هل تقول وزارة الإسكان: «ليس هناك مكان مثل المسكن الذي يمتلكه المرء»؟
إن السؤال الذي يبتدر به كبار السن من الأقارب بعد زواج أبنائهم هو: ''يا ولدي هل البيت الذي تسكنه ملك أو كروة''؟ أي هل أنت بعد الزواج تمتلك البيت الذي تسكنه أو هو مستأجر لمعرفتهم أن الإيجار يستنفد مال المرء ويضيع عليه أولوياته، ذلك أن ليس هناك مكان مثل المسكن والبيت الذي يمتلكه المرء. وخطرت لي هذه العبارة بعد سماع خبر إنشاء وزارة للإسكان الذي تحاول معه الدولة جاهدة أن تقرب المنى، وأن تجعل العين تنام وهي قريرة في ملك خاص لكل مواطن في المملكة، هو ما يتطلع إليه كل فرد من أن تقود هذه الوزارة الناشئة هذه المنى إلى حيز الحقيقة والإمكان, ولعلي أستعرض ما تتميز به هذه الوزارة من مميزات في جعل تلك الأمنيات قريبة المنال:
● أولا أن وزارة الإسكان هي اليوم أحدث وزارة تنشأ في الوقت الحاضر, لذلك مما يميزها أنها تكونت في هذا العصر, حيث إنها أنشئت في عصر المعرفة الذي يمكنها من أداء مهامها بيسر وسهولة, فليس لها أن تبدأ من حيث بدأت الوزارات وتعيد اختراع العجلة، بل أن تبدأ من حيث انتهت إليه كل وزارة, فالبوابة الإلكترونية للوزارة والعمل على أتمتة كل معاملة، وأن تكون الوزارة الأولى من الوزارات الذكية في نسقها وبنائها حتى المساكن التي تخطط لها لا بد أن تكون هي الأخرى مساكن ذكية.
● وأيضا قد تم تخصيص 250 مليار ريال لتعمل الوزارة في محيطها, فهي لا تعمل من فراغ, بل جاءت الأوامر الملكية لتخصص هذه المبالغ لهذه الوزارة كي تضع الخطط لبناء مساكن في كل مكان, وهو مبلغ يمكن له أن يقود التنمية الإنشائية، ويمكن له أن يضع مسارا يقود إلى نظم بناء جديدة تتميز بالسهولة والرشاقة والحس الوطني.
● إن وزارة الإسكان أنشئت في دولة بترولية تصنع المواد الأولية ومشتقات كل شيء بترولي, فيمكن للوزارة أن توجد شراكة مع الشركات البترولية كشركة سابك, فيمكن أن تصنع شراكة محلية مع مصانع ذات جودة للمواد التي تتعلق بالمسكن, وعلى سبيل المثال الأرضيات (فينيل) والقواطع البلاستيكية, وبدلا من أن نستورد الرخام والمواد الأخرى لا بد أن تقود هذا الوزارة هذه الصناعات, وأذكر في هذا الصدد أننا قبل سنوات زرنا مصنعا في فنلندا للأرضيات الفينيل، وقبل أن ندلف إلى المصنع وجدت أكياس المواد الأولية من صنع ''سابك'' وتساءلت: هل يمكن لنا أن نبني مصانع ذات جودة ليس لتصدير الأكياس, بل للمنتج النهائي وبدلا من أن نزور المصانع يزورنا كل محتاج إلى تلك الأرضيات.
● التقييس, وهي ميزة يمكن أن تقودها الوزارة وتجعل من كل عنصر معماري تحفة رائعة ومقيسة بشكل دقيق، وأن تفتح معها أفق الصناعة الماهرة بدل الكم الرديء من الصناعات المغشوشة من الورش الصناعية التي تصنع الأفراد بسعر عال وبجودة رديئة, فالأبواب والنوافذ وكل عنصر معماري يمكن له أن يقيس وأن يزدان بجودة وقلة تكلفة إذا ما تم تبنيه لآلاف المساكن.
● أما الميزة الأخيرة فهي التي سبق أن ذكرتها في مقال سابق من يكون التنفيذ ونمط البناء على شكل سابق الصنع لتصبح في النهاية أسرع وأقل تكلفة وأفضل جودة وأمتن بناء، وهذا النمط من البناء وإن كان قد تم تبنيه في السابق حين أنشئت مشاريع الإسكان في العديد من مدن المملكة ونفذت على منواله إلا أنه لابد من مراجعة شاملة للسابق، وأن يكون أيضا, كما أشرت من أننا نعيش في عصر المعرفة أن تكون إسكانات عاجلة ذكية، وأن يكون معدل إنتاج الفيلا الواحدة ليس ثمانية أيام كما هو في السابق, بل أن يكون يوما واحدا فقط, ما يعني اختصار الزمن والوقت الذي ينفق في متابعة تلك المشروعات الضرورية للأفراد، وتحتاج تلك التقنية من الوزارة إلى بناء استراتيجي لمصانع للقوالب السابقة الصنع كي تبنى فيها الحوائط والأسقف وتوضع فيها كل ما تحتاج من نظم الكهرباء والصرف والتكييف وغيرها بحيث لا تحتاج معها عند التركيب إلا إلى لمسات بسيطة ليكتمل البناء في لمح البصر.
ويمكن القول إن هذه الوزارة وبما تمتلك من مميزات يمكن لها أن تسهم بشكل فاعل ليس في حل مشكلة الإسكان فقط, بل أن تقود نظم البناء والإنشاء والتصنيع في المملكة إلى آفاق أوسع ومجالات صناعية وتقنية رحبة، وأن تكون كل المشاريع الإسكانية في المملكة مثالا يحتذى في الجودة والسهولة والتقنية والذكاء، وأن تكون تكاليف البناء في متناول الجميع، وأن تسهم في أن تبنى مساكننا بأذرع أبنائنا. والله الموفق.