الآباء.. ومهارات تحقيق التواجد النفسي

لا يمكن لنا في يوم من الأيام أن نعتبر الخطأ سلوكا صحيحا كما لا يمكن لنا في المقابل أن نعتبر أن السلوك الصحيح يصنف في خانة الأخطاء وقد نتجاوز في كثير من الأحيان عن أخطاء الصغار، والحجة القوية في ذلك هي عدم إدراك الطفل بأن ما يفعله هو سلوك خاطئ فلذا لا بد أن نسامحه وأحيانا كثيرة يصاحب ذلك التجاوز ضحكات وإطلاق لعبارات ساخرة من سلوك الطفل، وبالتالي تحويل الموقف الخاطئ بصورة غير مقصودة إلى سلوك جيد ومقبول اجتماعيا من خلال التعزيز غير المقصود الذي يمارسه الأهل من خلال ضحكاتهم، ناسين بل متجاهلين أن الطفل أذكى مما نتصور وأنه منذ الأشهر الأولى بمجرد إقدامه على سلوك ما خاصة بعد الأشهر الستة الأولى فإنه فور ما يلتفت على أمه فقط ليراقب ردود الأفعال حتى على ملامح وجهها علما بأن الطفل هو قارئ ممتاز لعلامات الوجه إذن التجاوز عن الخطأ في الطفولة هو سلوك شبه مستمر وهو في عرف معايير الزمن العاصر شيء طبيعي بينما يظل في العرف التربوي النفسي هو شيء خاطئ ويحتاج إلى التعديل بأساليب إيجابية.
في الوقت الحالي وفي زمن الضغوط النفسية نحن نحتاج إلى أساليب أكثر مرونة في معالجة أخطاء أبنائنا ولا تعني المرونة تجاوز الخطأ ولكن المقصود بها إقرار الخطأ وتوجيهه ولكن بصورة تقدم بطريقة أكثر قبولا حتى يستفيد الابن المخطئ منها في تعديل سلبياته لا أن يقاومها ويعتبر أنها فرض قاس ضده لا أعتقد أن حوادث مثل هروب الفتيات من المنازل وهروب الفتيات من المدارس كل تلك التجاوزات أعتقد أنها بنيت محاورها الرئيسة منذ الطفولة على محاولة إسقاط تقدير الذات لدى الفتاة وعقابها بطرق تتجاوز الخطأ أحيانا كثير من الحالات التي نسمعها هي حالات لم تلق الاحتواء النفسي المطلوب ولم تلق التوجيه السليم للخطأ ولم تلق أيضا تعزيز الجوانب الإيجابية لذا فهي تبحث باستمرار عما تفقده حتى إن كان ذلك يدخل في خانة الخطأ وهي تدرك أنه يقع في تلك الخانة ولكن الدافعية لديها لتعويض الفراغ العاطفي والدور الأسري المفقود هو الذي جعلها تبحث عن طريق لتلبية تلك الاحتياجات النفسية بل إن بعضهن ينحدر إلى حفرة الخطأ والجريمة والانحرافات السلوكية والاجتماعية والأخلاقية دون إرادة منهن لقمع ذلك الخطأ أو تعديله أعتقد أننا في زمن يتطلب مهارات كثيرة في الوالدين لعل أهمها مهارات التواجد النفسي، فلا أظن أن تلك المهارات صعبة التفعيل خاصة إذا ما أدركنا بأن الغريزة الإلهية موجودة تجاه الأبناء وتظل المهارة في ترجمة تلك الغريزة إلى سلوك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي