اهجم ولا تتردد
قد يبدو للبعض أن كلمة هجومي ذات مدلول سلبي، فربما ترتبط في أذهاننا بشخص بغيض، ينقض ساخرا دوما ممن حوله، أو تتجه أفكارنا إلى رئيس في العمل يتعامل بفظاظة مع موظفيه أو مندوب مبيعات يقحم نفسه علينا بقوة ويتحدث بسرعة، محاولا فرض بضائعه، لكن لفظ هجومي يستخدم في المعارك بدلالة مختلفة، فهو يصف الجندي شديد الفاعلية في إنجاز أي مهمة أو عمل، فهو لا يتردد أبدا بل يناضل بفعالية ويتبع خطوات جسورة بنفسية إيجابية في كل موقف حتى يصل إلى النجاح، ومن تكتيكات أحد مشاهير الجنرالات في المعارك أنه كان يشجع قواته على المبادرة بالهجوم قائلا: «من الأفضل أن تخطئ على أن تتردد في التصرف حتى يفوت الأوان»، فهو يخبرنا بأن المبادرة هي القانون الذي يحكم الحرب، ولكن الحقيقة أننا نفتقدها غالبا في أمور حياتنا، فكثيرا ما نرجئ اتخاذ قرار ما حتى يفوت الوقت، أو يفرض علينا قرار آخر من الخارج، وبدلا من أن نمسك بزمام الأمور نضع أنفسنا خارج السيطرة وفي مهب رياح الآخرين، فلماذا نفعل ذلك؟
غالبا ما يكون السبب أننا نخاف الخطأ، فكم من الأفكار الرائعة التي كانت لدينا وقمنا بإرجاء طرحها أو تنفيذها بحجة «الوقت المناسب»، ولكن هذا الوقت قد لا يأتي أبدا، وفي يوم ما نصاب بالإحباط حين نجد شخصا ما قد سرق «فكرتنا» وطرحها في الأسواق، والواقع أن أحدا ما لم يستولِ على فكرتنا، لكنها مشكلتنا في نقص المبادرة.
لا بد من أن نطارد فرصتنا ببسالة، ثم نستمر في ملاحقتها حتى نصطادها، وينطبق ذلك على أي شخص يريد أن يبدأ عملا أو مشروعا، فكم من أشياء بدت مستحيلة، لكنها مع عزم الإصرار أصبحت ممكنة.
قرأت يوما أنه لا حلم بدون تنين، ولكن المهم هو قتل التنين، والتغلب على الشدائد التي تواجه الجميع، لكن الفرق بين الناجح والفاشل أو المنتصر والمهزوم في الحياة أن البعض لا يرى إلا التنين، فيخاف وييأس ويستسلم له، أما الناجحون من الرجال والنساء فهم يواجهون نفس التنين وربما أكبر منه، لكنهم يؤمنون دوما بأن هناك طريقة للتغلب عليه، فالاختبار الحقيقي لديهم هو في المضي قدما رغم هذه التحديات، والنظر إليها على أنه لا يوجد مفر من مواجهتها، وفي هذه اللحظة يقتل التنين ويتحقق المستحيل.
إن الشك في قدراتنا هو أخطر عدو يواجهنا عندما نهدف إلى تنفيذ أي خطة أو مهمة ذات شأن في حياتنا، وكم من مرة تخيلنا إنجازات عظيمة تبددت في خيالنا في المهد، لا لشيء سوى أن رياح الشك هبت عليها، ويبدو أن كلمات الحكيم الصيني تاي كانج شانج لها في أيامنا هذه صدى حقيقي تماما كما كانت تبدو منذ آلاف السنين، إذ يقول: «من بين كل الكوارث التي قد تصيب الجيوش، لا شيء يفوق الشك خطورة».
فالفشل شعور ذهني ينبت في دماغ المرء، ويسبق أي دليل مادي يعززه، وعلاجه الإقدام الجسور على قتل هذه الشكوك، فإذا عزمت على الإتيان بعمل فتوكل على الله ثم افعله ولا تتردد، لأن عدم بذل أقصى جهد تملكه في مشروعك ما هو إلا إهدار كامل لوقتك وطاقتك، وإذا كانت العزيمة تنقصك فلا تتوقع ممن يتبعك أن يكون أكثر إصرارا منك.
إن الكرة تدور دائما حرة طليقة في وسط ميدان الحياة، في انتظار من يلتقطها ويعدو بها، أيا كان الموقف خذ الكرة وانطلق بها وكن مقداما، فلا يمكنك أن تجلس متكاسلا في ميدان المعركة.