الفرصة الأخيرة لإنقاذ محافظة جدة من الغرق (2 من 2)
إشارة إلى مقالي السابق المنشور يوم الخميس الماضي، أستكمل البنود التي تضمنتها توجيهات المليك الخاصة بمهام اللجنة الفرعية التي شكلت لمعالجة مشكلة سيول جدة وذلك وفقا للتالي:
5- يتم بعد ذك طرح المشاريع المقترحة لتصريف مياه الأمطار ودرء أخطار السيول وفق الدراسات المقترحة أعلاه لتنفيذها من قبل عدد من شركات المقاولات العالمية المؤهلة.
6- للجنة الفرعية الصلاحيات الكاملة لتشكيل لجان وفرق عمل، والاستعانة بخبراء عالميين لمتابعة تنفيذ أعمال تصريف الأمطار ودرء أخطار السيول، ورفع تقارير دورية لصاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية المشرف على هذه اللجنة.
7- تقوم اللجنة الفرعية بتكليف جهة (أو جهات) استشارية متخصصة لتحديد الأحياء، التي تتكرر فيها مداهمة الأمطار والسيول، والعمل على معالجتها، بما في ذلك نزع الملكيات، على أن يبدأ العمل في ذلك بصفة عاجلة جداً وخلال شهر من تاريخه.
8- تتولى اللجنة الوزارية إحاطة النظر الكريم في ما يتم إنجازه من أعمال.
دون أدنى شك فإن تنفيذ تلك التوجيهات والأوامر الملكية حرفياً والالتزام بها سيمكن محافظة جدة من التغلب على تركة وورثة ثقيلة من المشاكل التنموية والبيئية، ظلت تعانيها لعقود طويلة من الزمن، التي من بينها مشكلة تصريف أو درء أخطار السيول.
ما أسعدني بتلك التوجيهات وبتلك الأوامر، وأثلج صدري، وجعلني أتنفس الصعداء، هو تكليف اللجنة الفرعية، بطرح المشاريع المقترحة لتصريف مياه الأمطار ودرء أخطار السيول للتنفيذ من قبل شركات مقاولات عالمية مؤهلة، لكوني بصراحة تامة، بعد كارثة جدة بدأت أفقد ثقتي بقطاع الإنشاءات والمقاولات المحلي. وأصبحت أتفق تماماً مع زميلي الكاتب نبيل المبارك في صحيفة ''الاقتصادية''، عندما نادى بعدم الثقة بقطاع الإنشاءات والمقاولات المحلي للأسباب التي أوردها في مقاله المنشور في ''الاقتصادية'' في العدد 1006، تحت عنوان: ''لا تثقوا بقطاع الإنشاءات والمقاولات المحلي!''، وإن كان ذلك التعميم بطبيعة الحال، لا يلغي وجود استثناءات.
وأود أن أناشد اللجنة الفرعية من خلال مقالي هذا، الالتفات، إلى التحذير الذي أطلقه الدكتور عبد الرحمن الزامل، الذي نشر في صحيفة ''الوطن''، وذلك بعدم السماح للشركات العالمية، اللجوء أو الاستعانة بمقاولين من الباطن، لكي نضمن بذلك نزاهة تلك الشركات، التي يستهدف استقطابها لتنفيذ مشاريع جدة، وبناء شبكات الطرق وشبكات الصرف الصحي، ومشاريع درء أخطار السيول، هذا إضافة إلى أهمية الالتفات إلى ما أكده الدكتور الزامل، بعدم الاشتراط أن يكون للشركة العالمية وكيل محلي في السعودية، وضرورة استقدام الشركات لعمالتها من الخارج وإعادتهم إلى بلدانهم بعد الانتهاء من تنفيذ المشاريع المتعاقد عليها، وذلك استناداً إلى تجربة سابقة قامت المملكة، بتطبيقها في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، عندما تعاقدت مع شركات عالمية من بلدان مختلفة لتنفيذ مشاريع لإيصال الكهرباء في البلاد.
ولعلي أقترح على اللجنة الفرعية لضمان حسن نجاح تنفيذ مشاريع إعادة بناء وإعمار البنية التحتية لمحافظة جدة إن صح التعبير، الالتفات أيضاً للأسباب التي حددها ديوان المراقبة العامة، والتي حالت دون تنفيذ المشروعات الحكومية، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، التقاول من الباطن، وضعف التخطيط للمشروعات في مراحل إعداد دراسات الجدوى، وفي مراحل وضع التصاميم الهندسية والشروط والمواصفات الفنية، وأيضاً كثرة التعديلات وتعدد أوامر التغيير بالحذف أو الإضافة أثناء مراحل التنفيذ، لكون تلك الأمور، ستتسبب في تمديد فترات العقود وفي زيادة تكاليفها المالية وتكاليف الإشراف، إضافة إلى التسبب في تأخر الاستفادة من المشروع.
خلاصة القول، إن موافقة المقام السامي، على ما أوصت به اللجنة الوزارية المكونة بالأمر السامي الصادر بتاريخ 22/2/1432، برئاسة الأمير نايف بن عبد العزيز، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، بتشكيل لجنة فرعية تحت إشراف سموه، وبرئاسة أمير منطقة مكة المكرمة، وعضوية عدد من الوزراء المعنيين بالأمر، لتتولى القيام بتنفيذ عدد من المهام المتعلقة بالارتقاء بخدمات البنية التحتية لمحافظة جدة، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، إقرار الدراسات، وطرح تنفيذ مشاريع البنية التحتية للمحافظة، واستثنائها من أحكام نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، وذلك بالاستعانة بمكاتب استشارية وشركات مقاولات عالمية، سيعيد إلى محافظة جدة بريقها الحضاري وسيضعها على المسار التنموي الصحيح، كما أن مثل هذه التوجيهات والأوامر الملكية، تعد بمثابة فرصة ثمينة، يجب استغلالها من قبل اللجنة الفرعية المذكورة الاستغلال الأمثل، لكونها تمثل بالنسبة لمحافظة جدة وأهلها، طوق نجاة ومرفأ أمان يجنبهما التعرض في المستقبل لكارثة سيول محتملة بسبب ضعف البنية التحتية وهشاشة الخدمات الأساسية.
كما أن حسم النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز، موقف جميع المتورطين والمدانين في فاجعة جدة العام قبل الماضي، وكذلك المقصرين في سيول هذا العام، بإعلانه أن هيئتي التحقيق والادعاء العام والرقابة والتحقيق قد تولتا موضوع الأشخاص الذين أدينوا، ورصدت عليهم ملاحظات لها علاقة بمشكلة السيول، وإنهاء الشيء الكثير من التحقيقات وإحالة المتهمين إلى القضاء، إضافة إلى أنه سيتم الإعلان عن المتورطين عند صدور الأحكام القضائية ضدهم، سيقضي ــ بإذن الله ــ على قضايا الفساد الإداري والمالي، بما في ذلك استغلال النفوذ والسلطة في المحافظة، وسيعيد لسكان جدة وأهلها من المواطنين والمقيمين على حد سواء، الثقة بالأجهزة الحكومية والعاملين فيها في المحافظة، إضافة إلى أن ذلك سيكون بمثابة عبرة للآخرين لمن تسول لهم أنفسهم خيانة الأمانة والتفريط بالمسؤوليات الملقاة على عواتقهم، والله من وراء القصد.