استقدام العمالة المنزلية .. لا تتركوا المواطن وحده
محزنة جدا تلك الصور التي تنشرها الصحف المحلية لعديد من الأسر السعودية وهي تنتظر مندوبا من السفارة الفلبينية لإنهاء إجراءات استقدام عاملة منزلية، حاملة وثائق ومعلومات لا علاقة لها بالاستقدام، في إجراء غير مسبوق على مستوى دول الخليج، ويعد محاولة لاستغلال سوء إدارة ملف استقدام العمالة المنزلية.
ومن المؤسف أن المواطنين تُركوا ليواجهوا ما يُفرض عليهم من شروط مهينة، بما فيها تقديم معلومات كان من المفترض بعديد من الجهات، أن يكون لها رأي فيها لأنها انتهاك لخصوصية المواطن وأمنه، فالمعلومات التي تُقدَّم لها طابع شخصي وخاص، وقد تستخدم مستقبلا فيما يضر المواطن. وترك المواطن يواجه مصيره دون مساندة قانونية تبين ما تتضمنه العقود التي يوقعها من شروط جزائية قد تتسبّب في جره مستقبلا إلى الدخول في قضايا تضر به وتضر بسمعة الوطن، أمرٌ غير مبرر.
وملف استقدام العمالة المنزلية وما يعانيه المواطن من شروط مجحفة وما يخسره من أموال، وصل إلى مرحلة توجب أن ينتقل إلى جهة تستطيع حماية المواطن من الابتزاز والتغرير به، بل حماية حقه بالتعويض في حالة هروب العاملة المنزلية، أو السائق، أو ممارسة أحد منهما ما يخالف الأنظمة السعودية.
إن من حق أي بلد أن يحافظ على مصالح مواطنيه، ولكن من المتعارف عليه ألا يكون هناك اتصال مباشر بين أية سفارة ومواطني دولة إلا عبر ترتيبات تشرف عليها وزارة الخارجية، ولهذا فما تقرره السفارات من إجراءات، أو شروط، لا بد أن يمر عبر القنوات الرسمية لتوافق عليها، بعد أن تنظر لمصلحة مواطنيها، ثم تنظم طريقة التواصل بين المواطنين وتلك السفارات.
والحل لمعاناة المواطنين من قضية استقدام العمالة المنزلية لن يأتي عبر لجنة يهمها بقاء وتيرة الاستقدام على ما هي عليه، وإنما عبر جهد تقوم به جهات عديدة في الدولة للحد من استقدام الأفراد للعمالة المنزلية، وذلك بتوفير بدائل عديدة من بينها قيام شركة كبيرة، أو عدة شركات يتم الاستقدام عن طريقها، بحيث تستطيع توسعة دائرة الدول المستقدم منها، وتكون هي الكافل لهذه العمالة، وتؤجرها إلى مَن يحتاج إليها، مع إيجاد مراكز خدمات في الأحياء توفر رياض أطفال وسائقين لخدمة سكان الحي، وهذا سيوفر للأسر الصغيرة خدمات تغنيها عن تحمل تكلفة سائق قد لا تحتاج إليه إلا لإيصال أبنائها إلى المدارس، أو عاملة منزلية لا تحتاج إليها إلا للجلوس مع أطفالها أثناء فترة العمل، وهذا سيسهم في تقليص معاناة المواطنين من إشكالات هروب العمالة ومماطلات مكاتب الاستقدام، ومغالاة الدول المصدرة للعمالة المنزلية.