Author

الدول العربية الأقل إنفاقا على البحث العلمي في العالم

|
أشار تقرير اليونسكو للعلوم (2010 UNESCO SCIENCE (REPORT، الذي صدر أخيراً، والذي يتناول الواقع العلمي في العالم العربي ودول أخرى في العالم (البرازيل، وكندا، والصين، وكوبا، والهند، وإيران، واليابان، وجمهورية كوريا، والاتحاد الروسي، وتركيا، والولايات المتحدة) إلى تدني مستوى البحث العلمي في العالم العربي، وكانت قد صدرت التقارير السابقة التي أعدتها اليونسكو بشأن العلوم في الأعوام 1993، و1996، 1998 و2005. البحث العلمي والدول العربية جاء في التقرير لعام 2010، أن الإنفاق على البحث العلمي في العالم العربي في أقل مستوى له في العالم، ففي الدول العربية الإفريقية وصل ما بين 0.3 و4 في المائة، خلال السنوات ما بين 2002 و2007 من جملة الناتج القومي بينما وصل الإنفاق في الدول العربية الآسيوية 0.1 في المائة، في الفترة نفسها وفي الوقت نفسه، بينما وصل الإنفاق على البحث العلمي مستوى العالم 1.7 في المائة من جملة الناتج القومي، ووصل الإنفاق العالمي في إسرائيل وما بين 4.6 في المائة و4.8 في المائة خلال عام 2006. إن البحث العالمي في الدول يمثل ثروتها القوة، وبنوك التفكير التي تتولى البحث العلمي تعتبر السلطة الخامسة، والاختراع والابتكار لا يقوم إلا على البحث العلمي، وعندما كانت بريطانيا القوة العظمى في القرن الـ19 كان البحث العلمي سر قوتها بما توفر لديها من اختراعات، والولايات المتحدة الأمريكية وريث بريطانيا العظمى في البحث والتقدم العلمي وجذب العلماء من مختلف دول العالم والإنفاق على البحث والعلماء لتستقطبهم بالهجرة إليها، حتى جاك شيراك عندما كان رئيسا لفرنسا في فترته الأخيرة أعلن صراحة أن فرنسا تتبنى الهجرة الانتقائية بمعنى جذب العلماء الأفارقة في مختلف المجالات إلى فرنسا، وقد وجهت الدول الإفريقية عندئذ انتقادا لإعلان شيراك، في أنه يريد أن يفرغ القارة السوداء من عقولها العلمية لصالح فرنسا. وبعد احتلال العراق عام 2003، كان العلماء العراقيون هدفا للاستقطاب للخارج والتصفية الجسدية في محاولة معلنة تولها الموساد الإسرائيلي لإعادة العراق لأجيال للوراء في البحث العلمي والعقول العلمية وخاصة في مجال الطاقة النووية. وتقوم جهات غربية الآن باغتيال العلماء الإيرانيين كما حدث أخيراً لإجهاض المشروع النووي الإيراني بتصفية العلماء فيه، وكانت إسرائيل قد اغتالت العالم المصري في مجال الذرة النووية يحيى المشد في باريس عندما كان يعمل في المفاعل النووي العراقي، وفي الستينيات من القرن الماضي تم تهديد العلماء الألمان في مصر بالقتل أو الهجرة للخارج، كانت إسرائيل خلف ذلك لإجهاض مشروع الصواريخ المصرية. إن المعرفة هي الضمان لأمن البلاد من الغذاء والمياه والطاقة، ولذلك تسعى الدول الأجنبية الكبرى لأن تبقى الدول العربية في حالة التبعية العلمية. جامعات عريقة ولكن ضعف في البحث العلمي وأشار التقرير الذي صدر بمناسبة اليوم العالمي للعلوم، إلى أن في الدول العربية جامعات عريقة، وكانت هذه المنطقة في أزهى عصورها منارة للعلم والاختراعات، وفي عهد هارون الرشيد والمأمون كانت الاختراعات والترجمة ونقلت للغرب عن طرق الأندلس وصقلية ولما تراجعت وأصبحت الجامعات العريقة متدنية المستوى لأسباب متعددة لسنا في مجال بحثها، حيث أصبحت الدول العربية لا تخرج سوى 373 باحثاً لكل مليون نسمة، علماً أن العدد المتوسط على المستوى العالمي يبلغ 1081 باحثا، فضلاً عن أن الكثير من العلماء العرب فضلوا الهجرة إلى الغرب ولا يسهمون بالتالي في الإنتاج المحلي الإجمالي لبلدانهم. وأوضح التقرير أن عالماً واحداً فقط من أصل أفضل 100 عالِم من حيث عدد الاقتباسات على المستوى العالمي ينتمي إلى المنطقة العربية. النساء العربيات والجوائز العلمية ويشير تقرير اليونسكو للنساء العربيات ومساهمتهن في البحث العلمي حيث تشكل النساء 35 في المائة من العاملين في البحث العلمي في الدول العربية، وفي الفترة الممتدة من عام 1998 إلى عام 2010، حازت خمس نساء عربيات فقط جائزة لوريال - اليونسكو السنوية للنساء في مجال العلوم في إفريقيا والدول العربية، وهُنّ الأستاذة المصرية رشيقة الريدي المختصة في علم المناعة (2010)، وعالمة الفيزياء المصرية كريمات السيد (2004)، وعالمة الفيزياء التونسية زهرة بن لخضر (2005)، وحبيبة بوحامد شعبوني (2007)، ولحاظ الغزالي من الإمارات التي حازت الجائزة عام 2008 تقديراً للعمل الذي اضطلعت به في مجال الأمراض الوراثي، ولكن رغم الجوائز فما زالت الباحثات العربية يواجهن مشكلة البطالة التي يعانيها أيضا الباحثون الذكور مما يجعل الدول الغربية تستقطبهم للهجرة إليها. ووفقاً لتقديرات صدرت عن معهد اليونسكو للإحصاء أوضح التقرير أن الأشخاص دون سن الـ15 أكثر من 30 في المائة من سكان الدول العربية، وأن ذلك يُعتبر أيضاً بمثابة سيف ذي حدين بالنسبة إلى صانعي القرارات في المنطقة العربية، ومع أنه يمكن للشباب أن يدفعوا عجلة النمو وأن يبنوا مجتمعات حيوية، وبخاصة إذا كانوا حاصلين على تعليم جيد ويتقاضون أجوراً ملائمةً. وأوضح التقرير أن عجز الحكومات العربية عن توسيع نطاق القدرات الإنتاجية اللازمة لخلق الوظائف قد يؤدي إلى خلل في النسيج الاجتماعي، حسب تقديرات البنك الدولي. وأشار التقرير إلى نقطة مهمة تتعلق بالمناهج الجامعية وحتى الثانوية، فعلى الرغم من الثروة التي تتمتع بها الدول العربية، فإن هذه البلدان تفتقر إلى قاعدة متينة في مجال العلوم والتكنولوجيا، كما أن أداء نظمها الخاصة بالتعليم العالي لا يزال ضعيفاً فيما يتعلق بتوليد المعرفة. بيد أن التراجع المؤقت الذي شهدته أسعار النفط عام 2008 أتى بمثابة إنذار للبلدان العربية، أعطى لمحة عما سيكون عليه المستقبل من دون عائدات نفطية وحفز الاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا كما ورد في التقرير. معهد ستوكهولم والإنفاق العسكري ويشير تقرير معهد ''ستوكهولم'' لأبحاث السلام أن حجم الإنفاق في الدول العربية على صفقات السلاح في عام 2009 بلغ 94 مليار دولار. ومقارنة لإنفاقها على التسلح من جملة إنتاجها القومي تأتي في مقدمة دول العالم في الإنفاق مقارنة بالناتج القومي، ويظهر أن النزاعات في المنطقة مخطط لها لأن يستنزف التسلح ميزانياتها بدلا من الإنفاق على البحث والتطوير. تفاوت الدول العربية في البحث العلمي ويكشف التقرير أن الإنفاق على البحث العلمي في مصر لا يتعدى 0.23 في المائة من الناتج القومي، وأن هذه النسبة ثابتة منذ عام 2007، رغم أن الحكومة المصرية أكدت أنها تنوي زيادة هذه النسبة إلى 1.0 في المائة خلال خمس سنوات بينما تخطط قطر على الوصول بالنسبة إلى 2.8 في المائة في غضون خمس سنوات أيضا.. وفي المقابل، يشهد الإنفاق المحلي الإجمالي على البحث والتطوير في تونس ارتفاعاً مطرداً منذ عام 2000، وكشف التقرير أن تونس احتلت عام 2007 المرتبة الأولى بين الدول العربية من حيث كثافة أنشطة البحث والتطوير التي تجاوزت بقليل نسبة 1.0 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وقررت تونس تخصيص 1.25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لتمويل أنشطة البحث والتطوير بحلول عام 2009، مع الإشارة إلى أن الشركات التجارية ستتحمل 19 في المائة من هذا الإنفاق. إلى جانب ذلك، قامت المملكة العربية السعودية باعتماد خطة وطنية للعلوم والتكنولوجيا عام 2003، واحتلت جامعة الملك سعود مرتبة بين الجامعات العالمية وتأسست جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية ورغم ذلك فإن الإنفاق على البحث والتطوير لا تتجاوز 0.05 في المائة، من الناتج المحلي الإجمالي وتأتي البحرين في المرتبة الأخيرة في الإنفاق على البحث العلمي بـ 0.04 في المائة من قيمة الدخل القومي. الصناديق الوطنية للعلوم والتكنولوجيا ويظهر أن الدول العربية تنبهت لأهمية البحث والتطوير، فأخذت في السنوات الأخيرة كما يشير التقرير إلى إنشاء صناديق خاصة للبحث العلمي، وهي صناديق وطنية معنية بالعلوم والتكنولوجيا والابتكار، ومنها الصندوق الأوروبي المصري للابتكار الذي تم إنشاؤه عام 2008 وصندوقان وطنيان هما مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم في الإمارات (2007) وصندوق الشرق الأوسط للعلوم في الأردن (2009)، وأنه من المزمع تقديم استراتيجية للعلوم والتكنولوجيا تشمل كل بلدان المنطقة العربية خلال مؤتمر القمة العربية عام 2011 بغية اعتمادها رسمياً. ويُتوقع أن تقترح هذه الاستراتيجية مبادرات وطنية وعربية على حد سواء في نحو 14 مجالاً ذا أولوية، بما في ذلك المياه، والغذاء، والزراعة، والطاقة. وأوضح التقرير أنه تم استهلال عدد من المبادرات لتعزيز العلوم والتكنولوجيا والابتكار في المنطقة، ومنها مركز سيزامي الدولي ذو المواصفات العالمية المختص في استخدام أشعة السنكروترون في الأردن، الذي يُتوقع تشغيله عام 2014 تحت رعاية اليونسكو، وكذلك الجهود الرامية إلى تنمية التكنولوجيا النانومترية والتكنولوجيا المتقدمة في بعض البلدان مثل المغرب، ومصر، والمملكة العربية السعودية. ولكن يضيف التقرير أن افتقار عدد كبير من الدول العربية حتى الآن إلى سياسات وطنية خاصة بالعلوم والتكنولوجيا والابتكار يرغم القطاع الخاص في الكثير من الأحيان على الاضطلاع بأنشطته في ظل فراغ على مستوى السياسات، وهي ظروف لا تُعتبر مواتية للابتكار. العالم العربي وهجرة الكفاءات وتشير دراسة لمركز الخليج للدراسات الاستراتيجية (مايو 2004) إلى أن الدول الغربية الرأسمالية، استقطبت ما لا يقل عن 450 ألفا من العقول العربية، وأن الوطن العربي يسهم بـ31 في المائة من هجرة الكفاءات من الدول النامية إلى الغرب الرأسمالي بنحو 50 في المائة من الأطباء و23 من المهندسين و5 في المائة من العلماء من العالم النامي. وأكدت مذكرة لمنظمة العمل العربية أن السنوات العشر الماضية شهدت زيادة في عدد العلماء العرب المهاجرين للعمل في أوروبا خصوصا علماء الطب والهندسة والعلوم. وقالت دراسة أعدها فريق من باحثي الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إن أكثر من 2600 مصري يعملون في مناصب علمية مرموقة في بلدان جاءت أمريكا في مقدمتها، حيث يعمل بها 844 عالما مصريا، بينما جاءت ألمانيا في المركز الثاني بـ 340 عالما، وكندا في المركز الثالث بـ 196 عالما، وإسبانيا في الرابع بـ 142 عالما، وفرنسا في الخامس بـ 132. مصر الخاسر الأكبر من هجرة العقول العلمية تشير الأرقام إلى أن مصر قدمت 60 في المائة من العلماء العرب والمهندسين إلي الولايات المتحدة. ونقلت جريدة ''الزمان'' اللندنية عن الدكتور عبد السلام نوير مدرس العلوم السياسية بجامعة أسيوط قوله في دراسة حديثة له: ''إن مصر هي الخاسر الأعظم من هجرة هذه الكفاءات في مختلف المهن، وتتمثل هذه الخسارة في أن عددا من هؤلاء يعملون في أهم التخصصات الحرجة والاستراتيجية مثل الجراحات الدقيقة والعلاج بالإشعاع والهندسة الإلكترونية والنووية وعلوم الليزر وتكنولوجيا الأنسجة. ويؤكد تقرير مركز دراسات الدول النامية بجامعة القاهرة الصادر في 2006 أن عدد الكفاءات المصرية المهاجرة للخارج بلغ 824 ألفا حتي عام 2003، وطبقاً لبعض الدراسات والتقارير المتعلقة بهجرة العقول والكفاءات من العالمين العربي والإسلامي نجد أن هناك نحو 45 في المائة من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى ‏ ‏بلدانهم، وأن 34 في المائة من الأطباء النابغين في بريطانيا من العرب. وتشير بعض الدراسات أن العالم العربي خسر نحو 200 مليار دولار، خلال عام (2001م) بسبب هجرة الكفاءات العلمية والعقول العربية للدول الغربية. وبالرجوع إلى تقارير كل من جامعة الدول العربية ومؤسسة العمل العربية والأمم المتحدة (عبر تقارير التنمية البشرية العربية أن هناك أكثر من مليون خبير واختصاصي عربي من حملة الشهادات العليا أو الفنيين المهرة مهاجرون ويعملون في الدول المتقدمة، بحيث تضم أمريكا وأوروبا 450 ألف عربي من حملة الشهادات العليا وفق تقرير مؤسسة العمل العربية. وأظهر تقرير حديث للجامعة العربية أن الدول العربية تنفق دولاراً واحداً على الفرد في مجال البحث العلمي، بينما تنفق الولايات المتحدة 700 دولار لكل مواطن، والدول الأوروبية نحو 600 دولار، أما كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة فقد بينت دراسة لها أن هناك 4102 عالم إسلامي في مختلف علوم المعرفة في مؤسسات ومراكز أبحاث غربية. ويؤكد تقرير أمريكي أن الأطباء والجراحين القادمين من الدول النامية خلال النصف الأول من السبعينيات إلى الولايات المتحدة، يمثلون 50 في المائة، والمهندسين 26 في المائة، وأن ثلاثاً من دول الشمال هي الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا، تستأثر بـ 75 في المائة من جملة التدفق في الكفاءات المهاجرة.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها