الدعم الإسكاني لمن؟

أقرَّ مجلس الوزراء الموقر في اجتماعه يوم الإثنين 17 ذو القعدة 1431هـ إلغاء شرط تملك الأرض عند التقديم لطلب قرض من صندوق التنمية العقارية، بالإضافة إلى توحيد مبلغ القرض في مختلف المناطق بثلاثمائة ألف ريال، ووجه أيضاً بالتعاون بين الصندوق والمؤسسات المالية التجارية لمنح تمويل إضافي للمقترضين. وسيمكن هذا القرار - إن شاء الله – الكثير من المواطنين في المدن الصغيرة والقرى والهجر والمناطق النائية من الحصول على المسكن وامتلاكه، وبالذات الأسر الفقيرة التي لم تحصل على منحة أرض ولا تستطيع توفير تكلفة شراء أرض سكنية. ويعد القرار كذلك من السياسات الإيجابية لعدالة توزيع الدعم على مختلف التجمعات السكنية في المملكة، كما يتوقع أن يحد من الهجرة إلى المدن الرئيسية والمراكز الحضرية. ويشكل هذا القرار إطاراً للمساكن التي يمكن أن تحصل عليها الأسر الفقيرة، حيث يتوقع أن يقوم المطورون بتوفير مساكن تكلفتها لن تزيد على ثلاثمائة ألف ريال، ولكي يتم ذلك فإنها – في الغالب – ستكون من المساكن متعددة الأسر (الشقق السكنية) لإمكانية توفيرها ضمن مبلغ الثلاثمائة ألف ريال، وسيُحرم كثير من الأسر - نتيجة لذلك - من التمتع بكامل الخصوصية في المساكن المستقلة. لذا يلزم العمل على تعديل ضوابط البناء واشتراطاته بما يسمح للمطورين ببناء وحدات سكنية مستقلة صغيرة في مساحاتها وفي مساحة أرضها، وبتكلفة لا تزيد على مبلغ القرض. وإلا فإنه يتعين على المطورين العناية عند تطوير مباني الشقق السكنية؛ بأن يكون لكل شقة مدخل خارجي مستقل على الشارع، مع إلغاء وجود أي فراغات ذات استخدام مشترك بين سكان المبنى الواحد، وإلغاء الحاجة إلى عمليات النظافة والصيانة المشتركة.
ونأمل أن يحل هذا القرار مشكلة الأسر التي تعيش في أوضاع غير مقبولة (في: ''صنادق'' صدئة، أو عشش متهالكة، أو في الكهوف وتحت ظلال الأشجار)، وأن لا نقرأ في الصحف بين الحين والآخر عن طفلة ماتت وتجمدت من شدة البرد في ''صندقة'' أسرتها، أو عن السيول التي حطمت وأزالت عشش عدد من الأسر وتركتهم في العراء بلا مأوى. ولكن خطة التنمية التاسعة أشارت إلى أن الطلبات المتراكمة لدى الصندوق تزيد على (500 ألف طلب)، ومع إلغاء شرط تملك الأرض عند التقديم ستضاف إلى الطلبات المتراكمة آلاف أخرى، وستمتد فترة الانتظار لفترة أطول من السنوات. فما الحل بالنسبة للأسر التي تعيش في أوضاع سكنية غير مقبولة؟ ولماذا لم تحل برامج الدعم الإسكاني (المتمثلة في: برنامج منح الأراضي السكنية، وبرنامج قروض صندوق التنمية العقارية، وبرنامج الإسكان الشعبي) مشكلتهم خلال السنوات الماضية. هل هو عائد إلى سوء التخطيط لهذه البرامج؟ حيث خصصت لفئات المواطنين جميعها بدون تحديد، ولم توجه بشكل أكبر لذوي الدخول المنخفضة والفقراء والمحتاجين. أم إلى رداءة تنظيمها وتصميمها؟ فأصبح من المستحيل على بعض الفئات من الفقراء والمحتاجين الاستفادة منها وهم الأحق بها. أم أن السبب عائد إلى سوء إدارة هذه البرامج وضعف التعريف بها في أجزاء المملكة جميعها؟ فبعض الفقراء من المواطنين لا يعلم بهذه البرامج، ولا يعرف طرق التقديم لها والاستفادة منها.
إن العمل على توفير المسكن الصحي والآمن للأسر الفقيرة والمحتاجة، أو الدعم الذي يمكنها من الحصول عليه؛ يعد من أهم العوامل في تنمية هذه الأسر؛ لذا فإنه يتعين على الجهات المعنية بقطاع الإسكان جميعها العمل بجدٍّ على الاستمرار في استحداث برامج دعم الأسر الفقيرة وتفعيلها؛ لتمكينهم من الحصول على المسكن الذي يفي باحتياجاتهم الأساسية في مناطق وجودهم، وضمن إمكانياتهم، وبما يتوافق مع ظروفهم المعيشية الاقتصادية منها والاجتماعية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي