في الرياضة.. الفحوص الطبية الشاملة وقاية من الإصابات والموت المفاجئ

كما هو معروف يشتمل البرنامج السنوي لتدريبات الأندية أو المنتخبات في كرة القدم على مراحل أساسية تختلف كل منها عن الأخرى من حيث النوع والغرض والفترات الزمنية.. وهذه المراحل متصلة كل منها تكمل الأخرى وهي عبارة عن مراحل التكوين والإعداد البدني والإعداد الفني والتنظيم لأداء المباريات، وتعتبر المرحلة الأساسية في برنامج الإعداد هي التكوين البدني والغرض منها هو إعداد اللاعب بدنياً حتى يتمكن من أداء المهارات الفنية والتكتيكية وربطها معاً لتنفيذ نواحي اللعب المختلفة غير أن تلك المرحلة لا تكفي لإعداد اللاعب والفريق للاشتراك في المباريات الرسمية.. نظراً لتأثيرها القوي في أجهزة الجسم المختلفة وأعصاب اللاعب وقوة تحمله فكرة القدم الحديثة لعبة شاقة مجهدة تحتاج إلى مجهود بدني كبير وإلى سرعة ولياقة بدنية عالية وقد تطور تنظيم المباريات وزاد عددها حتى بلغ 50 إلى 70 مباراة أو ربما أكثر يؤديها اللاعب أو الفريق في الموسم الرياضي الواحد، لذلك أصبح من الواجب إعداد اللاعب لهذا المجهود البدني العنيف بطريقة علمية مدروسة، ولما كانت مرحلة الإعداد والتكوين هي المرحلة الأساسية التي تعد اللاعب لمواجهة وتحمل المباريات والمنافسات خلال الموسم الرياضي، إذ يتوقف عليها نجاح الفريق ويؤدي إلى استمراره في المباريات وظهوره بالمظهر المشرف, والفريق الذي يؤدي هذه المرحلة بطريقة صحيحة يكون في مرحلة المباريات أكثر استعدادا وتفوقاً, ويحرز نتائج أفضل من الفرق التي لم تهتم بإعداد فريقها إعداداً كاملاً منذ البداية.

#2#

ومع أن المسابقات في الكرة الحديثة تنظم حيث تؤدي على قسمين إلا أن مرحلة الإعداد البدني والتكوين لا تتكرر, بل تجرى مرة واحدة في الموسم الرياضي وقبل بدء المباريات وينظم برنامج التدريب في مختلف المراحل، حيث تمهد كل مرحلة للأخرى بطريقة متدرجة سنوضحها فيما بعد.
والغرض الأساسي من مرحلة الإعداد والتكوين هو رفع لياقة اللاعب البدنية (القوة.. التحمل.. السرعة.. المرونة.. الرشاقة) وإعداده إعداداً بدنياً كاملاً والتي تنقسم إلى أربعة أقسام، ويقع الحمل الأكبر في قوة التدريب في القسم الثالث منها، وهو يعتبر أكثر مراحل التدريب مشقة خلال الموسم الرياضي كله, أن عدد مرات التدريب الأسبوعية في هذا القسم يرتفع إلى ما بين ثماني مرات إلى عشر مرات، ثم تأتي مراحل الإعداد الفني والتي تختص بالإعداد الفني لأداء المباريات، والغرض من مرحلة الإعداد للمباريات تنمية جميع المهارات والقدرات الفردية, واللعب الجماعي للفريق لتنفيذ طرق اللعب وخططه.
والغرض الأساسي من تدريبات هذه المراحل هو التأكيد على اكتمال مستوى اللاعبين الفني والبدني وبلوغهم قمة التأهيل للاشتراك في المباريات الرسمية والمحافظة على هذه القمة, وبذلك تكون هذه المرحلة استمراراً لإعداد اللاعب البدني والفني وتأهيله للاشتراك في المباريات على المدى الطويل، وقد يحتاج اللاعب في فترات الإعداد التي قد تمتد لـ 45 يوماً، وفيها قد يجري اللاعب من ثلاثة إلى أربعة آلاف متر في التدريب الواحد مع الحركات المختلفة التي ويؤديها اللاعب خلال المران أو خلال المباراة بحيث يؤدي اللاعب المهارة خلال جريه وحركاته المفاجئة ثم تأتي مرحلة المنافسة الرسمية التي تمتد خلال الموسم والذي قد يصل إلى تسعة أو عشرة أشهر.
ولما كانت كرة القدم تحتاج إلى تدريبات خاصة للإعداد البدني تناسب تحركات اللاعبين لهذا فإن كرة القدم تحتاج إلى إعداد خاص يتماشى مع احتياجات اللعب من حيث السرعة والتحمل والقوة والمهارة من الناحية الفنية والتكتيكية الخاصة باللعبة مع اختيار التدريبات المناسبة لتنمية هذه القدرات.
ومن كل ذلك يتضح أن لعبة كرة القدم رياضة شاقة ومرهقة ويبذل فيها اللاعب مجهوداً بدنياً ونفسياً كبيراً طوال فترة ممارسته لها، وفي حال عدم التعامل الصحيح منذ بداية هذه الممارسة بإجراء الفحوص الشاملة فقد يؤدي ذلك لمضاعفة المجهود البدني والذي قد يؤدي على أثرها إلى تنشيط العوامل المساعدة على تكوين الجلطات في دماء المرضى الذين يعانون مرض الشريان التاجي حسبما ورد في الدراسات الطبية.
وكانت دراسات سابقة أوضحت أن الزيادة المفاجئة وقصيرة المدى للمجهود البدني قد تؤدي إلى تنشيط آليات التجلط في أشخاص أصحاء وآخرين يعانون مرض الشريان التاجي، ولكن مثل هذه الدراسات أجريت بالاستعانة باختبارات لم تكن متاحة لجميع المرضى.
كما تؤدي الانفعالات النفسية الحادة مثل الخوف والغضب الزائد نتيجة للإخفاق في كرة القدم إلى ارتفاع وقتي في ضغط الدم نتيجة زيادة هرمونات الأدرينالين والكورتيزون والألدوستيرون وغيرها في الدم؛ لذلك ليس بالمستغرب أن يؤدي القلق النفسي والتوتر العصبي المزمن إلى ارتفاع في ضغط الدم علي المدى البعيد.
وبناء على ذلك يتضح أن لاعب كرة القدم يتعرض لإجهاد كثير من جراء فترات الإعداد البدني والفني ومن ثم المباريات التأهيلية والمباريات الرسمية مما يستوجب أن يكون هذا اللاعب في حالة صحية كاملة لتمكنه من أداء دوره في التدريبات والمباريات التنافسية بصورة مرضية وعدم تعرضه للإرهاق أو إصابات الملاعب أو الإصابات الأخرى التي ربما تنتج عنها الوفيات، وأمام تزايد هذه الحالات ألح الاتحاد الدولي لكرة القدم على الأندية المحترفة أو الهاوية والمنتخبات بإخضاع أي لاعب ترغب في إشراكه في اللعب أو التعاقد معه إلى فحص طبي روتيني بل وإجراء فحوص طبية شاملة، يكون الغرض منه الكشف عن أي تشوهات خلقية وتحديد مقومات الرياضي قبل التعاقد مع أي لاعب أو المشاركة في بطولة دولية كانت أو إقليمية أو محلية وذلك بغية الحد من حالات وفيات اللاعبين في الملاعب، ومن أجل معرفة حالة اللاعب الصحية العامة والإصابات القديمة والحديثة ومدى تأثيرها في أداء اللاعب، ومعرفة مستوى اللياقة البدنية لدى اللاعب، ومن أجل التأكد من سلامته وقدرته على ممارسة لعبة كرة القدم بشكل طبيعي.
وبناءً على الكثير من الحالات التي شهدتها الملاعب العالمية والعربية فقد أصبح الموت المفاجئ للاعبي كرة القدم يشكل ظاهرة بل هاجساً للاعبين وأسرهم، فالإحصاءات والدراسات رصدت هذه الظاهرة بشكل علمي، حيث يرى الأطباء المتخصصون في أمراض القلب العلاقة القوية بين حالات الإجهاد الذي يتعرض له اللاعب أثناء المباريات أو التمارين والتي تتسبب في إظهار العيوب الخلقية في القلب نتيجة لعدم إجراء الفحوص الطبية اللازمة للاعبي لكرة القدم قبل ممارستهم للتدريبات الإعدادية في بداية الموسم وفي أثناء وبعد نهاية الموسم الرياضي وأهم أسباب الوفاة المفاجئة تنتج عن السكتات القلبية وأكثرها شيوعاً بنسبة 36 في المائة وهو (خلل صباغي يتميز بتضخم البطين الأيسر، عادة ما يصيب الحاجز البطيني)، وكما تنحصر أعراضه بألم في الصدر عند بذل مجهود بدني وصعوبة في التنفس أو شعور بالإغماء، وهذا ما يفسر حدوثها في ملاعب كرة القدم بصورة أكبر نتيجة الجهد الكبير الذي تحتاج إليه هذه الرياضة، إلا أن أكثر اللاعبين المصابين بالمرض لا يشعرون بتلك الأعراض حتى حين لحظة الوفاة ولتجنب الحوادث المؤلمة التي جعلت من الملاعب الخضراء مصدراً للمآسي والأحزان يجب إجراء الفحوص الطبية الشاملة والتي من شأنها التقليل من هذه الحوادث لأن واحداً من أهم أهداف الفحص الطبي هو الكشف عن أي عيب خلقي من شأنه أن يهدد حياة اللاعب لأن بعض التشوهات الخلقية في القلب قد لا تظهر أثناء التدريبات لكن عند فحص القلب وتصويره يتم اكتشافها بسهولة، وعندها إما أن يُعالج اللاعب أو يتم استبعاده إذا كانت حالته لا تسمح باستمراره في الملاعب.
كما يجب الاطلاع على التاريخ الطبي لأسر اللاعبين لأن معظم حالات الموت المفاجئ للاعب الرياضي ترجع إلى جملة من الأسباب التي تتسبب في الموت المباشر له، ومن بين هذه الأسباب الرئيسية الأمراض الوراثية وأمراض القلب لأن السبب الرئيس في الأمراض القلبية تضخم جدار عضلة القلب، حيث إن عضلات قلب الرياضي أكبر حجماً من عضلات قلب الإنسان غير الرياضي، ولكن الفرق بين عضلات قلب الرياضي السليم والقلب غير السليم للرياضي تضخم في جدار القلب وصغر في حجرات القلب بينما في الرياضي السليم يكون تضخماً في جدار القلب وسلامة حجرات القلب واعتلال في كهرباء القلب وأمراض في الشرايين التاجية للقلب، وبالتالي تتضح معرفة كل ذلك عند الفحص الطبي.
وهنالك أسباب أخرى منها تناول المواد المنشطة وأمراض أنيميا الدم المنغلية، حيث يسبب المجهود البدني الذي يبذله الرياضي ضغطا على الجهاز الدوري فيصاب الرياضي بجفاف بسبب التعرق وبالتالي يصاب الشخص بالجلطة.
وهنا تتضح ضرورة التركيز في الفحص الطبي للاعب كرة القدم على أمراض القلب وقياس جهد القلب أثناء الراحة وخلال بذل المجهود، وكذلك عمل فحص أشعة الموجات فوق الصوتية لحجرات القلب.
وقد أكد معظم أطباء القلب في العالم على ضرورة فحص القلب بشكل دقيق يشمل الفحص الطبي إجراء تخطيط كهربائي للقلب، فحص ضغط الدم والنبضات المحيطية، ونبض القلب أثناء الراحة والحركة وفحص دوري للاعبين للكشف عن بدايات الأعراض أو لرصد التغيرات غير الطبيعية في مسار صحة القلب وذلك عن طريق تخطيط صدى القلب بالموجات الصوتية مما يساعد على اكتشاف عدم الانتظام والفحص بتخطيط صدى القلب بالموجات الصوتية هو أوثق الاختبارات لكشف أسباب المرض، وكذلك اختبار المجهود لاكتشاف ما إذا كان القلب منتظماً من عدمه والكشف عن درجة تروية عضلة القلب والتخطيط الكهربائي للقلب الذي يُقيس درجة الضغط والنبض مع الأخذ في الاعتبار التاريخ المرضي للاعب عند بداية فترات الإعداد أو المنافسات الرسمية، بل يجب أن تجرى فحوص أخرى مهمة مثل إجراء القياسات البدنية وسماكة الشحوم في الجسم وصور الأشعة للصدر, وكذلك يجب ألا نغفل فحص العيون والتركيز على فحص الأسنان لأن سلامة الفم والأسنان مهمة جداً لأن أي حالة نخر أو تسوس في الأسنان يؤدي إلى تشكل بكتيريا، حيث أكدت الأبحاث حديثاً وجود علاقة قوية بينها وبين مرض القلب، إضافة إلى أن أمراض الأسنان تؤدي إلى ضعف في المناعة يؤخر شفاء الإصابات عند اللاعب، وقد ذكر لي الصديق العزيز واستأذنا وليد كردي أن المدرب العالمي منيلي كان يخضع اللاعبين للفحص الشامل، وأول ما يبدأ به هو فحص الأسنان، كما أن إجراء التحليل الكيماوي للدم يظهر سلامة القلب والكلى والكبد، إضافة إلى إخضاع اللاعبين للكشف عن مدى قدرة اللاعب على التحمل والجهد خاصة للاعبين الناشئين إلى جانب بعض التحاليل الهرمونية، وكذلك تحاليل الدم التي قد تكشف بعض الأمراض الخفية التي ليس لها عرض ظاهر مثل التهابات الكبد.
وعليه تنبع أهمية الفحوص الطبية لما لها من فائدة كبيرة للتعرف على صحة وسلامة اللاعبين للوقاية من الإصابات وفي البلاد التي تجرى فيها الفحوص الطبية بطريقة منظمة وإلزامية للجميع مثل إيطاليا والتي تتم فيه فحوص القلب للاعبي كرة القدم والرياضيين عمومًا بشكل دوري وإلزامي، فهي البلد الأقل في مثل تلك الحوادث، كما أن هناك ألف حالة موت فجائي على مستوى العالم ناتجة عن أزمات قلبية تصيب الرياضيين في كل عام، والفحوص الطبية تعد من الإجراءات الوقائية المهمة التي تساعد كثيرًا في السيطرة النسبية على ظاهرة الموت المفاجئ، ولكنها لن تقضي عليها بشكل تام بطبيعة الحال.
وقد شدد ألان هودسون رئيس لجنة الفحوص الطبية في الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم F.A على أن الصحة والسلامة لمن يمارسون كرة القدم تحت مظلة الاتحاد الإنجليزي تشكل أولوية مطلقة، ولا يوجد أي تهاون في تنفيذ قواعد "الصحة والسلامة" وتعليماتها في الكرة الإنجليزية، حيث يتم عمل فحص طبي شامل مع التركيز على فحص القلب للاعب كرة القدم حينما يبلغ من العمر 16 عامًا لتحديد قدرة اللاعب على الاستمرار في عالم الاحتراف ضمانًا لعدم وجود مشكلات صحية تهدد حياته وخاصة عيوب القلب وأمراضه، كما يتم اتخاذ الإجراءات ذاتها بشكل دوري مع جميع اللاعبين المحترفين في إنجلترا من خلال وجود 17 مركزًا معتمدًا لهذا النوع من الفحوص.
وأصبح الموت المفاجئ يشكل مصدر قلق للاعبين الذين يمارسون رياضة كرة القدم في مختلف بلدان العالم، والمدهش حقاً أن أعمار أغلب المتوفين دون عمر الـ 30 مما يؤكد أن العمر ليس له دخل في حدوث الوفاة وكذلك مقاييس البنية الرياضية للاعب، والموت المفاجئ هو الذي لا يثير شكوكاً أو يصدر إشارات لحدوث الموت، كما أن اللاعبين المتوفين فقدوا حياتهم حتى أثناء التدريب وليس فقط خلال المباريات، ويعد هذا الهاجس أبرز مما حير الأطباء والمتخصصين، في الوقت الذي يشهد زيادة نسبة وفاة لاعبي الكرة داخل المستطيل الأخضر، حيث تشهد الملاعب العالمية والعربية تفشي هذه الظاهرة التي أصبحت مقلقة وعلينا اتباع خطوات الوقاية اللازمة حتى لا نرى أبناءنا يتساقطون الواحد تلو الآخر ونحن نتحسر عليهم بل يجب إجراء الفحوص الشاملة والتي يمكن أن تقلل من الظاهرة، وهنالك بعض من الأسباب الشائعة للموت المفاجئ للرياضيين:
ـــــ الضغوط العصبية والنفسية الناجمة عن حدة التنافس الرياضي في المستويات الاحترافية.
ـــــ الإجهاد البدني جراء تواصل المباريات التي قد تصل إلى 70 مباراة سنويًا بخلاف الحصص التدريبية التي يتلقاها لاعب كرة القدم (على سبيل المثال) على مدار ستة أو ربما سبعة أيام في الأسبوع ولمدة تتراوح بين أربع وست ساعات يوميًا.
ـــــ وجود عيوب خلقية في القلب لا يتم اكتشافها نظرًا لعدم القيام بالفحوص الطبية اللازمة.
ـــــ القصور المفاجئ في عمل القلب الذي ينتج بسبب توقف ضخ الدماء إلى الأوعية.
ـــــ توقف عضلة القلب عن العمل بسبب قصور في حصولها على مصدر الطاقة.
ـــــ حالات ابتلاع اللسان وهو ما يؤدي لتوقف عمل الجهاز التنفسي الذي يتسبب بدوره في توقف عمل الجهاز الدوري مما يؤدي إلى توقف القلب.
ـــــ الإغماء الحراري، إذ إن اللاعب الذي يخوض المباريات في أجواء حارة قد تحدث عنده حالة الإغماء الحراري، وخاصة إذا كان يلبس ملابس ثقيلة نتيجة فقدان الكثير من العرق والسوائل داخل الجسم، ويشعر الشخص قبل حدوث الإغماء بضعف في الجسم مع الشعور بالصداع والدوار، ويكون جلد اللاعب بارداً وضغط الدم منخفضاً على الرغم من أن حرارة الجسم قد تكون طبيعية.
وعند حدوث هذه الحالة يجب أخذ اللاعب إلى منطقة باردة بأسرع وقت ممكن مع إعطائه مقادير مناسبة من الماء والأملاح، وغالباً يرجع هذا الشخص لحالته الطبيعية في وقت سريع، ثاني حالة هي ضربة الشمس ففي بعض الحالات إذا لم يعالج المريض الذي يعاني الإنهاك الحراري قد ترتفع درجة حرارة جسمه كثيراً ولدرجة خطيرة حتى أنها قد تصل إلى أكثر من 43 درجة مئوية، ويفقد بذلك المريض وعيه وهذا ما يسمى بضربة الشمس وإذا لم يعالج اللاعب بسرعة قد تحدث لديه مضاعفات خطيرة مما يؤدي إلى وفاته، ومن هذه المضاعفات: هبوط في الدورة الدموية وفشل في وظيفة الكلى والكبد.
والعلاج في هذه الحالة هو خفض حرارة الجسم بأسرع وقت ممكن وذلك بأخذ المريض إلى مكان بارد ونزع ملابسه وترطيب جلده بالماء ويجب أن تكون درجة حرارة هذا المكان ما بين 30 و 35 درجة مئوية وحرارة الماء المستخدم نحو 15 درجة مئوية، وينصح المختصون بعدم استخدام الثلج، وبعد أن تنخفض درجة حرارة الجسم يجب التوقف من تبريد الجسم، ويجب أن تكون هناك تهوية مناسبة، وقد يحتاج المريض إلى الأوكسجين، وإذا حصلت المضاعفات يجب أن تعالج بسرعة.
وهناك حالات ابتلاع اللسان التي أصبحت ظاهرة وواحدة من المشكلات التي ظهرت أخيرا في الملاعب الرياضية والتي من الممكن أن تؤدي إلى الوفاة في وقت قصير جداً، والنتائج السلبية المترتبة على بلع اللسان تمدد للأوعية الدموية وهبوط مفاجئ في ضغط الدم، خاصة هبوط الدم الموجود بالمخ مما يسبب الجلطات والنزيف في المخ ويؤدي بدوره إلى الوفاة.
