ما من لبس في عدد القضايا ولكن..
اطلعت على مقال الأستاذ المستشار القانوني زهير سليمان الحربش في صحيفة «الاقتصادية» عدد 6259 بعنوان "اللبس حيال عدد القضايا الجائز التوكيل فيها"، الذي استهله بأنه لا يجوز للائحة التنفيذية لأي نظام أن تأتي بإضافات، مطالباً وزارة العدل بأن تقوم سريعاً بمراجعة وتصحيح اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة محل اللبس.
والواقع أنني لا أرى هنالك من لبس، فاللائحة مفسرة وموضحة لما يعنيه النظام، لأن الأصل، كما هو منصوص عليه في المادة الثامنة عشر من النظام، وهي أنها قصرت حق الترافع عن الغير أمام المحاكم، وديوان المظالم، واللجان القضائية على المحامين المقيدين في جدول الممارسين في وزارة العدل دون غيرهم.
والنظام واضح الفقرة (أ) من المادة 18 في أن يقبل الترافع عن الغير استثناء من أي وكيل في قضية واحدة إلى ثلاث، ثم زاد في الإيضاح، فإن باشر الوكيل ثلاث قضايا عن ثلاثة أشخاص لا تقبل وكالته عن غيرهم.
أي أن العبرة، وفقاً لنظام المحاماة بعدد القضايا، وليس أدل على ذلك تكرار الفقرة النظامية لعدد القضايا مرتين الأولى (في قضية واحدة إلى ثلاث)، والثانية (ثلاث قضايا).
ومن هنا يتضح أن قبول الترافع عن الغير استثناءً يكون من وكيل شرعي بحد أقصى ثلاث قضايا، سواء كان موكلاً في ثلاث قضايا عن شخص واحد، أو موكلاً في قضيتين لشخص وقضية لشخص آخر، أو موكلاً عن ثلاثة أشخاص لكل منهم قضية. وهذا الفهم هو المتحقق لدى اللائحة التنفيذية للنظام التي أوضحت هذا المعنى بأنه لا يحق لذلك الوكيل مباشرة أكثر من ثلاث قضايا، وساير هذا الفهم الصحيح القضاة في المحاكم، وديوان المظالم، واللجان، والمحامين، وشراح النظام دون أدنى لبس.
إنني أعتقد بأن قراءة النظام من غير هذا الفهم تتيح مخالفة نظام المحاماة، وبما يسمح لغير المحامين المعتمدين غير المرخص لهم الاستمرار في مخالفة النظام للترافع في أكثر من ثلاث قضايا كالوكلاء وغيرهم من المحامين الحاصلين على تراخيص مزاولة المهنة، ويعملون برواتب في شركات ومؤسسات.
#2#
هذا يعني أن الترافع أمام المحاكم من غير المحامين المرخصين غير جائز، وأن الممثل النظامي الوحيد للشخص الاعتيادي هو من يرد اسمه في السجل التجاري، حسب نظام الشركات، ولا يجوز الاستثناء في ذلك، بل ويشكل خرقاً لمبادئ الحوكمة للشركات المساهمة العامة في ظل وجود حالة تراخ غير مبرر من بعض الجهات القضائية في تفعيل نظام المحاماة، وضعف الثقافة الحقوقية لدى مجتمع الأعمال السعودي.
إن تصريحات معالي وزير العدل في دراسة الوزارة لموضوع قصر الترافع عن الغير أمام القضاء بالمنع الكامل للاستثناءات يعد تطورا وإضافة مهمة جداً في مسيرة تطوير العدالة والمنظومة القضائية والعدلية والحقوقية في ظل مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز- حفظه الله- لتطوير مرفق القضاء، وديوان المظالم، وهذا كله يأتي في ظل جهود ملحوظة وجبارة لمعالي وزير العدل ووزارة العدل، وديوان المظالم، والمجلس الأعلى للقضاء، والمجلس الأعلى للقضاء الإداري لتنفيذ رؤية وطموح الملك عبد الله- حفظه الله- لتطوير مرفق القضاء وديوان المظالم، وتوجهات وجهود وزارة العدل في تطوير مرفق القضاء والعمل القضائي مبشرة بالخير للقضاء على كل المظاهر السلبية في الممارسة، وفق نظام المحاماة، ومجمل الأنظمة العدلية المتمثلة في نظامي الإجراءات الجزائية والمرافعات الشرعية، التي تؤكد أن للعدالة وجهين الأول للقاضي والثاني للمحامي المرخص من وزارة العدل ولا ثالث لهما من غير المرخص لهم في مهنة المحاماة والعمل العدلي والقضائي والحقوقي بكل أشكاله وأنواعه. ولذلك فإنني أشيد بجهود لجان المحامين في الغرف التجارية، ولجنتهم الوطنية في مجلس الغرف تجاه تفعيل نظام المحاماة لجهة قصر الترافع عن الغير أمام المحاكم، وديوان المظالم واللجان القضائية ومنها مخاطبتهم إلى وزراء التجارة والمالية وغيرها من الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية حيال هذا الخصوص بل وقصر التعامل في بعض الخدمات على مكاتب المحاماة لخلق ودعم التخصص المهني لمكاتب المحاماة الوطنية، كما هو معمول به في العالم، كما أشيد بخطاباتهم إلى كل من الهيئة السعودية للمحاسبين والهيئة السعودية للمهندسين لحثهم بالالتزام بالخدمات التي رخصوا لها، وعدم تخطيها بالتجاوز على نظام المحاماة وأعمال المحامين، وكذلك خطاباتهم ولقاءاتهم مع مستوى الأجهزة الحقوقية والأمنية للتأكيد على دور المحامي ومكانته ودوره في العمل الحقوقي والقضائي والعدلي والأمني، وضرورة تمكينه بالقيام بمهامه والتزاماته المهنية، كما هو منصوص عليه في الأنظمة العدلية، كما أشيد بالدعم الكامل والقوي للإدارة العامة للمحاماة حيال التصدي لكل إخلال بمهنة المحاماة بأي شكل أو أسلوب، ولعل في صدور نظام الهيئة الوطنية للمحامين العامل الأكبر في التفعيل الشامل والكامل لنظام المحاماة ليزيل كل لبس في تجاوز النظام القضائي السعودي.