هل يساهم «الفيس بوك» في حل مشكلة الإسكان؟
تمكنت من اللحاق بالعصر الرقمي وركبت صهوته، وحاولت الاستفادة من إمكاناته واستخدامها، ولا أدَّعي بأني أصبحت من فرسانه أو تمكنت منه، مع أني قد حرصت على متابعة التطورات الرقمية على مر العقدين الماضيين. وكنت قبل بضع سنوات ومع ظهور مواقع الشبكات الاجتماعية على الإنترنت (مثل: الفيس بوك، وتويتر، وغيرهما) أتساءل عن إيجابيتها ومدى أهميتها. وزاد خلال السنتين الماضيتين استغرابي، وتعمق تعجبي من شدة إقبال الناس عليها، والانضمام لها، واستخدامها بأعداد تصل إلى مئات الملايين؛ بغرض التعارف والتواصل الاجتماعي بين المشتركين ذوي الاهتمامات المشتركة في أنحاء العالم كافة، حتى إن عددهم في موقع شبكة الفيس بوك زاد في بداية العام الحالي عن 600 مليون مشترك.
ولكن ما لعبه الشباب الرقمي في مصر، الذين سُمّوا فيما بعد بـ"شباب الفيس بوك"، وما أحدثوه من تغييرات منذ الخامس والعشرين من يناير، وتمكنهم من تحريك الناس وتنظيمهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي؛ جعلني أعيد التفكير في هذه المواقع، وفي أهميتها، وقوة تأثيرها في الشباب، وتمكنت من أن أرى فيها إمكانات يمكن استخدامها لتوعية المجتمع من جيل الشباب، وتغيير بعض ما ينتشر بين أفراده من مفاهيم مغلوطة عما يجب أن يكون عليه المسكن من ناحية الحجم، وعدد العناصر والمساحة. فأنا أعتقد أن جزءاً كبيراً من المعوقات التي تحول دون حصول الأسر المتكونة حديثاً على المسكن الملائم؛ يعود إلى مجموعة من الأفكار والمفاهيم والعادات المجتمعية التي يتعين علينا تغييرها.
فأنا أدعو الشباب إلى العمل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي على تشجيع بعضهم على التخلي عن الأنماط الاستهلاكية، والعناية بالادخار من أجل السكن منذ وقت مبكر في حياتهم. وحث بعضهم على القبول بالوحدات السكنية الصغيرة التي توفر الاحتياجات الأساسية لأسرهم، والقبول بتخفيض المساحة المبنية بما يتوافق مع الاحتياجات المعيشية "الواقعية" للأسرة، والقبول بتطبيق التعددية الوظيفية لغرف المسكن لتستوعب أنشطة متعددة، ومناقشة الحلول والمعالجات التصميمية والتنفيذية التي توجد مساكن غير مضرة بصحة مستخدميها، وتخفض استهلاك المياه، والطاقة الكهربائية اللازمة للتبريد والتدفئة والإضاءة، من خلال استثمار الإضاءة والتهوية والتدفئة الطبيعية، واستخدام الأجهزة التي تعمل بالطاقة المتجددة، والطلب من الجهات المعنية بتنظيمات البناء واشتراطاته ومراجعة الأنظمة وتعديلها بما يسمح بإنشاء وحدات سكنية صغيرة، وحث المطورين ودفعهم للعمل على بناء مساكن صغيرة تستوعب اقتصاديات المساحة والتكوين، وتكوين مجموعات تطوعية من طلاب المرحلة الثانوية والجامعية، وتشجيع بعضهم على المشاركة التطوعية في أعمال تنفيذ المساكن الميسرة للأسر الفقيرة في المناطق الريفية والنائية، خصوصاً خلال الإجازات الصيفية.
أستاذ العمارة والإسكان