للأطراف اليمنية لحسم الوضع الداخلي تمهيداً للانضمام إلى المجلس الذي تشارك اليمن في عديد من أجهزته ولجانه؟
هذه الخطوة في حال نجاحها، وانسجام البلدين مع دول المجلس الست، ستكون عامل قوة لدول المجلس الجديد ككل، وحافزاً لدول أخرى للسعي للانضمام إلى هذا المجلس، وفي حال عدم الانسجام، فقد يؤثر ذلك على وضع المجلس، وتعاطيه مع مختلف القضايا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي