كيف أشارك في المسيرة؟
إن إلقاء نظرة عابرة على المقررات الدراسية التي يتلقاها أولادنا في المدارس حاليا تؤكد بصورة واضحة أن اللحظة الماضية تحتل فضاء المناهج التعليمية على حساب المستقبل والحاضر، مع أنه لم يعد كافيا لإنسان اليوم - على حد تعبير توفلر في كتابه الشهير «صدمة المستقبل» - أن يتعلم كيف يفهم الحاضر، لأن بيئة الحاضر سرعان ما تتلاشى، بل يجب عليه أن يتعلم كيفية احتساب معدل التغيير وأن يتوقعه، وأن يكثر من التدرب على كيفية وضع الفروض الاحتمالية البعيدة المدى حول المستقبل.
لقد وقفنا بعقول أبنائنا على ثقافة الذاكرة دون أن نتعداها إلى ثقافة الابتكار، وإن الانتقال الفاعل إلى الألفية الثالثة بقوة واقتدار يستدعي تسلح الطالب بعقلية مفكرة ناقدة إبداعية، ومن هذا المنطلق، فلا بد لنا كوالدين ومعلمين أن نطرح على أولادنا دروسا وتدريبات في كيفية التخطيط للمستقبل، عبر برامج تربوية ومناهج دراسية مزودة بمهارات التفكير الناقد وثقافة الإبداع، مبتعدة عن الأسلوب التلقيني، ومهتمة بغرس أنماط سلوكية وقيمية تحافظ على تماسك المجتمع في العقود القادمة المفعمة بمختلف ألوان التحدي، بحيث نعمل على إعداد الجيل القادم للحياة وليس لاجتياز اختبارات المدرسة فقط.
في المنتدى الثقافي الذي عقد في الأردن عام 2000 باسم: «العرب وتحديات القرن العشرين» استضاف نخبة المفكرين العرب الذين أجمعوا على أن «مصير العرب في القرن القادم يتوقف على الكيفية التي سيعدون بها أبنائهم تربويا، وأن بناء جيل عربي نقدي قادر على المواجهة والمشاركة والحضور في عالم متوحش، يشكل منطلق كل محاولة نهضوية وأسها الحضاري».
ولهذا فلا بد للعمل التربوي وللمناهج التعليمية أن تشتق غاياتها من الرؤى المستقبلية للقرن الحادي والعشرون حتى تتمكن من الوصول بطلابها إلى سمات العصر الذي يعيشون فيه، وهو عصر محكوم بالمنطق العلمي واستخدام السبب والنتيجة في تحليل وقوع الظواهر الطبيعية والاجتماعية، وإذا كان هناك جانب من حياتنا أولى بالتغيير والتطوير من أي شيء آخر فهو التعليم، وما أعنيه هو ذلك التعليم الذي يربي الإنسان ويطور ملكاته ويعده ليكون أداة صالحة لوطنه وأمته، وليس مجرد تزويده بالمعلومات ومنحه شهادة تخرج، ولذلك فمسؤولية تطويره مشتركة لا تتحملها وزارة أو إدارة ما والجميع مطالب بأن يتساءل:
- ما الذي أستطيع أن أفعله شخصيا لأشارك في مسيرة تطوير التعليم في وطني؟