وأخيرًا نقدم قائمة ببعض من أحبائنا من نجوم كرة القدم من العرب وغيرهم الذين حصدهم الموت المفاجئ الذي كان يختبئ هناك فوق العشب الأخضر "رمز الحياة" متحديًا الآلاف من الذين تكتظ بهم جنبات الملاعب بحثاً عن لحظات السعادة والبهجة والمتعة والإثارة، ولكن الموت في كل مرة كان لكل هؤلاء بالمرصاد، فعلى المستوى العربي.. حصد الموت المفاجئ أرواح كل من:
ـــــ التونسي الهادي بن رخيصة: توفي خلال مباراة لفريقه الترجي، وكان سبب الوفاة هو بلع لسانه دون تمكن المسعفين من إنقاذه، هذه الحادثة هزت كل الرياضيين العرب وتركت أثراً بالغاً في نفوسهم لأنها كانت في مباراة منقولة على الهواء مباشرة.
ـــــ الجزائري عبد الكريم قصبة: توفي أثناء مباراة في الدوري المحلي لفريقه، أصيب بسكتة قلبية ناجمة عن جهد زائد.
ـــــ بن ميلودي الجزائري سبب موته كان سكتة قلبية.
ـــــ الجزائري حسين قاسمي: لاعب شبيبة القبائل توفي أثناء مباراة ناديه باتحاد عنابة بسبب ارتجاج في المخ.
ـــــ المغربي فاروق يوسف بالخوجة: لاعب الوداد المغربي البيضاوي لإصابته بسكتة قلبية في مباراة نهائي كأس العرش المغربي.
ـــــ المصري محمد عبد الوهاب: يعتبر محمد عبد الوهاب لاعب الأهلي المصري آخر اللاعبين الذين توفوا في الملعب، وذلك أثناء تدريباته مع الفريق، وأرجع الأطباء سبب الوفاة إلى هبوط حاد في الدورة الدموية.
ـــــ وأخيراً اللاعب النيجيري الأصل السوداني الجنسية أيداهور الذي توفي أثناء لقاء فريقه مع الأمل العطبراوي ضمن مباريات الدوري السوداني.
كما تعرض العديد من اللاعبين العرب لحالات إغماء أثناء المباريات، وكان القدر رحيمًا بهم وبجماهير الكرة العربية.. ومن هؤلاء اللاعب السعودي أحمد خريش حينما ابتلع لسانه خلال مباراة الاتحاد والأهلي، كما تعرض اللاعب المصري محمد صديق لاعب الأهلي سابقاً للإغماء خلال مباراة فريقه الموسم الماضي أمام طلائع الجيش.
ويطل الحزن من باقي أنحاء العالم:
ـــــ الكاميروني فويه تشاسوي نسوفوا وهو لاعب كرة قدم زامبي توفي على أثر انهياره على الأرض بشكل مفاجئ نتيجة أزمة قلبية أثناء التدريب مع فريقه.
ـــــ أنطونيو بويرتا لاعب إسباني يبلغ من العمر 22 عامًا كان يلعب كمدافع ولاعب وسط لفريق إشبيلية الإسباني ـــــ توفي بعد ثلاثة أيام من إصابته بنوبة قلبية دهمته خلال مباراة فريقه مع خيتافي في الدوري الإسباني.
ـــــ هوجو كوينا" 28 عامًا ـــــ لاعب وسط برتغالي كان يلعب لفريق ليريا البرتغالي توفي على أثر أزمة قلبية وسقط بشكل مفاجئ أثناء أداء مباراة برفقة أصدقائه.
ـــــ سيرجينيو 30 عامًا ـــــ مدافع برازيلي كان يلعب لفريق ساو كايتانو ـــــ توفي إثر توقف التنفس بشكل مفاجئ أثناء مباراة في الدوري البرازيلي في ساو باولو.
ـــــ ميكلوس فيهر 24 عامًا ـــــ لاعب مجري دولي توفي على أثر أزمة قلبية أثناء مباراة فريقه البرتغالي "بنفيكا" ضد فريق فيتوريا جيمارايش.
ـــــ ماكس فيريرا 20 عامًا ـــــ لاعب برازيلي توفي في المستشفي عقب شعوره بالإجهاد أثناء تدريب فريقه بوتافوغو.
ـــــ مارك فيفيان فويه 28 عامًا ـــ لاعب كاميروني توفي بأزمة قلبية داهمته أثناء مباراة منتخب بلاده مع منتخب كولومبيا أثناء بطولة العالم للقارات التي أقيمت في فرنسا.
ـــــ مارشيو دوس سانتوس 28 عامًا ـــــ لاعب برازيلي دهمته أزمة قلبية بعد ساعات من مشاركته مع فريقه ديبورتيفو وانكا من "بيرو".
ـــــ داف لونجهورست 25 عامًا ـــــ لاعب إنجليزي كان يلعب لفريق يورك سيتي كان يعاني مرضا نادرا في القلب وتوفي بأزمة قلبية أثناء مباراة فريقه في دوري الدرجة الثانية الإنجليزي مع "لينكولن سيتي".
ـــــ صامويل أوكواراجي 24 عامًا ــــ لاعب نيجيري توفي بأزمة قلبية أثناء مباراة منتخب بلاده ضد المنتخب الأنجولي في التصفيات المؤهلة لكأس العالم.
وحتى يعمل الجميع من أجل تقليل حوادث الموت المفاجئ.. لابد من عمل الآتي:
ـــــ الفحص الطبي الشامل والدقيق للاعبين قبل الانخراط بشكل كامل في ممارسة النشاط الرياضي وبالأخص للاعبين الناشئين.
ـــــ الفحص الطبي الدوري الإلزامي (كل عام قبل فترة الإعداد للموسم الجديد ـــــ وبعد نهاية الموسم الرياضي)، وذلك من خلال مراكز طبية معتمدة ومخصصة لهذا الغرض شريطة أن يكون هذا الإجراء تحت إشراف الاتحادات الرياضية والأندية ووفق شروط وتوجيهات الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".
ـــــ تزويد الملاعب المختلفة وسيارات الإسعاف في استادات كرة القدم بالأجهزة والمعدات اللازمة للإسعاف الأولي، وخاصة ما يتعلق منها بأجهزة إفاقة وإنعاش القلب وحالات الاختناق وابتلاع اللسان وغيرها من الإصابات الطارئة.
ـــــ تزويد الفرق الطبية للأندية والاتحادات بطبيب مختص في أمراض القلب (إذا أمكن ذلك).
ـــــ نشر ثقافة الإسعافات الأولية والتعامل مع الحالات الطارئة في صفوف الأجهزة الفنية واللاعبين والمدارس لكي يتعاملوا مع الحالات الطارئة بطريقة صحيحة انتظارًا للتدخل الطبي من جانب الاختصاصيين. ـــــ الإجراء الأهم هو تقليل عدد المباريات التي يلعبها لاعب كرة القدم المحترف أو الهاوي، وهو الأمر الذي أكد عليه نجم الكرة الفرنسية "زيدان"، حينما أكد أن الكم الهائل من المباريات يقضي على الكثير من المواهب الكروية ويعجل باعتزال اللاعبين، وأخيرا شدد الفرنسي ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم على هذا الأمر الذي بات مطلبًا عالميًا، ولكنه يجب أن نوجد معادلة توفيقية؛ ففي عصر الاحتراف والمكاسب المالية التي أصبحت تطغى على كل القيم إنسانية تصبح هذه المعادلة صعبة تحتاج إلى دراسات.
على المسؤولين عن الرياضة في العالم العربي إلزام الاتحادات الرياضية والأندية وإدارات المنتخبات بفتح ملفات طبية لكل لاعب تتضمن التاريخ الطبي للاعب وأسرته، وأن تجرى الفحوص الطبية الشاملة قبل بدء فترات الإعداد، وبعد انتهاء الموسم الرياضي وعند توقيع عقود المحترفين، كما يجب على وزراء الصحة بالتضامن مع وزراء الشباب والرياضة في العالم العربي بإنشاء مراكز طبية مختصة لهذا النوع من الفحوص، وأن توضع لها ضوابط صارمة وإجراءات جزائية لمن يخالف ذلك، حتى تظل المستدير الساحرة رمزاً للمتعة والإثارة والفرح بعيداً عن الحزن والأسى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي