هل يكره العرب إسرائيل حقاً؟

تروج إسرائيل أنها تعيش في بحر من العداء العربي المحيط بها، وأن طول مدة بقائها زاد الكراهية لها والحقد عليها دون أن تدرك يوما أنها السبب الوحيد في ذلك. ولذلك فإن سلامها لا يمكن أن تضمنه معاهدات السلام أو التوافق مع حكام تعصف بهم شعوبهم، وإنما يحفظ سلام إسرائيل وأمنها قوتها العسكرية ومؤامراتها لتمزيق صفوف أعدائها حتى لا يتوحدوا ضدها، كما يعتمد أمنها على المساندة الأمريكية العمياء. وترى إسرائيل أن العرب لا يفرقون عند الحديث عن إسرائيل بين حكومتها وشعبها، وسياساتها ووجودها، وأن عليها أن تقهر العرب على وجودها. تلك خلاصة نظرية نتانياهو التي أكد فيها أن العرب لا يطلبون السلام أي الاسترحام إلا بعد أن تدق عظامهم، وضرب مثلا باتفاقية السلام مع مصر، وزعم أن إسرائيل سحقت مصر عام 1973، ولذلك جاء السادات إلى إسرائيل بنفسه مستعطفاً ومسترحماً. يؤكد نتانياهو أيضاً أنه لا يمكن للعرب حقوق الفلسطينيين لصالح اليهود، ومع ذلك يصر نتانياهو على أن إسرائيل تريد السلام المفروض بالقوة حتى لو ظل العرب لها كارهين.
وتطبيقاً لذلك فإن نتانياهو يعتقد أن إسرائيل قد وصلت إلى درجة متقدمة من فرض الأمر الواقع خصوصاً على الجانب الفلسطيني، وأبعدت العرب تماماً عن المساندة الفعلية بسبب الحزم الأمريكي معهم، الذي وفر لإسرائيل مساحة واسعة من العمل صوب مشروعها الذي لا يبدو أن أحداً في الغرب ينازعها فيه. يرتبط بهذا التفكير الإسرائيلي أن يلح نتانياهو على عملية السلام تؤدى في النهاية إلى التصديق على كل ما يريد. ومن تطبيقات هذه السياسة أن تظل مصر عوناً ومتفهمة للموقف الإسرائيلي وواسعة أحياناً لإقناع الفلسطينيين بأن قبولهم المشروع هو ثمن ضعفهم وانقسامهم. لهذا السبب انزعج نتانياهو أن يرى مصر وقد خلت فجأة من الدفء المعتاد، وسيشعر نتانياهو بالانقباض كلما رنا بصره نحو شرم الشيخ التي انقلبت إلى مدينة للأشباح بعد أن كانت في علاقات مصر وإسرائيل مدينة الأحلام الوردية.
هل يظن نتانياهو أن تصديه لأي سلام يعيد الحقوق لأصحابها واستخدام القهر ضد العرب سيستمر إلى الأبد، وأنه مطلوب من العرب أن يعدوه بطلاً قومياً، وأن يطالبوا له بجائزة نوبل للسلام، سلام القهر والمقابر.
الثورات العربية أظهرت أن العرب قد يصبرون على الظلم والقهر والفساد، لكنهم لا يصبرون إلى الأبد، ولا أظن أن نظام مبارك سيتكرر في مصر، كما لا أظن العرب سعداء بنتانياهو وحكومته الذين فازوا بثقة المواطن الإسرائيلي بسبب إراقتهم لدماء الفلسطينيين في محرقة غزة، فكانت المحرقة مسرح الدعاية الانتخابية والسباق بين المرشحين، ففاز كل من اجتهد في إراقة دماء الفلسطينيين وبفتاوى حاخامات إسرائيل.
فهل ينتظر نتانياهو أن يكره شعبه العرب ويتمنى فناءهم ويسعى إلى قهرهم وسلب حقوقهم تحت شعارات جوفاء، وتستمر حكومته في توسيع الاستيطان في فلسطين واغتيال مقاومتهم، وقهر حكام العرب أو استئناس من يقبل منهم، ثم يطالب العرب بحب جلاديهم وفق نظرية نتانياهو؟
المطلوب أن تغير إسرائيل نظريتها عن العرب، وأن تقبل بحسن نية المبادرة العربية للسلام، وأن تسعى إسرائيل إلى انتهاز الفرصة قبل أن تضيع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي