يقظة مصرفية لوزارة الثقافة والإعلام تستحق الإشادة
حظر وزارة الثقافة والإعلام وفق الخبر المنشور في صحيفة "الاقتصادية" في العدد 6259، على جميع الصحف والمجلات المحلية، نشر إعلانات تسديد الديون، التي يدعي أصحابها أن باستطاعتهم تسديد القروض البنكية النقدية، واستخراج قروض أخرى جديدة بأقل فائدة، يؤكد على اليقظة المصرفية والحس والوعي المصرفي الحصيف الذي تتمتع بها الوزارة، وأيضاً على مساهماتها الفاعلة والناجحة في توعية أفراد المجتمع من عملاء البنوك وغيرهم، بأضرار وسلبيات مثل تلك الإعلانات، ولا سيما أن ظاهرة الإعلانات عن تسديد القروض البنكية قد تفشت خلال الفترة الأخيرة عبر الصحف والمجلات، وسبقها في ذلك استغلال المروجين لمثل هذه الادعاءات الباطلة وغير النظامية، استخدام وجهات الصرافات الآلية التابعة للبنوك المحلية، باعتبارها مواقع مصرفية مهمة للغاية، يرتادها ويتردد عليها عدد كبير من عملاء البنوك لإنجاز عدد كبير من عملياتهم المصرفية، مما شجع المروجين لتك القروض وللآسف الشديد استخدام تلك المواقع وكما أسلفت في الترويج لقروضهم المشبوهة.
على الرغم من وضوح الأنظمة والتعليمات الخاصة بمزاولة الأعمال المصرفية المختلفة، التي من بينها منح القروض للأفراد، وذلك وفق المادة الثانية من نظام مراقبة البنوك، التي حددت الأشخاص الاعتباريين المرخص لهم بمزاولة الأعمال المصرفية، إلا أنه وللأسف الشديد ظهرت على السطح أخيراً أسماء تستخدم رموزا مختصرة، وأيضاً مؤسسات تدعي أنها قادرة على سداد مديونيات الأفراد لدى البنوك المحلية، وإعادة منحها لهم بأسعار وشروط أفضل من تلك التي منحتها لهم البنوك، رغم أن مثل هذا التصرف يتنافى تماماً وصراحة مع المادة الثانية المذكورة من نظام مراقبة البنوك، كما أنه يعرض صاحبه للعقوبات المنصوص عليها في المادة الثالثة والعشرين من النظام نفسه، التي من بينها على سبيل المثال، المعاقبة بالسجن لمدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على خمسة آلاف ريال سعودي عن كل يوم تستمر فيه المخالفة أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من خالف أحكام الفقرة الأولى من المادة الثانية والمادة الخامسة من نظام مراقبة البنوك، والتي تحظر قاصداً بذلك المادة الخامسة من النظام، على أي شخص غير مرخص له بمزاولة الأعمال المصرفية في المملكة بصفة أساسية أن يستعمل كلمة (بنك) ومرادفتها أو أي تعبير يمثلها في أي لغة سواء في أوراقه أو مطبوعاته أو عنوانه التجاري أو اسمه أو في دعايته.
إنه لمن المؤسف جداً أن تجد فئة من أفراد المجتمع مثل أولئك الذين يدعون تسديد قروض الأفراد البنكية ومنحهم أخرى، لكون ذلك التصرف يعد تعدياً صارخاً على القانون ومخالفة صريحة له، ولعل الأمر والأدهى من ذلك، أنهم بفعلهم وبتصرفهم ذلك غير السوي يغررون به عددا كبيرا من أفراد المجتمع، ويستغلون بمقتضاه حاجتهم إلى السيولة، بأساليب تلتف على القوانين والتشريعات المنظمة للتعاملات المصرفية في المملكة، ومن هذا المنطلق فإن حظر وزارة الثقافة والإعلام على الصحف والمجالات المحلية نشر مثل تلك الإعلانات، سيسهم وبشكل فاعل وكبير في التخفيف من تفشي ظاهرة سداد المديونيات، لكونها لن تجد وسائل إعلامية تساعد وتساند بشكل مباشر أو غير مباشر على انتشارها وازدهارها والتعريف بها، وبالذات أن نشر مثل تلك الإعلانات في الصحف والمجالات المحلية، يضفي عليها شيئا من المشروعية غير المبررة وغير الواقعية، بما تبعثه من الطمأنينة والراحة في نفوس القراء والمقترضين من أفراد المجتمع، لكون أن تلك الإعلانات يتم نشرها في صحف ومجلات محلية محترمة تتمتع بسمعة مرموقة، وبمصداقية محلية ودولية رفيعة المستوى.
جهود وزارة الثقافة والإعلام المشكورة والمقدرة في الحد من انتشار ظاهرة سداد مديونيات الأفراد البنكية بأساليب غير قانونية وغير نظامية، جاءت مواتية ومساندة للأمر الأخير الصادر من الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، بإدراج قضايا الاحتيال المالي، ضمن قائمة الجرائم الموجبة للتوقيف، وربط الإفراج فيها بإنهاء الحقوق، لكون أن ممارسة أي نوع من أنواع الأعمال المصرفية بشكل غير نظامي وقانوني يعتبر نوعا من أنواع الاحتيال المالي، التي وكما أسلفت يعاقب عليها القانون، كما أن الجهود المذكورة للوزارة، جاءت مساندة لحملة توعية مصرفية تنفذها البنوك السعودية من خلال لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية تحت عنوان: "مرتاح البال" في مرحلتها الثانية، والتي تهدف إلى توعية عملاء المصارف وجميع أفراد المجتمع السعودي بالاستخدامات المثلى للقنوات الإلكترونية المختلفة، عند تنفيذهم عملياتهم المصرفية، إضافة إلى الاستخدامات الآمنة لدى استخدامهم البطاقات المصرفية والبطاقات الائتمانية، وتجاهل الإعلانات عن تسديد ومنح القروض الشخصية وللمشاريع الصادرة عن جهات وأفراد غير نظاميين وغير مرخص لهم.
خلاصة القول، إن حظر وزارة الثقافة والإعلام النشر في الصحف والمجالات المحلية الإعلانات الداعية إلى تسديد قروض الأفراد المصرفية، واستخراج قروض أخرى جديدة بشروط أفضل وأسهل، سيعمل على حماية أفراد المجتمع السعودي من الوقوع في مصيدة وشراك أولئك المحتالين والنصابين، الذين بذلك التصرف هم يخالفون القانون مخالفة صريحة وواضحة، بما في ذلك الأنظمة والتشريعات المنظمة للتعاملات المصرفية في البلاد، كما أن مثل ذلك الحظر قد صدر في وقت مواتياً للغاية ومسانداً في الوقت نفسه للجهود الأمنية، التي تبذلها وزارة الداخلية في سبيل حماية مدخرات الأفراد والاقتصاد من أن تكون عرضة للعبث والهلاك، وتساندها في ذلك وبالذات في الجانب المتعلق بتوعية أفراد المجتمع بخطورة عمليات الاحتيال المالي والمصرفي مؤسسة النقد العربي السعودي والبنوك السعودية، مما بإذن الله سيجعل بيئتنا المصرفية والمالية نظيفة وسليمة من عمليات الاحتيال والنصب المالي والمصرفي، والله من وراء القصد.