الإدخال في الدعوى

تحدثنا في مقال الأسبوع الماضي عن التدخل في الدعوى من قبل شخص غير طرف فيها، وأوضحنا مفهوم هذا التدخل وأنواعه وأهدافه وقواعده القانونية. وفي هذا المقال نسلط بعض الضوء على موضوع مكمل لموضوع المقال السابق، وهو إدخال الغير في الدعوى، سواء بطلب من أحد الخصوم أو بناءً على أمر من المحكمة.
نصت المادة (75) من نظام المرافعات الشرعية على ما يلي:
(للخصم أن يطلب من المحكمة أن تدخل في الدعوى من كان يصح اختصامه فيها عند رفعها وتتبع في اختصامه الأوضاع المعتادة في التكليف بالحضور. وتحكم المحكمة في موضوع طلب الإدخال والدعوى الأصلية بحكم واحد كلما أمكن ذلك. وإلا فصلت المحكمة في موضوع طلب الإدخال بعد الحكم في الدعوى الأصلية).
ووضعت اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشريعة القواعد المفصلة أو المكملة لهذا النص، وذلك في المواد من (75/1) إلى (75/4) ويستفاد من نصوص المواد المذكورة أعلاه ما يلي:
1- يجوز للخصم سواء كان مدعيا أو مدعى عليه أن يطلب من القاضي ناظر الدعوى أن يدخل طرفا ثالثا فيها كان يصح اختصامه فيها عند رفع الدعوى. ويقصد بمن يصح اختصامه في الدعوى عند رفعها من يصح كونه مدعيا أو مدعى عليه ابتداء، ويشترط أن يكون هناك ارتباط بين طلب الإدخال والدعوى الأصلية. ومثال ذلك أن يرفع الدائن دعوى ضد أحد كفلاء المدين المتضامنين للمطالبة بالدين المستحق فيطلب المدعى عليه إدخال غيره من الكفلاء المتضامنين في الدعوى.
2- إن طلب الإدخال إما أن يكون كتابة أو مشافهة أثناء الجلسة على النحو المذكور في المادة (77) من نظام المرافعات الخاصة بتدخل الغير في الدعوى، وترتيبا على ذلك فإنه إذا كان طلب الإدخال كتابة فإنه يتعين إبلاغ المطلوب إدخاله قبل الجلسة وفقا لأحكام التبليغ المنصوص عليها في النظام، دون التقيد بالمدد المنصوص عليها في إجراءات التبليغ؛ إذ يكفي أن يتم التبليغ قبل يوم من الجلسة.
3- يجب أن يقدم طلب الإدخال قبل قفل باب المرافعة فإذا أقفل باب المرافعة ورفعت الدعوى للدراسة وإصدار الحكم فلا يجوز قبول طلب الإدخال. وفي تقديري أنه من الجائز قبول طلب الإدخال إذا قررت المحكمة إعادة فتح باب المرافعة لأي سبب من الأسباب.
4- إن الحكم في موضوع طلب الإدخال إما أن يكون مع الحكم في الدعوى الأصلية في صك واحد إذا كان ذلك ممكنا، أو أن يصدر الحكم في موضوع الإدخال في وقت لاحق للحكم في موضوع الدعوى الأصلية. فإذا أجلت المحكمة الفصل في موضوع طلب الإدخال بعد الحكم في الدعوى الأصلية فيكون الحكم فيه من قبل القاضي ناظر الدعوى الأصلية أو خلفه.
ومن ناحية أخرى، فقد أعطت المادة (76) من نظام المرافعات الشرعية المحكمة صلاحية إدخال من ترى إدخاله حيث جاء نصها كالتالي:
(للمحكمة من تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال من ترى إدخاله في الحالات الآتية:
أ‌- من تربطه بأحد الخصوم رابطة تضامن أو حق أو التزام لا يقبل التجزئة.
ب‌- الوارث مع المدعي أو المدعى عليه، أو الشريك على الشيوع لأي منهما إذا كان الدعوى متعلقة بالتركة في الحالة الأولى، أو بالشيوع في الحالة الثانية.
ج- من قد يضار بقيام الدعوى أو بالحكم فيها إذا بدت للمحكمة دلائل جدية على التواطؤ، أو الغش، أو التقصير، من جانب الخصوم.
وتعين المحكمة ميعادا لحضور من تأمر بإدخاله، وتتبع الأوضاع المعتادة في التكليف بالحضور).
ووضعت اللائحة التنفيذية للنظام في المواد من (76/1) إلى (76/8) القواعد المفصلة أو المكملة لنص المادة (76) من النظام جاءت نصوصها على النحو التالي:
76/1- لناظر الدعوى أن يأمر بإدخال من يرى في إدخاله مصلحة وإظهارا للحقيقة.
76/2- إذا رأى ناظر الدعوى إدخال من يقيم خارج ولايته المكانية، فله أن يستخلف محكمة مقر إقامته.
76/3- ليس للمحكمة الجزئية إدخال من تكون الدعوى ضده خارج اختصاصها النوعي.
76/4- إذا لم يمكن للمحكمة الجزئية الحكم في القضية إلا بإدخال طرف ثالث لا تختص بنظر الدعوى ضده اختصاصا نوعيا فعليها إحالة الدعوى الأصلية وطلب الإدخال إلى المحكمة العامة.
76/5- للمحكمة إبعاد من رأت إدخاله، ولمن أبعدته المحكمة طلب التدخل، كما للخصم طلب إدخاله.
76/6- إذا أقيمت دعوى على شخص بعين تحت يده، ثم ادعى بيعه العين بعد تبليغه بإقامة الدعوى كُلّف بإحضار المشتري فإن صادقه المشتري حل محله في الدعوى، واستمر القاضي في نظر القضية ولو كان المشتري يقيم في بلد آخر.
76/7- إذا توجه الحكم في قضية ضد بيت مال المسلمين، فللمحكمة إدخال مندوب من قبل وزارة المالية والاقتصاد الوطني للدفاع عن بيت المال، حسب التعليمات المنظمة لذلك، ورفع الحكم إلى محكمة التمييز.
76/8- إذا كان المبلغ المدعى به محفوظا لدى بيت مال المحكمة وتوجه الحكم به، فللمحكمة إدخال مأمور بيت مال المحكمة والحكم عليه، ورفع الحكم إلى محكمة التمييز، إلا ما استثني من الفقرتين (أ- ب) من المادة (179).
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الفقرتين (أ) و(ب) من المادة (179) قد استثنت من الخضوع للتمييز ما يلي:
أ‌- القرار الصادر على بيت المال من القاضي المختص منفذا لحكم نهائي سابق.
ب‌- الحكم الصادر بمبلغ أودعه أحد الأشخاص لصالح آخر أو ورثته ما لم يكن للمودع، أو من يمثله معارضة على ذلك.
وفي الختام قد يكون مفيدا الإشارة إلى موقف الفقه القانوني من منح المحكمة صلاحية إدخال الغير في الدعوى من تلقاء نفسها، وقد لخص هذا الموقف الدكتور وجدي راغب الأستاذ في كلية الحقوق في جامعة عين شمس المصرية في كتابه (مبادئ الخصومة المدتبة)، حيث قال ما يلي:
(يثير جواز اختصام غير البناء على أمر المحكمة اعتراضات تقليدية على أساس أن الخصومة ملك الخصوم. أما القاضي فينبغي أن يفصل فيما يقدمه الخصوم من طلبات في مواجهة بعضهم بعضا، فضلا عن إن اختصام الغير يتضمن توجيه الادعاء نحو الغير؛ ولذا فإن قيام القاضي به يتنافى مع حياده، ويجعل منه قاضيا ومدعيا في الوقت ذاته. ولكن الفكرة الحديثة للخصومة تجعل للقاضي دورا إيجابيا في توجيهها يصل إلى اختصام من لم يكن طرفا فيها منذ البداية؛ وذلك لخدمة الحقيقة وتحقيق العدالة، فضلا عما يؤديه اختصام الغير من تفادي تعدد الخصومات وتعارض الأحكام الصادرة فيها. أما القول بأن القاضي يقوم في هذه الحالة بدور المدعي فمردود بأنه لا يقدم في مواجهة من يختصمه طلبات جديدة، وإنما يفصل في الطلبات التي يقدمها الخصوم، ولكنه يستكمل النقص في أطراف الخصومة بالنسبة لهذه الطلبات).

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي