التأمين الصحي على المواطنين.. وتوجيه المقام السامي

صدر في الأسبوع الماضي توجيه من المقام السامي إلى الجهات الحكومية بالتريث في تطبيق التأمين الصحي على منسوبيها، وذلك لحين الانتهاء من دراسة يجريها مجلس الخدمات الصحية بالتنسيق مع مجلس الضمان الصحي التعاوني حول تطبيق التأمين الصحي على موظفي الدولة، والتي من المقرر الانتهاء منها في غضون خمس سنوات.
ووفقاً لما جاء في الخبر، فإن توجيه المقام السامي جاء لحماية المواطن، وضمان عدم تحميله أية أعباء مادية بسبب تطبيق التأمين الصحي. على أن يُدرس بشكل مستفيض قبل تطبيقه على موظفي الدولة أو على المواطنين السعوديين، ولضمان كذلك جودة الخدمة الصحية. وقد رفع وزير الصحة ورئيس مجلس الخدمات الصحية هذا المُقترح، على خلفية تصريحات لمسؤولين في بعض القطاعات الحكومية بشأن وجود توجه لدى تلك القطاعات لتطبيق التأمين الصحي على منسوبيها بشكل فردي.
ولعل أهم هذه التصريحات هي تلك التي صدرت من مسؤولين في وزارة التربية والتعليم، حيث أعلنوا من خلال هذه التصريحات عزم الوزارة إطلاق برنامج التأمين الصحي على المعلمين والذين يصل عددهم إلى خمسمائة ألف معلم، وذلك بعد التأخير الحاصل في تطبيق مشروع بلسم للتأمين على المواطنين صحياً والذي تبنته وزارة الصحة في عهد وزيرها السابق معالي الدكتور حمد المانع.
والحقيقة أن أي جهاز حكومي لا يملك بمفرده قرار التأمين على موظفيه صحياً، إذ إن نصوص نظام الضمان الصحي التعاوني الصادر عام 1420هـ واضحة في هذه المسألة، حيث إنه يجيز تطبيق التأمين الصحي على السعوديين، ولكن بقرار من مجلس الوزراء وليس بقرار من الجهة الحكومية نفسها. ولذلك فحينما اعتبر وزير الصحة أن محاولات هذه الأجهزة الحكومية للتأمين صحياً على موظفيها تتعارض مع النظام الصحي التعاوني والذي يقتصر تطبيقه في الوقت الحاضر على الأجانب والسعوديين العاملين في القطاع الخاص، فهو محق في ذلك.
وإن التوجيه السامي الكريم يحقق مجموعة من الأهداف، ولعل أهمها هو إسناد إدارة ورسم سياسة التأمين الصحي إلى جهتين مختصتين، وهما مجلسا الخدمات الصحية والضمان الصحي التعاوني، وكلا هذين المجلسين يرأسهما وزير الصحة.
فالأول وهو مجلس الخدمات الصحية منوط به رسم سياسة الرعاية الصحية بالمملكة. وقد سبق أن وضع هذا المجلس بموجب الصلاحيات المخولة له استراتيجية الرعاية الصحية بالمملكة، وأقرها مجلس الوزراء قبل نحو سنتين تقريباً. وقد تضمنت هذه الاستراتيجية مجموعة مهمة من الأهداف، وكان من ضمنها إقرار أهمية التأمين كأحد روافد تمويل الرعاية الصحية بالمملكة.
وبالنسبة لمجلس الضمان الصحي التعاوني فهو غني عن التعريف، فهو الذي أدار بكل جدارة عملية التأمين الصحي التعاوني على المقيمين من غير السعوديين في المملكة وعلى الموظفين السعوديين العاملين في القطاع الخاص، وهو يشرف على خدمات التأمين الصحي التي يستفيد منها حالياً نحو سبعة ملايين شخص. ودون أدنى شك فإن الخبرة والدراية التي تكونت لمجلس الضمان الصحي التعاوني من خلال إدارة ملف التأمين الصحي التعاوني، ستجعله مؤهلاً للإسهام في إقرار سياسة تأمين صحي فاعلة على المواطنين في المستقبل.
الهدف الآخر الذي يمكن الحديث عنه هو أن وجود جهة محددة تقوم بالتأمين صحياً سواء على موظفي الدولة ككل أو على المواطنين بصفة عامة، ستكون مدركة لما يحتاج إليه هؤلاء من تغطيات عن طريق التأمين الصحي، وما يمكن أن تقدمه الدولة بنفسها للمواطن من رعاية صحية خارج إطار مظلة التأمين الصحي، أي ما يمكن أن يُسهم به التأمين الصحي في منظومة الرعاية الصحية التي توفرها الدولة للمواطن. كما سينال المواطن الرعاية الصحية عن طريق التأمين بشكل عادل ومتساوٍ بعيدا عن اجتهادات الأجهزة الحكومية التي ليست لديها أية خبرة في التعامل مع هذا الملف المهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي