وثائق ويكيليكس ردٌ على الإعلام المضلل
كلمة ''تسريب'' هي خير وصف يمكن أن يطلق على عملية نشر موقع ''ويكيليكس'' وثائق سرية أمريكية عن العراق، فهذا التسريب الذي تم بموجبه نشر 400 ألف وثيقة يشير بعضها إلى دور إيران وأطراف عديدة داخل العراق فيما جرى في العراق من أعمال عنف، لا يمكن استبعاد كونه تسريبا مقصودا ذا أهداف بعيدة المدى، وأهمية ما جاء في الوثائق المسربة تأتي من أنها كشفت ما كان يجري في الخفاء، وأزاحت الأقنعة عن وجوه كانت تقدم نفسها على أنها الأكثر حرصاً على العراق، كما كشفت هذه الوثائق أدوار مختلف الأطراف التي تقف خلف سوء الأوضاع الأمنية في العراق، سواء من قيادات سياسية كانت تستخدم الميليشيات لتصفية الخصوم أو دولة الجوار التي استطاعت أن تستغل الفراغ في العراق فملأته بعملائها السريين والعلنيين، الذين قاموا بتصفية كل من وقف في وجه طموحاتها في العراق.
ما يجب الوقوف عنده في وثائق ويكيليكس أن هذه الوثائق جاءت رداً على الاتهامات التي تسوقها كل يوم آلة الإعلام الإيرانية وتوابعها في العراق، حينما توجه الاتهام تلو الاتهام إلى المملكة ومواطنين سعوديين وتسوق اعترافات موجهة بهدف تحميل المملكة مسؤولية ما يحدث في العراق من عنف، فالوثائق كشفت مصدر العنف والأطراف والدول التي تقف خلفه، وهي وثائق لن تجامل المملكة، وهذا يجعل من المهم أن نعرف أن من كان يمارس القتل والتصفية والتدمير داخل العراق كان يقوم بحملة إعلامية مكثفة للتغطية على عملياته القذرة عبر تحميل المملكة مسؤولية ما يحدث في العراق، ومن المؤسف أن هذه الحملة استطاعت أن تضلل الرأي العام، داخل العراق وخارجه فترة من الزمن.
إن ما كشفت عنه وثائق ويكيليكس عن دور قيادات عراقية في تصفية مواطنين عراقيين إذا ما أضيف إليه ما سبق أن تسرب عن عمليات تصفية وتعذيب جرت في سجن الجادرية وسجن مطار المثنى وسجون أخرى يوضح لنا أن من أسباب تمسك تلك القيادات بالسلطة الخوف من أن ينكشف دورها ومن يدعمها فيما شهده ويشهده العراق من تصفيات وتهجير قسري للمواطنين.
لهذه الأسباب كلها لم يكن مستغرباً أن تدعو دول مجلس التعاون الخليجي التي طالما وجهت لها الاتهامات إلى فتح تحقيق جاد وبشفافية تامة في أعمال القتل والتعذيب التي كشفت عنها الوثائق، وأن تطالب ''المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق الشامل والعادل في هذه المسألة، ومحاسبة مرتكبيها والمتورطين بسفك دماء الشعب العراقي الشقيق''.. وهذا التحقيق إذا ما تم سيكون انتصاراً للشعب العراقي الذي كان يعتقد أنه خرج من نظام متسلط، ليجد نفسه أمام وضع لا يقل عنه تسلطا.