الثقافة الأسرية ومخزون اللغة والتعامل الاجتماعي
يعد المنزل بما يحمله من علاقات أسرية نموذجا يعتمد لدى الأبناء فلا شك أن الصغير يتعلم من الأكبر منه سنا، وكما يقول المثل "كل إناء بما فيه ينضح"، فتعاملات الأفراد هي بالتأكيد لا تعكس إلا طريقة التعامل داخل الأسرة بكل ما تحمله من لغة إيجابية أو سلبية وبكل ما تتضمنه من ألفاظ ومصطلحات مستخدمة, بل إنه على اختلاف مصادر التعلم في الوقت المعاصر، إلا أن الأسرة تظل هي المحرك الأول للفرد، وهي المصدر الأساسي في بناء القيم والمبادئ وللأسف فإنه ومع تخلي الأسرة إلى حد ما عن دورها في الوقت المعاصر بات كثير من المبادئ ضعيفا ولم يعد بالقوة نفسها والثبات عما كان فيه في السابق، وتعتبر العلاقة الزوجية داخل الأسرة هي النموذج الذي من المفترض أن يكون صورة إيجابية للأبناء, فعندما يحترم الأب زوجته وهي أم أبنائه أمام أبنائه فإن هذا يعكس أسلوبا تعليميا أمام الابن الذي سيدرك أن زوجته في المستقبل لا بد أن تحترم، أما في حالات قليلة يحدث العكس نظرا لأن الابن ربما يعاني أمراضا واضطرابات نفسية قد تكون ناتجة عن تعرضه لأي صدمات نفسية ليس من الضروري أن تكون داخل الأسرة.
وبمعنى آخر، فإن الأبناء سواء كانوا من الإناث أو الذكور لا بد أن يدركوا قبل الزواج ما عليهم من حقوق وواجبات وهذا هو دور الأسرة من الأساس بل حتى المدارس لا بد أن تدخل في أنشطتها مواد تبلور في أذهان الأبناء الدور الحقيقي لكل من الزوج والزوجة في المستقبل على أن يكون هذا الدور قائما في ظل علاقات حنان وتقبل ورحمة لكلا الطرفين تجاه بعضهما بعضا، أما العلاقات التي تقوم على مختلف جوانب العنف اللفظي أو البدني هي علاقات تفشل في إنتاج أفراد أسوياء، فليس من الضروري أن يمسك الأب كتابا ليعلم أبناءه الدين والأخلاق وأساسيات التعامل الإيجابي مع الآخرين، بل أعتقد أنه يكفي أن يترجم ذلك في تعامله مع زوجته وأبنائه، ولعل تقلص هذا الدور الأسري ساعد على ارتفاع إحصائيات الطلاق في مجتمعنا المحلي تحديدا، حيث لا يوجد فهم واضح للدور قبل الزواج، إضافة إلى نقل خبرات سلبية من النموذج الأسري السلبي، حيث ما زال هناك أزواج يضربون زوجاتهم، وما زال هناك آباء يعرضون أبناءهم لضربهم المبرح بل والحبس في غرفة من غرف المنزل كنوع من العقاب لذنب ما، ولكن ما يجب أن يدركه الآباء أن لا خطأ للأبناء من فراغ بل إن خطأ الأبناء في كثير من الحالات هو تراكمات لنوعين من التربية, إما تربية قاسية أو تربية مدللة، فالنوعان يصبان في الإناء نفسه، لذا فإن اتباع تربية حازمة هو الحل الأمثل في ظل قدوة إيجابية.