الملك عبد الله والرهان على المواطن
جميع الزعامات التي كانت تراهن على قوة عسكرية تحميها، أو تتمترس خلف سياج من العزلة عن شعبها خسرت الرهان، فالعزلة والبعد عن الشعب لا يوفر حماية بقدر ما يزيد من اتساع الهوة بين القيادة والشعب، ولهذا نجد أن الدول التي تنعم بالأمن والاستقرار لم تصنع قياداتها حاجزا، أو تكن على عداء مع شعبها، بل كانت تشعر وهي بينهم بالأمن والاطمئنان، أكثر من شعورها به حينما تبتعد عنهم.
الشعوب لديها ذاكرة قوية، ومعرفة بحقائق الأمور مهما خفيت، وهي لا تخدع بشعارات ترفع، ولا بإعلام يضخم، ففطرتها قادرة على التمييز بين الحق والباطل، وبين الصدق والادعاء.
الرهان على المواطن هو الرهان الحقيقي، فالمواطن هو الحصن المنيع الذي يحفظ كيان الدولة ويحقق لها الأمن والازدهار، ويحميها من غوائل الزمان. الرهان على المواطن يحتاج إلى عمل دؤوب وصلات مستمرة بين القيادة والشعب، تتم عبر تلمس الحاجات وإقالة العثرات والمساندة في الملمات والمشاركة في الأفراح. وإذا طبقت القيادة هذا الأمر فقد كسبت الرهان، ولم يعد هناك ما يخيفها على أمن الوطن والمواطن، ولا على استقرار الدولة.
المملكة العربية السعودية، منذ تأسيسها على يدي الملك عبد العزيز، كان رهانها الأول هو المواطن، فأصبحت قريبة منه ترى فيه المَعين الذي لا ينضب، وتسعى إلى تحقيق كل ما يؤمله من أمن ورخاء.
من هذا المنطلق نجد أنه ليس مستغرباً هذه الفرحة الغامرة التي عمت جموع المواطنين، صغيرهم قبل كبيرهم، وهم يسعدون برؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ــ حفظه الله ــ عائداً من رحلته العلاجية التي تكللت ولله الحمد بالنجاح، هذه الفرحة الغامرة والشوق الكبير كان نتيجة من نتائج رهان الملك عبد الله على حب وولاء شعبه الذي كان ينتظره بشوق لا مراء فيه.
الملك عبد الله بن عبد العزيز حمل بين جنبيه حب هذا الوطن وأبنائه، وأنى سار حمله معه، وكان ولا يزال يسعد بسعادتهم ويحزن من ما يكدرهم، ويبذل الجهد كل الجهد لتحقيق ما يصبون إليه من عزة وسؤدد، فقابله شعبه حباً بحب ومودة بمودة، نراها أنّى حل أو ارتحل.
ومع عودة الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى أرض الوطن سليماً معافى بحمد الله ومنته، يستذكر المواطنون مواقفه العديدة، ومبادراته الخيرة، ومكارمه التي عمت أرجاء الوطن، وهم يأملون بالمزيد من الخير، والنماء لهذا الوطن العزيز.
فحمدا لله على سلامة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ونسأل المولى القدير أن يديم على بلادنا نعمة الأمن والأمان والرخاء والاستقرار، وأن يوفق ولاة الأمر لكل ما فيه خير الوطن والمواطن.