القرارات الأخيرة .. البطالة والمؤسساتية أهم التحديات

القرارات الأخيرة التي أعلنها الملك عبد الله بن عبد العزيز تصل في مجملها إلى أكثر من 136 مليار ريال، وهي تمثل نحو 25 في المائة من إجمالي نفقات موازنة 2011، ونحو 8 في المائة من الاحتياطيات الأجنبية للحكومة. وتأتي لمعالجة قضايا محددة هي الإسكان والبطالة ورفع دخل المواطن عن طريق تثبيت نسبة الزيادة وإعادة بنود المكافآت الأخرى لما كانت عليه في عام 1405هـ، وزيادة معونات التأمينات الاجتماعية لتشمل عددا أكبر من أفراد الأسرة، مع حل مشكلة ديون المعسرين. ومن الواضح أن هذه قضايا تهم ذوي الدخل المنخفض والمتوسط والفقراء. وهي بلا شك قرارات مهمة للغاية, وفي الاتجاه الصحيح لحل تلك المشكلات بشكل جذري. إن الإنفاق الضخم هذا يحتاج في الوقت نفسه إلى إيجاد آليات أخرى تسهم في حل مشكلة الإسكان والبطالة من جذورها. البطالة التي تعد تحدياً أكبر يواجه ــــــ ليس المملكة العربية السعودية فقط ـــــــ بل أصبحت معظم اقتصادات العالم منها ــــــ بدأ حلها العملي منذ بدء الحكومة بصرف إعانات بطالة لمدة عام، مع تشكيل لجنة عليا لدراسة الحلول الناجعة. وهذه خطوة أولى وجدية لحل مشكلة البطالة التي أرى أنها أتت في وقت مناسب عطفاً على ما يعصف العالم من عدم استقرارا قد يؤدي إلى زيادة هجرة الباحثين عن عمل إلى دول الخليج بحكم عدم الاستقرار في دول الجوار, ما يتطلب إعادة النظر حالاً في سياسة الاستقدام والتوظيف لدى القطاع الخاص، لدرء مزيد من الهجرة, ما يفاقم من مشكلة البطالة المحلية. وهناك تحد آخر أمام إعانة البطالة يتمثل في حجمها والأصناف التي تستحقها والشروط الأخرى التي ستصاحبها لزيادة فاعلية التوظيف ــــــ وليس العكس حيث يرى البعض أنها ستزيد من الاتكالية ــــــ الأمر الذي لا أراه ألبتة. إن هذه المكافأة تدعو إلى التفاؤل ببداية مرحلة جديدة لمعالجة قضايا البطالة.
ويبدو أن قضية الإسكان هي الأخرى تنحو منحى جيداً في خطوات الحل التي بدأت بإنشاء هيئة الإسكان، مع زيادة متتالية في دعم صندوق التنمية العقاري كان آخرها دعم بمبلغ 40 مليار ريال. وإذا كان الدعم المالي هو الخطوة الأولى في إزالة العقبات أمام الإسكان، فإن الأنظمة والتشريعات الخاصة بالرهن العقاري هي الخطوة الأهم في إيجاد الحل.
إن حلول الطبقة الوسطى والفقيرة لرفع المستوى المعيشي للمواطن تتطلب أيضاً حلولاً مؤسساتية فاعلة، لها القدرة على استغلال تلك الموارد المادية بشكل سريع وفاعل. فالبيروقراطية الحالية أثبتت عجزها عن إيجاد الحلول، وبعضها يعرقل التنفيذ، والآخر غرق في تفسير النصوص وتعديلها، ناهيك عن أن البعض الآخر تفرغ لمخاطبة الإعلام وحضور المؤتمرات، وغفل عن تفعيل كفاءة الأداء والتشغيل لموظفيه. وذلك ما جعل الإعلام الإلكتروني المرفه يعمل في تشكيل رأي عام آخر, حيث يستغل ضعف الأداء وقضايا الفساد في ذلك. ويتجاهل مدى استفادة شريحة كبيرة من المواطنين من القرارات الأخيرة لعدم التخصص للبعض، أو لتحقيق مآرب أخرى تحقق أهدافهم.
إن الحلول المالية مهمة, خصوصاً أن الفوائض المالية عالية، وستظل عالية كذلك مع استمرار القلاقل في المنطقة وارتفاع أسعار النفط التي قد تقترب من مستويات 2008 قريباً عند 150 دولاراً للبرميل. إلا أن ذلك قد يؤدي إلى ركود عالمي آخر، لنعود إلى أزمات اقتصادية قد لا تحمد عقباها، ما يتطلب العمل على إيجاد حلول إدارية مؤسساتية لاستيعاب هذه الفوائض في تنمية كل القطاعات لرفاه المجتمع, الذي صدرت من أجله تلك القرارات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي