رأيكم أهم من رأيي

جميعنا يستمتع بالإطراء والمجاملات وعبارات المدح، فحينما يثني الآخرون على أفكارنا نشعر بحلاوة ثنائهم، ومن منا يمكن أن يستغني عن ذلك، فهو ليس شيئا بغيضا أو مؤذيا في ذاته بل هو بحق أمر ممتع لذيذ، لكن البحث عن استحسان الآخرين يصبح بمثابة موطن من مواطن الضعف حينما يتحول إلى ضرورة بدلا من أن يكون مجرد رغبة.
إذا كانت هذه الحاجة ملحة تلازمك باستمرار فأنت مثقل بقدر كبير من البؤس والإحباط في حياتك، كما ستتشكل لديك صورة واهية تعبر عن ضعف ذاتك، ومن ينتظر الثناء من الآخرين كمن يقول لهم «رأيكم فيَّ أهم من رأيي في نفسي» مما يجعل قيمتك الذاتية رهن تصرف الآخر يرفع منها حينا ويحط آخر، ولن تشعر بقيمة نفسك إلا إذا قرروا أن يمتدحوك، فكأنك تقتطع من نفسك جزءا لتعطيه شخصا آخر.
قد يكون من الشاق عليك أحيانا أن تتحمل التوبيخ والتعنيف مما يجعل من الأيسر أن تتبنى سلوكا يجلب لك الاستحسان، لكنه فخ لعين يتحول إلى عقدة نفسية مدمرة لشخصيتك، حيث يصبح أداة خطيرة تسهل على الآخرين التلاعب بك لأن قيمتك كامنة في آرائهم، وإذا أبوا أن يتفضلوا عليك بثنائهم فلا وجود لهذه القيمة عندك.
لنتأمل طبيعة هذا العالم، باختصار ليس بوسعك إرضاء كل من فيه، وحين تتمكن من إرضاء 50 في المائة من الناس فإنك تكون بذلك قد حققت نتيجة طيبة، فلا يمكن أن تمر حياتك دون أن تتعرض لقدر كبير من استهجان البشر، وهذا بمثابة الضرائب التي تدفعها ولا مفر من ذلك، وستجد دوما من يعارض آراءك مهما أعددت من عدة، وحينما تتزود بهذه المعرفة يكون بإمكانك البدء في النظر إلى مسألة استهجان الآخرين لك من منظور جديد، فحينما يقوم شخص بالاعتراض على ما تقوله أو استهجان رأيك فلا ينتابك الشعور بالإحباط أو الحرج، ولا تغير من موقفك طلبا لثناء من حولك، ولكن عليك أن تذكر نفسك أن هذا الشخص هو مجرد أحد الـ 50 في المائة الأخرى الذين لا يتفقون معك في الرأي، وحين تتوقع حدوث ذلك ستكون قد عثرت على المخرج الذي تنجو من خلاله من فخ اليأس والصدمة، وستكف عن خوفك من ازدراء الآخرين لفكرة طرحتها وستتحرر من سيطرتهم الشعورية لتصبح أكثر ثقة و حرية في التعبير عن ذاتك.
إن أفضل طريقة لتحظى باستحسان الآخرين هي ألا تريد ذلك وأن تتجنب السعي وراءه، وألا تطلبه من أحد، وأن تستحضر دوما أن الاستهجان أمر طبيعي للحياة على هذا الكوكب الذي تتباين فيه رؤى الناس وإدراكاتهم، وأن تستخدم الصورة الإيجابية لذاتك كمرجعية تعود إليها دوما.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي