الجاسر .. محافظ المحافظين (2011) بشهادة دولية

يأتي اختيار مجلة ''ذي بانكر'' العالمية The Banker ـــ التابعة لمجلة ''فاينانشيال تايمز'' اللندنية ـــ محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، الدكتور محمد سليمان الجاسر، كأفضل محافظ بنك مركزي في الشرق الأوسط لعام 2011، إشادة وتقديراً للجهود الكبيرة، التي بذلها في إدارة دفة شؤون السياسة النقدية والقطاع المصرفي في المملكة العربية السعودية، وبالذات في ظل ظروف مالية واقتصادية عالمية صعبة للغاية، شهد فيها العالم إحدى أسوأ الأزمات المالية والاقتصادية عبر التاريخ، والمتمثلة في الأزمة المالية العالمية، التي تسببت تداعياتها وتبعاتها في إفلاس عدد كبير من المؤسسات المالية والمصرفية المرموقة على مستوى العالم، وفي انهيار الماليات العامة لعدد من الدول والحكومات على مستوى العالم.
من بين الأسباب أيضاً والمعايير الفنية والإدارية العديدة، التي اختارت بمقتضاها المجلة المذكورة الدكتور الجاسر كأفضل محافظ بنك مركزي في الشرق الأوسط، توجُّه المؤسسة بقيادته نحو اتباع منهج أكثر حذراً بخصوص ممارسة الأعمال المصرفية في المملكة، ما أدّى إلى تجاوز القطاع المصرفي السعودي تبعات الأزمة المالية العالمية وتداعياتها دون أن يمسه الأذى، ولاسيما أن المؤسسة قد اتخذت مواقف حازمة وصارمة فيما يتعلق ببناء البنوك المحلية للمخصصات المالية اللازمة لمواجهة أي انكشاف محتمل لديها.
وأشارت المجلة، إلى أنه نتيجة للسياسة النقدية الحصيفة التي انتهجتها مؤسسة النقد خلال الأزمة المالية العالمية، تمكنت من أن تعزز من مكانة المملكة العربية السعودية النقدية والمصرفية على مستوى العالم، وبالذات فيما يتعلق بالمناقشات الخاصة بالاستقرار المالي العالمي، وفي لقاءات مجموعة دول العشرين، حيث أصبحت المملكة مرجعاً وملاذاً أخيراً للاستشارات وبصورة روتينية أثناء اللقاءات الخاصة بالأزمة المالية العالمية، كما قد كان للدكتور الجاسر دور مهم وحيوي في تعزيز التنسيق والتعاون بين السياسات النقدية وسياسات المالية العامة، إلى جانب السياسات الخاصة بأسعار الصرف، مما ساند النمو الاقتصادي الذي تنعم به المملكة، بما في ذلك عمل على تعميق التعاون الاقتصادي والتجاري بين بلدان المنطقة.
كما أكدت المجلة في تقريرها الصادر عنها، عن الوضع المصرفي للمملكة، أنه في وضع أفضل بكثير من بعض جيرانها في مجلس التعاون الخليجي، وذلك نتيجة لاتباع المملكة منهجية مصرفية سليمة للغاية، وبالذات فيما يتعلق بإشراف مؤسسة النقد العربي السعودي الحازم وإدارتها الحذرة للاحتياطيات، ما جعل المملكة تتبوأ أعلى مرتبة بين جميع دول الخليج العربي في مؤشر الثقة لعام 2010، الذي يصدره بنك إتش إس بي سي HSBC.
وأشادت المجلة أيضاً بخبرة المملكة الطويلة والثرية في مجال التعامل مع تداعيات أزمة أسعار النفط العالمية، التي حلت في حقبتي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي بالعالم وأدت إلى تدهور الأسعار، الأمر الذي ساعد بشكل كبير وملحوظ على عودة أسعار النفط العالمية إلى مستويات معقولة ومقبولة لدى المستهلكين والمنتجين على حد سواء، ومكّن المملكة من تحقيق أوضاع مالية متينة، واستمرار النمو الاقتصادي فيها، رغم تداعيات الأزمة المالية العالمية، التي عاناها معظم اقتصادات دول العالم، وعصفت بمقدراتها ومكتسباتها المالية والنقدية.
خلاصة القول، إن السياسات المالية والنقدية والمصرفية، التي انتهجتها الحكومة السعودية في التعامل مع الأزمة المالية العالمية، حققت لها موقعا ماليا ونقديا ومصرفيا رياديا على مستوى العالم، وأصبحت المملكة اليوم نموذجاً عالمياً يُحتذى به في قدرتها على التعامل مع الأزمات المالية العالمية، وبالذات على مستوى القطاع المصرفي، الذي تمكن بجدارة واقتدار، من أن يجتاز عددا من الأزمات المالية والاقتصادية، سواء التي حلت بالمنطقة، أو التي حلت بالعالم خلال القرن الماضي، ومنذ بداية الألفية الجديدة.
إن قدرة المملكة الفائقة على التعامل مع تداعيات الأزمة المالية العالمية، وتعاملها مع معطياتها المختلفة، بأسلوب بارع وغير مسبوق، جنّب اقتصادها ونظاميها المالي والنقدي تبعاتها، وجعل من المملكة مرجعا اقتصاديا وماليا ومصرفيا في عدد كبير من المحافل الدولية، وبالذات في المجموعة الدولية، مثل مجموعة دول العشرين، التي اقتفت آثار خطوات المملكة في التعامل مع تلك الأزمة، وتبنت عددا من سياساتها المالية والنقدية والمصرفية، بالذات تلك التي لها علاقة وارتباط مباشر، بالإشراف البنكي، والرقابة على عمليات وأنشطة البنوك العاملة في المملكة، كونها قد أسهمت بشكل كبير في تجنيب المملكة بشكل عام وقطاعها المصرفي بشكل خاص، وكما ما ورد على لسان الصحيفة، الأذى المحتمل من إفرازات الأزمة.
مجلة ''ذي بانكر''، لم تهمل في إشادتها بسياسة المملكة سواء النقدية أو المصرفية، الشخص القائم على إدارتها، وهو الدكتور محمد الجاسر، الذي بذل جهوداً كبيرة ملموسة وملحوظة من خلال إدارته الحصيفة الشؤون النقدية والمصرفية في البلاد، بما في ذلك قدرته من خلال مؤسسة النقد، على إحكام الرقابة على الأعمال البنكية والمصرفية، ما كفل للقطاع المصرفي حُسن الأداء وجنّب القطاع الوقوع في غياهب ومتاهات الأزمة المالية العالمية، ومن هذا المنطلق أشادت المجلة بجهوده الكبيرة وقدّرت له دوره الريادي في التعامل مع تلك الأزمة، وأنصفته بمنحه لقب أفضل محافظ بنك مركزي في الشرق الأوسط لعام 2011.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي