التخطيط الاستراتيجي للمشروعات
تنطلق المشاريع وتبدأ في بيئات العمل المتقدمة من خلال التخطيط الاستراتيجي الشامل، والذي يتطلب توافر رؤية ورسالة وأهداف استراتيجية ينبغي تحقيقها، وليس بمبادرات فردية سواءً على مستوى مشروع داخل قطاع أو بين القطاعات. في التخطيط الاستراتيجي الشامل، يجب أولاً تحديد وتوثيق الواقع X State بجميع أجزائه ومستوياته (البشرية والمالية والإجرائية والتقنية)، يلي ذلك تحديد الوضع المطلوب تحقيقه في المستقبل Y State، والفرق بينهما يمثل الفجوة التي يجب ردمها للوصول إلى الحالة الجديدة، فجوة يمكن إغلاقها من خلال وضع برامج تحتوي على مشاريع، وجدول زمني، وميزانية، حيث تحقق الأهداف الاستراتيجية للمشروع المتكامل. على مستوى الدول أو الشركات أو المؤسسات، ربحية كانت أو غير ربحية، لا يمكن تطوير ورفع المستوى المعيشي والرفاهية للوطن والمواطن إلا من خلال العمل على تطوير خطط استراتيجية شاملة وتنفيذها، ثم مراجعتها بين فترة وأخرى، استراتيجية تغطي جميع المجالات، التعليمية والصحية والبنية التحتية والخدمية والأمنية والسياحية.
في قراءة للواقع العملي للمشاريع بأنواعها في المملكة، نلاحظ غياب التخطيط الاستراتيجي الشامل لكل القطاعات، ناهيك عن غيابه داخل القطاع نفسه، فمثلاً في قطاع التعليم نلاحظ تعدد الجهات المسؤولة عن تخطيط وتنفيذ المشاريع التعليمية مثل جامعة الأميرة نورة، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وجامعة شقراء، وجامعة جيزان، ومشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم، وجامعة الخرج والدمام وغيرها، وفي قطاع النقل، نجد أيضاً تعدد الجهات المسؤولة عن إنشاء السكك الحديدية والقطارات، وفي قطاع الصحة، نجد تعدد الجهات المسؤولة عن تطوير وتقديم الخدمات الصحية في المملكة، وأصبح أسلوب هذا العمل ثقافة سائدة لدى القطاعات الحكومية.
إن ما يحصل حالياً، هو مبادرات فردية مكلفة جداً، وهي بطبيعتها مؤقتة وقابلة للتكرار، وقد تحقق بعض المكاسب قصيرة الأجل، وهي مكاسب تضليلية وليست حقيقية، ولكن لتحقيق النمو المستدام والرفاهية المطلوبة والمستحقة لبلدنا، ينبغي بناء خطة استراتيجية شاملة، عمل يتطلب وجود جهاز للتخطيط الاستراتيجي والمشاريع فوق مستوى الوزارات التنفيذية، جهاز يتبع المقام السامي مباشرة، يضع خطة شاملة ويتابع تنفيذها، عندها سيحدث الفرق.