لماذا انحرفوا!

استوقفني في الدراسة الممتازة التي قدمتها هالة الغامدي لنيل درجة الماجستير في قسم الاجتماع في جامعة الملك عبد العزيز عن الخصائص الاجتماعية للأحداث الجانحين في المجتمع السعودي نقطتان.. أولاهما: أن أكثر جريمة يرتكبها الأحداث هي الشذوذ الجنسي.. الأخرى: أن أعمار الأحداث الذكور في العينة التي جرت عليها الدراسة يتراوح بين 16 و18 سنة. وأن أعمار الأحداث من البنات تراوح بين 25 و27 سنة. وهذه لها أسباب، وهذه لها أسباب.
ورغم أن هذه الدراسة أحدثت صدمة اجتماعية، إلا أن الباحثة السعودية حاولت أن تخفف من وقع الصدمة، حيث قالت إن جنوح الأحداث ظاهرة قديمة قدم المجتمعات الإنسانية، وإنه في كل مجتمع هناك أحداث يخرجون عن معايير المجتمع ومثله وقوانينه.. خصوصا في ظل تطور المجتمعات الإنسانية وما اتسمت به من تعقيد في نسيج العلاقات الاجتماعية.
ورغم هذا التخفيف فإن الجانحين والجانحات والمنحرفين والمنحرفات.. هم عدة المستقبل، ولذلك فإن وجودهم في المجتمع يمثل مشكلة خطيرة تهدد كيان المجتمع وسلامته ومستقبله.
أعود إلى الأسباب في وجود مشكلة المنحرفين جنسيا في سن 16 و17 سنة. فهذه مرحلة البلوغ، حيث تطرأ على جسم الفتى تغيرات بيولوجية وتنطلق غرائزه. وهذا يحتاج إلى يقظة من الأسرة والمدرسة والمجتمع كله. ويصبح من الضروري الاستفادة من هذه التغيرات وتوجيهها في الاتجاه الصحيح مثل الملاحظة في الأسرة والأنشطة الرياضية والاجتماعية في المدرسة، وتشجيع المواهب حتى تنطلق في اتجاهها المفيد، وكذلك الأندية الرياضية، وتكون هذه الحركة تحت إشراف متخصصين. أما المتسربون من التعليم فيجب إلحاقهم بأعمال تتناسب معهم ولا تتركهم فريسة للفراغ والانحراف.
أما الفتيات من سن 25 و27 سنة فهناك معضلة مخيفة هي المبالغة في المهور؛ مما يتأخر معها سن الزواج ويظهر الانحراف بممارسة الشذوذ والزنا. كذلك الاستغلال الاقتصادي للفتاة التي تعمل ويؤخرون زواجها طمعا في راتبها من العمل.
نحن أمام قضية خطيرة تهدد المجتمع، والخوف أن تتفاقم المشكلة. ولذلك أضم صوتي لصوت الباحثة هالة الغامدي في التوصيات التي حددتها في دراستها بشأن التعليم وقضايا الأسرة والعمل. وأخشى ما أخشاه أن تظل الدراسة المهمة مجرد دراسة كأي دراسات أخرى تنال عنها الباحثة الدرجة التي تسعى إليها وينتهي الأمر.
على الجهات المسؤولة في المملكة أن تسمع هذه الصرخة التي أطلقتها الباحثة هالة الغامدي، فهي صرخة يجب أن تصل إلى الجميع قبل فوات الأوان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي