لا تظلموا المشروعات الناجحة

الهروب إلى الخارج عبر تقرير صحفي، أو إعلان في صحيفة عالمية عن نجاح مشروع في الداخل، لا يمكن أن يُلغي عشرات علامات الاستفهام التي يطرحها كثير من المواطنين، سواء منهم المواطن البسيط، أو المتخصص المتابع لما ينفذ من مشروعات.
ولهذا فما نحتاج إليه لإعطاء المشروعات التي تنفذ مصداقية أكبر لا يمكن أن يأتي عبر إعلان، أو تحقيق صحفي، أو عن طريق عروض الفوتوشوب والمجسمات، وإنما عبر وسيلة أبسط من كل ذلك، ولا تحمِّل الجهاز المنفذ للمشروع أية تكاليف، هذه الوسيلة هي عين المواطن المجردة، التي ترى وتدرك مدى مصداقية القائمين على المشروع من عدمها، المواطن الذي يسير في شوارع مدننا، ويترقب إنجاز كل مشروع يعلن عنه، لأنه يدرك أن نجاح هذا المشروع يصب في خانة نجاحه هو كواحد من أبناء هذا الوطن، حتى ولو لم تكن له علاقة مباشرة بهذا المشروع.
كثير من الكتاب تحدثوا عن تعثر بعض المشروعات، ويكون الرد عليهم عبر تصريحات، أو حملات إعلامية، إلا أن هذا كله لا يمكن أن يخدع أحداً، خاصة المواطن الذي اعتاد على استخدام عينه المجردة لإدراك الحقيقة.
فالمواطن يسعد برؤية مشروع يرتفع في عنان السماء، أو يمتد على مساحة واسعة من الأرض، وهو أي المواطن لديه استعداد للصبر على ما يحمله تنفيذ المشروع من إزعاج له، لأنه يدرك أن هذا المشروع في الأخير لصالحه ولصالح الوطن ككل.
والخطورة فيما يجري من محاولة الدفاع عن مشروع متعثر، أن الشكوك المحيطة بهذا المشروع، أخذت تنسحب على عشرات المشروعات الأخرى الناجحة في مختلف أنحاء المملكة، فأصبح التعميم يطول هذه المشروعات، ويشكك في مصداقيتها، ولهذا فخير سبيل لإنقاذ سمعة المشروعات الناجحة هو المسارعة إلى عزل المشروع المتعثر والإعلان عن أسباب تعثره، بدلا من ترك هذا الأمر للجهة التي تدير المشروع، أو تشرف عليه، ويكون جل جهدها محاولة التغطية على هذا التعثر.
إن من يقرأ ما يكتب عن المشروعات في المملكة يحزن وهو يرى هذا التعميم، بحيث طغى نموذج واحد متعثر على عشرات المشروعات الناجحة التي نراها في مدن بلادنا، والتي لا تتوقف حركة العمل فيها حتى في الساعات المتأخرة من الليل، بحيث أصبحت رؤية أنوار هذه المشروعات والرافعات التي تعمل فيها سمة من سمات مدن المملكة، وهذا ما يشاهده كل من قدر له أن يتجول في شوارع مدينة الرياض على سبيل المثال في ساعة متأخرة من الليل، ويمر بقرب مركز الملك عبد الله المالي، أو جامعة الملك سعود، أو جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أو جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، أو طريق الملك عبد الله، أو واحة غرناطة، وغيرها من مواقع العمل التي تنفذ فيها مشروعات جبارة.
إن من حق الوطن علينا ألا نعمم الفشل، بل نجعله محصورا في مكان ضيق، وأن نسعى إلى علاجه لنحافظ على بقية الجسد سليماً معافى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي