الحاجة المتنامية للطاقة في الصين

تقول هيئة الطاقة الدولية إن الصين هي الآن أكبر مستهلك للطاقة في العالم وليس الولايات المتحدة، ويأتي هذا التحول التاريخي متقدما بعدة سنوات على التوقعات، بينما زاد استهلاك الصين لأكثر من الضعف خلال أقل من عقد من الزمن .. حيث إن استهلاك الصين من النفط والفحم والرياح والطاقة الشمسية عام 2009 كان يساوى 2265 مليار طن من النفط، أما الولايات المتحدة فكان استهلاكها في العام الماضي 2169 مليار طن، ومع ذلك ما زالت الولايات المتحدة تستهلك من الطاقة أكثر من الصين بخمسة أضعاف بالنسبة للفرد الواحد.
لقد شهد العقدان الماضيان ظهور إمدادات النفط كأولوية أولى للأمن القومي الصيني، وفى كانون الثاني (يناير) 2009 وصل اعتماد الصين على النفط الخارجي نسبة 50 في المائة للمرة الأولى ومن المتوقع كما يقول Sam Chambers المؤلف المشارك لكتاب: Oil On Water.. ازدياد الحاجة للجوء إلى الاحتياطي النفطي غير المستعمل بالنسبة للصين التي ستزيد الهوة اتساعا بين نموها الاقتصادي وقدرتها على زيادة إنتاجها المحلى من النفط، وقد أصبح استيراد القدر الأكبر من حاجتها للطاقة من الخارج من الحقائق الواقعة في هذا البلد الذي فيه أكبر تعداد سكاني في العالم كافة.
ويؤكد Chambers في مقال نشره في: The New York times , August 16, 2010 أن زيادة استهلاك الطاقة العالمي ما بين عامي 2004 - 2009 بنسبة 40 في المائة يعود سببه للصين، وهي أحد العوامل الرئيسة في زيادة أسعار النفط التي شهدتها تلك الفترة. هذا وقد عمدت الصين إلى تأسيس الجهد لبناء سفنها وناقلاتها وأسطولها التجاري وتقوم بزيادة استثماراتها الاستراتيجية في مناطق موانئ معينة مهمة في المحيط الهندي، ومن الواضح أن الصين تريد أن تكون هي الباني الأول للسفن التجارية على مستوى العالم بحلول عام 2015، وأن تحمل ما نسبته 40 في المائة من مجموع نفطها المستورد في سفن صينية في ذلك الوقت.
منذ عقد مضى من الزمن لم يكن في الصين إلا حوض واحد لبناء الناقلات العملاقة، أما الآن فيوجد في الصين درزن من الأحواض القادرة بسهولة على بناء سفن ضخمة.. وفى عام 2000 لم يكن الأسطول الصيني قادرا على نقل أكثر من 7 في المائة من واردات النفط الخام، وفى عام 2005 قفزت النسبة إلى 20 في المائة، ويبدو أن الصين تمكنت من الوصول إلى نسبة 40 في المائة بحلول عام 2011، وهو موعد يسبق الجدول الموضوع لذلك بأربع سنين.
كما سارعت الصين بشكل كبير في بناء محطات تخزين النفط الهائلة التي تتسع لـ 200 ألف طن، ففي عام 2000 لم يكن هناك سوى ثلاث محطات فقط في البلاد، ولكن في نهاية عام 2009 تم بناء 13 محطة من التي سعتها 200 ألف طن وأكثر وذلك بطاقة تمكنها من التعامل مع 282 مليون طن من النفط.
في السنة الماضية أيضا أصبحت الصين أكبر سوق للسيارات في العالم، ففي عام 2009 اشترى سكان بكين من السيارات الجديدة أكثر مما اشتراه مجموع الشعب الأمريكي في تلك السنة، ومع ذلك فقد وصلت الصين للتو إلى ما نسبته 1 إلى 20 من نسبة امتلاك السيارات للفرد الواحد في أمريكا، وتقدر شركة مكنزي للاستشارات الإدارية Mckinsey أن عدد السيارات في الصين سيصل إلى أكثر من ثلاثة أضعاف العدد الحالي بحلول عام 2020.
الإحصاءات أعلاه ترسم صورة واضحة وفى الوقت المناسب عن الحاجة المتنامية للطاقة في الصين، وأبرزت أن الصين فاقت الولايات المتحدة في استهلاك الطاقة .. كما أن الصين أنشأت سلسلة من البنى التحتية للتعامل مع تجارتها البحرية في النفط ببناء سفنها وناقلاتها وأسطولها التجاري .. وذلك لتلافى أي عرقلة لإمدادات النفط على المدى الطويل .. حيث إن انقطاع الإمدادات ستنتج عنه الفوضى في قدرتها الاقتصادية ويلقي بملايين العاملين خارج عملهم .. ولا شك أن البنية التحتية هي أساس التنمية وتشكل التحدي الكبير أمام جلب الاستثمار والتقدم الاقتصادي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي