مكاتب التوظيف الأهلية
تعد مكاتب التوظيف الأهلية إحدى أهم قنوات التوظيف في دول العالم المتقدم، حيث إن شركات التوظيف الأهلية في تلك الدول هي التي تقود عملية التوظيف في معظم شركات القطاع الخاص، وهذا ما ساعد تلك الدول على تقليل نسبة البطالة وتنشيط عمليات التوظيف في القطاع الخاص، وسبب نجاح هذه العملية هو تركيز هذه الشركات على مهمة واحدة وهي التوظيف، وكما هو معروف فإن التركيز في العمليات يرفع من فاعلية الأداء في الشركات.
اليوم؛ عندما ننظر للوضع في المملكة، نجد أن هناك بعض الوظائف في الشركات لا تجد لها موظفين، وهناك أفراد يبحثون عن عمل لا يجدون وظائف، والسبب هنا أن هذه الشركات تحاول التوظيف بالطرق القديمة التي تجاوزها الاقتصاد الحديث وحركة الأسواق المفتوحة، فبعض الشركات لا يزال يعتمد على التوظيف عن طريق المعارف والأصدقاء ويحرم نفسه من شريحة كبيرة موجودة في السوق، وبعض الناس لا يزال يعلن في الجرائد، فلا يأتيه إلا المتردية والنطيحة ومن لم ينجح في عمله السابق.
عندما ننظر لحال مكاتب التوظيف الأهلية في المملكة نجد أن هناك أكثر من 400 مكتب مرخص، والذين يعملون فعليا هم أقل من 20 مكتبا، وذلك لصعوبة العمل في هذا القطاع، حيث إن معظم هذه المكاتب تغلق في السنة الأولى من عملها، والذي يحاول الصبر يتحمل لنهاية السنة الثانية. وعندما نعود للأسباب نجد أن معظمها تعود لقوانين وزارة العمل التي وضعت في عام 1401هـ، وإن تم تحديث بعض الفقرات إلا أن الفكرة التي قامت عليها أصبحت لا تواكب العصر الذي نعيش فيه، والأسباب التي وضعت لها تختلف عن حاجات اليوم وطلب السوق الحالي وطبيعة التوظيف في الشركات، فالفكرة الأساسية التي تدور حولها الأنظمة هي أن هذه المكاتب تقوم بعمل مكاتب التوظيف الحكومية، ولكنها تكون مملوكة لأفراد، فهي لا تعامل معاملة الشركات الطبيعية، فهذه الشركات لا تستطيع استخراج فيزة لسكرتير ولا لعامل لتحضير الشاي وتنظيف المكاتب، فضلا عن الإتيان بمستشارين على مستوى عالمي.
أما المشكلة الثانية فهي المنافسة من شركات عالمية توظف في الشركات السعودية دون رقيب ولا حسيب، وهي تعمل بكفاءة أفضل وبحرية أكبر لأنها ليست تحت قيود وزارة العمل، فهي تستطيع توظيف أفضل الكوادر العالمية لديها، وتدخل السوق السعودية عن طريق موظفين أجانب يعملون في الشركات السعودية مما يؤدي إلى خروج مئات الملايين من الريالات خارج المملكة عن طريق هذه العملية، وأنا متأكد من أن وزارة العمل لا تعرف أي شيء عن هذا الموضوع. بل إنه تم اكتشاف أن أحد كبار التنفيذيين الأجانب في أحد المصارف السعودية وظف بما قيمته ملايين الريالات موظفين من الخارج ولم يكونوا أكفاء، وبعد استقالته اكتشف البنك أن شركة التوظيف كانت مملوكة لهذا الشخص، علما بأنه كان يجب ألا يتعامل هذا المصرف مع جهة غير مرخصة من وزارة العمل.
أنا مع الأسف أتكلم في عام 2011 ونسبة البطالة مرتفعة في المملكة، وقطاع مكاتب التوظيف يعد هو الحلقة الأهم في عملية التوظيف، ومع هذا لا أجد اهتماما كبيرا بهذا القطاع، علما بأنه من أكثر القطاعات خطورة وتأثيرا في اقتصاد المملكة.