من 250 إلى 900 ريال!
اعتاد صديق على زيارة المنطقة الشرقية كلما سنحت فرصة! ويأتي حرص هذا الزميل على تكرار الزيارة لأسباب وجيهة! منها على سبيل المثال لا "الحكر" أنه منتسب لقطاع عسكري .. ولا يصح له، نظاما، ما يصح لغيره من مدنيين من قضاء إجازاتهم في دول الجوار.
المهم، اعتاد الرجل على التعامل مع شقق مفروشة كانت تتقاضى منه طوال سنوات مبلغا وقدره 250 ريالا نظير الإقامة عن كل ليلة. وفي هذه الحالة.. لم يكلف صاحبي نفسه عناء الاتصال بهم سوى للاستفسار عن مدى توافر حجوزات لثلاث ليال.. فأجاب الموظف، أكيد وأهلاً وسهلاً! وصل الرجل وأسرته للمكان.. وفوجئ بعد إنهاء الإجراءات أن موظف الاستقبال يطلب منه دفعة مقدمة قدرها 900 ريال!! وعندما تساءل الرجل عن سبب تقاضي قيمة تتجاوز كلفة الليال الثلاث أصلاً! أجاب الموظف، تسعيرتنا خلال الربيع هي: 900 ريال عن كل ليلة!
التفت صاحبي إلى الوراء.. وأعاد النظر إلى أسرته.. ووليده الجديد.. وكومة الحقائب.. وعدة الألعاب البحرية التي لم تنزل من يد ابنته طوال الرحلة، ونامت وهي تحتضنها.. وابنه الآخر الذي يشد عباءة أمه ويهمس قائلاً.. أبي أنام!
وأعاد وجهه ونظره باتجاه الموظف، ليبقى صامتا دون أي انفعال يذكر.. وبادره بعد ثوان قائلاً: تفضل.. هذه تسعمائة ريال!
إلى هنا.. انتهت تفاصيل القصة تقريباً.. ولكن، وخلال متابعتي للصحف أثناء ما مضى من أيام الإجازة، لمحت تنويهات عن تشديد هيئة السياحة على ضرورة الالتزام بالزيادة المرخّص بها في المواسم والتي تراوح بين 50 في المائة للشقق و30 في المائة للفنادق .. وأن هناك رقما مجانيا للتبليغ عن أي تجاوزات.. إلخ!
هنا أقول إن الزيادات المسعورة التي تعاطى معها الجميع تقريبا خلال الإجازة ربما تكون مردودة إلى جملة أسباب، ومنها ما يلي:
* تزامن الإجازة مع ضجيج راتب الشهرين!
* عدم إيفاد مفتشين من هيئة السياحة لفحص الأسعار بشكل عشوائي ومفاجئ ودون تحذير للمستثمرين في القطاع الفندقي بأنواعه (زيارات مفاجئة .. باختصار).
* إدراك مقدمي الخدمات الفندقية والإسكانية أن مقاضاتهم أو محاسبتهم للاسترداد ستتطلب هرولة لن يتصدى له صاحب أشغال والتزامات!
* استهداف المستثمرين في هذا القطاع الحيوي للأسر السعودية التي لا تجد بدا من تكرار التسفار داخليا لأسباب منها طبيعة العمل، صلة الرحم، كثرة عدد الأطفال، محدودية الدخل.. وقياسا على النمو السكاني المهول في البلاد، يبدو أن هذا القطاع أحسن التصويب.. والدليل أن الزيادة في أسعار الشقق تخطت، بكثير، الزيادة النسبية الحاصلة في الفنادق.. حتى ذات النجوم الخمس!
المخالصة في كل هذا تقتضي أن أقول: لا يمكن لجم زيادة تقدر بـ 400 في المائة تقريباً.. إلا بجولات تفتيش مباغتة ومباشرة فورية للأحداث من خلال غرف طوارئ.. تطبق على المخالفين غرامات آنيّة تصل إلى عشرات آلاف الريالات.. هذا بخلاف التشهير الفوري في جميع الصحف اليومية.