محددات أفضل بيئة عمل

خلال حديث تلفزيوني، جمع بين الأستاذ عبد الوهاب الفايز رئيس التحرير، والدكتور عبد الله باعشن رئيس مجلس المديرين في شركة تيم ون للاستشارات، في برنامج (بوضوح) في القناة السعودية الأولي بتاريخ 26 تشرين الأول (أكتوبر) من العام الجاري، حددت المعايير والمقاييس، التي بموجبها يتم الحكم على أفضل بيئة عمل في السعودية.
ضيفا البرنامج عرفا أفضل بيئة عمل في السعودية، على أنها البيئة الأقدر على استقطاب الموظفين، وتحقيق أعلى مستوى ممكن من الرضا الوظيفي للعاملين في المنشأة، بالشكل الذي ينعكس إيجابياً على مستوى الإنتاجية، ويحقق للمنشأة وفورات في الإنتاج، مما يسهم في تحقيق أفضل العوائد المالية وغير المالية للمنشأة.
جدير بالذكر أن فكرة أفضل بيئة عمل في السعودية، انطلقت منذ ثلاث سنوات، وبالتحديد في عام 2007، كمشروع مشترك بين كل من الشركة السعودية للأبحاث والتسويق والنشر من خلال ''الاقتصادية'' كشريك إعلامي، وبين شركة تيم ون كشريك فني واستشاري، للخروج بقائمة فريدة من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، تهدف إلى تسليط الأضواء على الشركات الرائدة في مجال بناء وتقديم أفضل بيئات العمل لموظفيها ومن ثم تكريمها بالشكل اللائق بها.
تستخدم المسابقة في تحديدها لأفضل بيئة عمل في السعودية في القطاعين العام والخاص، مقاييس علمية وعملية مدروسة في مجال الإدارة بشكل عام وفي مجال إدارة الموارد البشرية بشكل خاص، والتي تم تطويرها خلال السنوات الثلاث الماضية لقائمة أفضل بيئة عمل سعودية، في تحديد الشركات الفائزة، والتي ترتكز على مقياسين رئيسين لتحديد الفائز، الأول يركز على قياس مدى الرضا الوظيفي للعاملين لدى المنشأة، في حين يركز المقياس الثاني على أفضل الممارسات المتبعة في إدارة الموارد البشرية في تلك المؤسسات المتعلقة بخلق أفضل بيئة عمل مثالية تحفز على الإنتاجية المبدعة غير التقليدية، التي تحقق للشركة قيمة مضافة.
المقياس الأول شمل عديدا من العوامل المهمة، التي لها علاقة وارتباط مباشر بتحقيق الرضا الوظيفي للعاملين في المنشأة، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، الأساليب الإدارية والقيادية المتبعة، ومدى فعالية التواصل الداخلي وتبادل المعلومات، والعلاقة مع الرئيس المباشر، والتوازن بين العمل ونواحي الحياة الأخرى.
المقياس الثاني والخاص بأفضل الممارسات المتبعة في إدارة الموارد البشرية في سبيل بناء بيئة العمل المثالية، اشتمل على عديد من العوامل، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، سياسة التدريب المتبعة من قبل المنشأة بما في ذلك نوعية برامج التدريب والتطوير والتأهيل، التي تعتمدها المنشأة لتدريب موظفيها، بما يتناسب مع متطلبات العمل واحتياجات الموظف التدريبية، ومن بين العوامل أيضاً عدالة سلم الرواتب والأجور، والأسلوب المتبع في إدارة الأداء والحوافز والمكافآت.
جدير بالذكر أن معايير القياس المختلفة، قد وضع لها وزن نسبي يتم من خلاله قياس مدى تهيئة المؤسسات المشاركة في المسابقة لأفضل بيئة عمل لموظفيها، كما يتم تطبيق تلك المعايير واختبارات الفحص الخاصة بها، عبر المراحل المختلفة حتى الوصول إلى القائمة النهائية للفائزين وفق آليات تنفيذ صارمة محاطة بسرية تامة، بهدف المحافظة على خصوصية معلومات الشركات المشاركة في المسابقة.
على الرغم من حداثة تطبيق مشروع مسابقة أفضل بيئة عمل قياساً بعمر الزمن، إلا أنها تمكنت خلال السنوات الثلاث الماضية، من استقطاب ولفت أنظار عدد كبير من الشركات المؤسسات والهيئات العاملة في القطاعين العام والخاص، التي أصبحت تتسابق وتتهافت إلى الانضمام إلى القائمة، لكونها وجدت أن المسابقة مكان جيد وبيئة صحية للمنافسة الشريفة على أفضل الممارسات الممكنة والمتاحة لخلق وبناء أفضل بيئة عمل في السعودية، ولا سيما أن الشركات التي تتأهل ضمن القائمة وتستحق الفوز بالجائزة، التي تخصصها المسابقة، تجني العديد من الفوائد، التي من بينها على سبيل المثال، تسويق اسم المنشأة وتعزيز سمعتها في مجتمع المال والأعمال كإحدى أفضل المنشآت من حيث بيئة العمل، مما سيرفع من مستوى الولاء الوظيفي لدى العاملين لديها ويشعرهم بالفخر والاعتزاز، ويحفزهم على المضاعفة من معدلات الإنتاجية ومستويات العطاء الوظيفي، كما أن من بين فوائد هذه المسابقة، إتاحة الفرصة للشركات المشاركة للاستفادة من أفضل الممارسات المتبعة في إدارة الموارد البشرية، من خلال النظر إلى الممارسات المتبعة من قبل المنشآت الحاصلة على المراكز المتقدمة والاستفادة منها. وعلى النقيض من ذلك فإن الشركات التي لم يحالفها الحظ في الفوز بالجائزة وتستبعد من قائمة الترشيحات، فإنها ستتمكن من الحصول على تقارير دقيقة تبين لها نواحي العمل، التي هي في حاجة إلى مزيد من التطوير من خلال المقارنة بأداء الجهات المتأهلة للدخول إلى القائمة، مما يجعلها في المرات القادمة أكثر تأهلاً للانضمام إلى القائمة، ولربما للفوز بالجائزة.
خلاصة القول، إن قائمة ''الاقتصادية'' لأفضل بيئة عمل سعودية، دون أدنى شك تعد مشروعا تنمويا عملاقا وجبارا بجميع المعايير والمقاييس التنموية، كونها تسعى إلى الارتقاء بأداء عمل الشركات في المملكة العربية السعودية في القطاعين العام والخاص على حد سواء، من خلال التحفيز على إيجاد وخلق بيئة عمل مثالية، تحقق للموظفين العاملين لدى المنشآت المشاركة في القائمة، أقصى درجات الرضا الوظيفي، والذي بدوره سينعكس بشكل إيجابي على قيمة المنشأة الاقتصادية، وعلى ولاء وإنتاجية الموظف، كما أن ذلك سيساعد إلى حد كبير على إنجاح سياسات السعودة في الشركات المشاركة، لكون السعودة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بسياسات التدريب والتأهيل ونظام الرواتب والأجور وبتوفير بيئة عمل مناسبة، تساعد على الابتكار والإبداع.
إن مثل هذه القائمة وغيرها، ستعمل على الرفع من معدل الإنتاجية لدى الموظف السعودي، والتي يعاني انخفاضها الاقتصاد السعودي، مقارنة بمعدلات الإنتاجية في بعض دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، الأمر الذي يؤكده ما أشارت إليه استراتيجية التوظيف السعودية الأخيرة على سبيل المثال، بأن إنتاجية العامل السعودي في المملكة، تعد منخفضة بنحو ثلاثة أضعاف ما هي عليه مقارنة بإنتاجية العامل النرويجي، حيث ينتج العامل في المملكة ما قيمته 13.6 دولار في الساعة، في حين ما ينتجه نظيره في النرويج يعادل ما قيمته 40.6 دولار في الساعة، والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي