الفضيلة السياسية .. (3 / 4)

( 1 )
قلت إن الحاكم بفضيلته السياسية وأعوانه من علماء ونبلاء وبالسلطات الثلاث ''القضائية والتنفيذية والتنظيمية'' يقود ويدبر شأن الدولة بالسياسة الشرعية بمفهومها الخاص وهو إنفاذ الشريعة ''القانون الأسمى'' والعام بالتعزير والمصلحة التي هي أغلب قرارات التسيير.
إن قوة النظام السياسي تنبع من قوة فضيلته والعكس صحيح، قال بعض الحكماء: إذا بُني الملك على قواعد العدل, ودُعِّم بدعائم الفضل وحُصّن بدوام الشكر, وحُرس بأعمال البر, نصر الله مواليه وخذل معاديه وعضده وسلمه من الغيِر.
( 2 )

عرّف المنجد في اللغة والأعلام ''الفضيلة''
الفضل: جمعه فضول: الإحسان أو الابتداء به بلا علة له، والفضيل جمعه فضلاء: ذو الفضل والفضيلة جمعه فضائل: الدرجة الرفيعة في الفضل , خلاف الرذيلة والنقيصة.
إن الفضيلة السياسية اصطلاحاً: هي القوة والخبرة والدراية والممارسة والحنكة.
فالنظام السياسي في الإسلام اقترب واستقل في آن معاً عن المفهوم المدني الغربي للحكم مستظلاً بنظام رباني قيمي وأخلاقي مرجعي ومستوعباً القوة البارزة الظاهرة ميدانياً ''الفضيلة''، وتحول وتبدل الأمم والمجتمعات بحسب ظرف الزمان والمكان فأعطى هذا النظام هامشاً عقلانياً واسعاً يقدر من خلاله السلطان الأعظم أو الخليفة أو الإمام أو الحاكم المصلحة بحسب الإمكانات المتاحة، وبذا فإن للنظام شقاً ثابتاً وآخر متحركا بالفضيلة.
إن فقهاء الشريعة يعرّفون الفضيلة عند القادة بالصلاح أو بالقوة ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية الذي يقول في كتابه السياسة الشرعية: ''فالواجب في كل ولاية الأصلح بحسبها فإذا تعين رجلان أحدهما أعظم أمانة, والآخر أعظم قوة قُدّم أنفعهما لتلك الولاية وأقلها ضرراً فيها'' لهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعمل خالد بن الوليد على الحرب منذ أسلم وقال: ''إن خالداً سيف سله الله على المشركين'' رواه أحمد، مع أنه أحياناً كان قد يعمل ما ينكره النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إنه مرة قام ثم رفع يديه إلى السماء وقال: ''اللهم أني أبرأ إليك مما فعل خالد'' لما أرسله إلى بني جزيمة فقتلهم وأخذ أموالهم بنوع شبهة ولم يكن يجوز ذلك، وأنكره عليه بعض من كان معه من الصحابة حتى آواهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وضمن أموالهم ومع هذا ما زال يقدمه في إمارة الحرب لأنه كان أصلح من هذا الباب من غيره وفعل ما فعل بنوع تأويل.
وكان أبو ذر - رضي الله عنه - أصلح منه في الأمانة والصدق، ومع هذا فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم: ''يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين, ولا تولين مال يتيم'' رواه مسلم، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أبا ذر عن الإمارة والولاية لأنه رآه ضعيفاً مع أنه قد روي: ''ما أقلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر'' رواه مسلم.

( 3 )
إن النظام السياسي أولى الاستعدادات الفطرية للقادة وإرث الحكم والممارسة والخبرة والحنكة السياسية اعتباراً كما أسلفت والنص الديني المقدس (القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة) لا يكفيان لا قامة دولة الإسلام. قال - صلى الله عليه وسلم -: ''الناس تبعاً لقريش في هذا الشأن, مسلمهم لمسلمهم وكافرهم لكافرهم'' رواه مسلم. والتبعية ''الغلبة والعصبية '' نشأت من الفضيلة السياسية لقريش في ذلك الوقت وهذا ما يسميه الفارابي بالتجريبية حيث يقول: إن المهنة الملكية الفاضلة تلتئم بقوتين إحداهما القوة على القوانين الكلية (الشريعة) والأخرى القوة التي يستفيدها الإنسان بقوى مزاولة الأعمال المدنية وبممارسة الأفعال في الآحاد والأشخاص، فإن الطبيب إنما يصير معالجاً كاملاً بقوتين: الأولى التي استفادها من كتب الطب والأخرى بالقوة التي تحصل له بقوى التجربة والمشاهدة لأبدان الأشخاص, كذلك المهنة الملكية إنما يمكنها أن تقدّر الأفعال بحسب عارض عارض, وحال حال, ومدينة مدينة, في وقت وقت وهي التجريبية، ويقول الدكتور الكبسي في كتابه ''نشأة الفكر السياسي عند العرب'': '' .. فقد دفعت ضرورات تأسيس الخلافة إلى توظيف مالكي هذه الخبرة لتوطيد الحكم.
فكانت كفاءة إدارية - على حد وصف المقريزي - هي العامل الذي يستند إليه الرمز (قائد التيار) في هذا الزمن الجديد فقد احتج معاوية على الذين طعنوا على عثمان - رضي الله عنه - وعلى عماله، بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - انتدبه لكفاءته وخبرته قائلاً لهم: ''إني مصير عليكم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان معصوماً فولاني, ثم استخلف عمر فولاني, ثم عثمان فولاني, فلم آل لأحد منهم ولم يولني إلا وهو راض عني، وإنما طلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأعمال أهل الجزاء من المسلمين والفناء ولم يطلب لها أهل الاجتهاد والجهل بها والضعف عنها، وإن الله ذو سطوات بمن يمكر به فلا تعرضوا للأمر وأنتم تعلنون من أنفسكم غير ما تظهرون.
ويقول معاوية للحسن بن علي - رضي الله عنهما ''ولو علمت أنك أضبط مني للرعية وأحوط على هذه الأمة وأحسن سياسة وأقوى على جمع الأموال وأكبر للعدو لأجبتك إلى ما تدعونني إليه'' يدل هذا الجواب على أن المشكلة ليست مشكلة ''قرابة'' بل مشكلة ''دراية'' ومقدرة على إدارة شؤون الناس. وهذه الأخيرة لا تخضع إلا لمن يملك خبرة وكفاءة كافيتين . إن معاوية - رضي الله عنه - لا يخضع القضية بينه وبين الحسن إلى القرابة بل إلى مبدأ الكفاءة الذي يندرج في إطار التحول والتطور الذي عرفه المجتمع السياسي وقواه حيث تصبح الكفاءة أقوة قوة وفعالية من العدد والعدّة, لأنها تصبح قدرة, والقدرة ليست عصبية، بل إمرة متأتية من الخبرة والممارسة اليومية لشؤون الناس، فيمكننا القول: إن فشل ابن الزبير وقبله الحسين بن علي بن أبي طالب كان - رضي الله عنهم وأرضاهم جميعاً - نتيجة انعدام هذه الصنعة لديهما''.

( 4 )

إن النظام السياسي السعودي يستمد فضيلته من تجربة ممارسة الحكم لأكثر من 600 عام منذ أن عاد جدهم مانع عام 850 هـ وهم يتوارثون تجربة الخطأ والصواب والدراية والكفاءة والحنكة عند تبدل الأحوال، ورأس الفضيلة السياسية للدولة السعودية المعاصرة هو الملك الموحد عبد العزيز بن عبد الرحمن ''رحمه الله'' الذي سجلت مبادئ تدبيره في كتابي ''خمسة عشر مبدأ للقيادة عند الملك عبد العزيز'' ومنها:

1)يملك ''فكر'' خلق منها ''رؤية '' الفكرة عند الملك عبد العزيز استعادة ملك آبائه وأجداده، أي استرجاع حق سلب منه ولماذا هذا حق؟ ... لأنه يملك الشرعية الدينية، المستمدة من الدعوة الإصلاحية السلفية المبنية على هدي الكتاب والسنة الصحيحة وهو الحاكم المتغلب، ويملك الشرعية السياسية ، فقد سبقته دولتان تاريخيتان لآل سعود ثم القبول العام، وذلك لسببين حيث لم ير المواطنون في ظل الدولة السعودية الأولى والثانية إلا الأمن والاستقرار والرخاء والعزة، كما أن هؤلاء قد جربوا من جاء بعدهما فعرفوا قدرهما.
2) عاد الملك عبد العزيز إلى الرياض وهو يعلم تربيةً أنه لا خير في حكم يقوم على الباطل، يقول الله عز وجل:  أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)  سورة المائدة، عاد والدعوة مر عليها أكثر من مئة وخمسين عاماً قد تأصلت تلك الدعوة اجتماعياً في قلوب الناس ... عاد وهو يعلم أنه لن يصلح آخر هذا الوطن إلا بما صلح أوله.
ولكن هذه المرة استعاد قراءة الدعوة مرتين إحداهما الأخطاء التاريخية التي وقعت في ممارستها والثانية في قدرتها نحو بناء مجتمع مدني يتناغم مع تطورات العصر الحديث ويكفل الاستقرار والعمران الطويل.
ولذا فإن القائد أعاد تأكيد الهوية والرسالة، مع ندية علمية وفهم دقيق لفقه المصالح والمفاسد، وتبيين أحياناً لدور الملك عن دور العالم والفقيه، والمبادرة في حفظ دائرة الاختصاص السياسي.
3)اختيار الرجال: اختار الملك عبد العزيز رجاله في الحرب من العصبة المقربين المخلصين من أمثال آل جلوي, وآل بيته, ورجال القبائل ذوي الشجاعة والإقدام فحفظ رؤوسهم وجل كبيرهم وقدر تسلسلهم القبلي الهرمي, بالإضافة إلى الحاضرة ممن ملك هذه وتلك, أما في السلم حيث العمران والبناء فكانت الانتماء والولاء والكفاءة, والانتماء يعني أنك تحب الملك عبد العزيز والكفاءة هي المهارة، ولذلك كان القصر الملكي (بيت الحكم) أصبح أمماً متحدة مصغرة يجمعهم الرأي والعقل والحكمة والمهارة. مشغول بهم النجاح وقد وهبوا حياتهم لابن سعود فقد بلغ عدد المستشارين في الديوان السياسي للملك ثمانية وعشرين مستشاراً من سعوديين ولاجئين سياسيين.
4)فهم البيئة الدولية: عاش الملك عبد العزيز جزءاً من شبابه في الكويت وتعرّف على صراع القوى العظمى بين بريطانيا وألمانيا وتركيا وكذلك التجربة المدنية المتقدمة بالبحرين وبدء الحضور السياسي الأمريكي فيها، إن في السفر والتجوال غالباً ما يكون الخير فيه.
إن الملك عبد العزيز كان يتعلم وفي ذهنه حلم وفكرة العودة ولذا فإن المعايشة كانت تختلف عن أي عائش آخر فنجد شدة الإنصات والتأمل والتحليل وطرح الأسئلة والمقارنة بين الأخبار القادمة من نجد وماذا يحدث مع القوى الإقليمية والعظمى، ولذا كان التحرك ذكياً في الزمان والمكان وذكياً في فهم العلاقات الدولية وأين يقف وأين يتحرك وكيف يفاوض وكيف ينقل التحالف من مكان إلى آخر .
5)فهم التفاصيل المحلية : هناك فرق بين أن ترث النجاح أو أن تصنعه ، لقد صنع الملك عبد العزيز التوحيد والصناعة تحتاج إلى دقة، والدقة تحتاج إلى فهم التفاصيل، وقد فهمها القائد على مهل وتؤدة؛ فهو مراقب لسيكولوجية المجتمع البدوي والحضري والمحلي والإقليمي والدولي .. لقد عاش ابن سعود التهجير القسري في الصحراء والبحر وخلق عنده وعياً بالتفاصيل وكان ذخيرة الإدارة المحلية وحسن الاتصال والتأثير بالناس فهو يعرف ردة الفعل وطريقة التفكير بمجرد أن يعرف من أين أنت ...
6)الشخصية المهمة : تعرف الكاريزما بأنها الشخصية المؤثرة والجاذبة وإذا كان هناك شيء بارز في الملك عبد العزيز كالشمس في رائعة النهار فهي ''الهيبة''. الهيبة القائمة من الجسم ذي الطول الفارع, والعريضي المنكبين والعيون الحادة النظر, وإدامة الصمت مع طرح الأسئلة كأنما هو الهدوء الذي يسبق العاصفة .. إنها هيبة الإيمان بالله ثم بقضيته العادلة التي يرى فيها خيره وخير الجزيرة العربية .. إنها هيبة العلم بما يحدث في العالم فهو متفوق على غيره بالمعلومات وفريق عمل ومستشارين عالي الجودة والإخلاص.
إنما الهيبة الرمزية حيث الموكب المهيب والبيرق والخويا والثقة المفرطة بالله ثم بالنفس والأتباع .. إنها إرادة الحياة بطريقة خاصة.
7)الاستقامة : يقول النبي الأمي محمد بن عبد الله  حينما جاءه رجل يطلب النصيحة قال: ''قل آمنت بالله ثم استقم '' صحيح ابن حبان.
إن استقامة الملك تعني حسن السيرة بعد الإيمان بالتوحيد التي هي دعواه أصلاً والاستقامة تعبير (سلوك) لصحة الدعوة، فالبعرة تدل على البعير وآثار الأقدام تدل على المسير.
إن الملك عبد العزيز يعلم أنه في مجتمع يشكل لهم زعامة دينية وليست زعامة سياسية فحسب، ولذلك هم يرقبون تفاصيل حياته لأن حياتهم هي حياة الملك عبد العزيز وهو الظاهرة والمستقبل في آن معاً، بل شعورهم تحول إلى أسطورة.
قديماً كان المجتمع النجدي لا يفرق أحياناً بين الفروع والأصول فطول الثوب أو قصره يعني الشيء الكثير، لذلك كان الملك عبد العزيز صارماً في حياته الشخصية من الصلاة والصوم وقراءة القرآن وطلب العلم.
يقول القائد البريطاني مونتجمري Montgomery: ''هل الحياة الخاصة للقائد أحد أسباب نفوذه ونجاحه؟'' ويرد على تساؤله: ''في رأيي الخاص في هذه القضية بعينها، بل جميع القضايا الأخرى، أن العامل الأكبر هو إخلاص المرء ونفوذه وكونه قدوة، وخاصة فيما يتعلق بالفضائل الدينية ولا يهم أن يكون من الطبقة العليا أو السفلى في مجتمعنا ... إنني لا أدري كيف يستطيع امرؤ أن يكون قائداً، إن لم تكن حياته الخاصة فوق الشبهات؛ فإن لم تكن حياته الخاصة فوق الشبهات، فلا يحترمه الذين يقودهم، ويسحبون ثقتهم منه، وإذا ما حدث ذلك، فستفقد قيادته تأثيرها''.
قال الإمام الجويني عند ذكر صفات من يستوزره الإمام ''ثم الإمام لا يستوزر إلا شهماً، كافياً، ذا نجدة وكفاية، ودراية ونفاذ رأي، واتقاد قريحة، وذكاء وفطنة، ولا بد أن يكون متلفعاً من جلابيب الديانة بأسبغها وأضفاها راقياً من أطواد المعالي إلى ذراها، فإنه متصد لأمر عظيم وخطب جسيم، والاستعداد للمراتب على قدر أخطار المناصب.

8)الاحتواء : تتمثل في قدرتك على استقطاب وتأليف قلوب أعدائك أو مخالفيك إما بتحييدهم وكف شرهم أو نقلهم إلى صفك, والأخيرة صعبة جداً ولا يستطيعها إلا الأشخاص ذوو الهمة العالية والمرونة الكبيرة وحلم شديد طارة الحقد والكراهية أن تتمكن من قبلها مع سماحه وحب الخير للصديق والعدو. بمعنى آخر أن تكون نفساً كبيرة.
9)الوفاء للتاريخ: أن تكون قائداً سياسياً، يعني أنك قارئ جيد للتاريخ، محترماً سننه، مجالساً خبراءه، تقيس الحاضر على الماضي لأن التاريخ غالباً ما يعيد نفسه.
لذا فإن الملك عبد العزيز مستوعب ما جرى في الماضي ولهذا تجده وفياً مع أشخاصه محترفاً في التعاطي مع الجغرافية السياسية .
إنك حين تعلم أن القائد وفي وأنت أحد الأتباع، فإنك سوف تعمل بإخلاص لأن الانقلاب والغدر هما سمة الساسة الطارئين أما الأوفياء وتجدها عادة في الملوك، لأنهم يتطلعون للمستقبل وتوريث السلطة فهم حريصون على التمهيد الدائم للقادم التالي.
10) الزهد، زهدان، فالأول زهد اضطرار والثاني زهد اختيار وكل واحد منهما هو خير.
أن تكون زاهداً وأنك للتو أحدثت توحيداً لجزيرة العرب في ظرف أممي غير موات حيث القوى العظمى (بريطانيا - فرنسا) تسعى إلى التفتيت ثم تنتمي إليك قبائل وحضر العرب وأعني بالانتماء هو: (الحب) وليس القبول بالأمر الواقع ونفوذ التسليم بالزعامة.
كل ذلك يدفعك دفعاً مهولاً باتجاه رؤية الذات ، وافتقاد التوازن، ولكن الملك عبد العزيز يحتفل بالإنجاز بطريقته الخاصة، حيث مزيد من الثقة، ومزيد من التعزيز بمحبة الناس له، فهو أدرك السعادة وفلسفتها بأنك كي تكون سعيداً فأفضل وسيلة هي أن تدخل السعادة للناس.
لذا كان الملك عبد العزيز زاهداً بالحقيقة والاختيار، حيث الكنز الحقيقي والاستثمار هو في البشر.

أيها السعوديون .. هذه روحكم وذاك نظامكم وتلك فضيلته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي