دول الخليج وتفعيل الدور الخليجي في المنطقة
إن الأحداث التي تمر بها المنطقة العربية هي أحداث تجسد زوايا كثيرة لمفهوم الخلافات والفتن تلك الخلافات التي انطلقت من مسمى الحرية والديمقراطية والتي للأسف تفهم من قبل البعض تحت معان خاطئة لا تجد رديفا لها سوى القتل والسلب وسفك الدماء كما رأيناها في بعض الدول العربية، وما زلنا نراها أيضا قائمة، وإن كان هذا هو مفهوم الحرية، فإنه بذلك مخالف لفطرة الله ـــ عز وجل ــــ في البشر، بل إن نزعة الإنسان الفطرية تكمن في الرغبة في الأمن والاستقرار بعيدا عن الفوضى والبلبلة والاضطرابات ولا شك أن الأمن نعمة من نعم الله ــــ سبحانه وتعالى ـــ ونحن في دول الخليج نحسد على أشياء كثيرة، ولعل أولها ـــ ولله الحمد ـــ نعمة الأمن بل وهذا الأمن جاء نتيجة لجوانب قوة لعل على رأسها الجوانب السياسية والاقتصادية بل والاجتماعية أيضا من خلال الترابط الأسري وتلاحم الأواصر الاجتماعية بين دول الخليج.
إن ما لا شك فيه أن هناك من حولنا من لهم أطماع في دول الخليج بل أطماع تاريخية وليست مستحدثة أو جديدة ولكنها تأخذ سياسة الشد والجذب أو لنقل المد والجزر وكيف لا تكون تلك الأطماع ودول الخليج وعلى رأسها المملكة تحوي من الثروة النفطية ما يحرك دول العالم، حيث تحتل المرتبة الرابعة عالميا.
إن ما يجسده الواقع هو أن دول الخليج تمثل القوة العربية الأولى في الشرق الأوسط بل إن استجابات تلك الدول الموحدة تجاه الأحداث الراهنة من حولها دعم حيزها الكبير الذي أعطى وما زال يعطي دول الخليج خطوات فعالة من الثبات والإقدام على التمسك بوحدة مصالحها والإيمان بوحدة مصيرها، خاصة أن الأطماع تظهر على الساحة بأقنعة مختلفة، فالمطامع الإيرانية في الخليج هي مخطط قديم تشكل نتيجة استمرار الاختلافات المستمرة بين العرب والفرس منذ زمن بعيد إلا أن تلك المطامع قدمت إلى الساحة في الآونة الأخيرة كنوع من مسارات الاختلافات الطائفية، كانت الخطوة الأولى فيه تتمثل في أهداف سياسية بحتة تحرك أطماعها نحو الخليج وليست لها أي علاقة حقيقية بالاختلافات الطائفية، ولكن درجة الوعي وعمق الحنكة دفعا دول الخليج إلى سرعة إحباط تلك المحاولات عن طريق جهود سياسية ناجحة توجت بدرع الجزيرة. إن التحرك الجماعي من دول المجلس الست لن يعجب إيران وحلفاءها في المنطقة، وستستمر حملاتها السياسية والإعلامية لدفع دول المجلس إلى التراخي، خاصة فيما يتعلق بقوات درع الجزيرة في البحرين.
إن الأوضاع الأخيرة في المنطقة أظهرت لدول الخليج أهمية تعزيز هذا الدور وتطويره بمقدار المخاطر التي تتزايد في المنطقة بل وإنه بمقدار قوة الدور الخليجي يكون مقدار الأمن والاستقرار في دول الخليج خاصة، بل وفي المنطقة بشكل عام.
نجلاء السويل