الأربعاء الأسود في جدة!
أجراس الإنذار في "جدة" دقت كلها .. إني أغرق .. أغرق .. أغرق .. كما قال "نزار قباني"، وما قاله الشاعر الكبير الراحل كان عاطفيا .. أما الآن فواقعيا .. واقع أليم عاشته .. جدة الصحافة تبالغ أو تبحث عن الإثارة أو هي مغرضة .. وتبقى جثة "عروس البحر الأحمر" سابقا مثخنة بالجراح، تسيل دماؤها في الطرقات!!!
عروس البحر الأحمر سابقا .. الغريقة حاليا.!!
منذ أكثر من عشر سنوات، حذر عدد من كبار الأكاديميين في كلية الأرض في جامعة الملك عبد العزيز، وأعدوا دراسة عن حالة "جدة" توقعوا فيها "كارثة جدة", ونبهوا إلى ضرورة تدارك الأمر قبل أن تغرق "جدة" وتتهدم مبانيها، والبنية التحتية للمرافق العامة كالتليفونات والكهرباء والمياه. وقد قدم هؤلاء الأكاديميون ما يرونه علاجا عاجلا لحالة "جدة". وكما قلنا كان ذلك منذ عشر سنوات، وأظن بل من المؤكد أن أحدا لم يهتم بهذه الدراسة .. وتتالت عهود ووعود .. وهذه الدراسة المهمة وغيرها كثير ملقاة في أدراج الإهمال والتسيب.
إذن قامت الجامعات بدورها، وقامت الصحافة بواجبها .. منذ 30 عاما والصحافة تحذر وتنبه، ولكن وألف لكن .. غالبا ما يتمطع المسؤول في "جدة" .. ويدلي بتصريحه التاريخي بأن مأساة الأمطار والسيول في "جدة" كشفت بما لا يدع مجالا للشك أننا نعيش عشوائية إدارية، وقصورا هائلا في الأداء .. ونقصا في المعدات والأفراد لمواجهة الكوارث، وقد مرت سنة دون أن يتحرك أحد، وكشف الأربعاء الأسود زيف كل ما أعلن عن الاستعداد للكارثة القادمة .. وأنها مجرد "فرقعة" إعلامية فقط .. فقد اكتشف الأهالي .. أن العبّارات مغلقة، ومجاري السيول ما زالت مليئة بالطين والأشجار، وبقايا السيارات.
برغم أن أجراس الخطر تدق منذ زمن بعيد, إلا أن المسؤولين في وزارة المالية لا يسمعونها ولا أحد يدري السبب!!؟
لقد تعبنا من الحديث عن مشاكل جدة، حتى أصبحت اللغة ثقيلة، وعاجزة عن التعبير .. ....... وآه أيتها الكلمات العاجزة!!!
أخيرا .. وليس آخرا:
الذين بيدهم حل مشكلة جدة، أصبحوا هم المشكلة ..