المفتاح في جيبك

لم يكن موعد قدومنا إلى العالم من اختيارنا، ولن يكون بمقدورنا اختيار يوم موتنا، لكن الفترة التي ما بين الولادة والموت – والتي نسميها الحياة – تقدم لنا اختيارات لا تحصى، ونحن إما أن نكون غير مدركين لها أو أننا لا نفكر فيها كثيرا، ومع ذلك فهذه هي الاختيارات التي تقرر نوعية حياتنا.
نحن أحرار في اختيار شخصياتنا وتحديد نوع الشخص الذي سنصبح عليه، ويمكننا السماح لأنفسنا أن نتأثر بالآخرين ونخضع للموجة أو أن نلزم أنفسنا بالتطوير الذاتي، كما يمكننا أن نصبح أقل مما نقدر عليه أو أن نصبح كل ما نقدر عليه.
ونحن أحرار في اختيار كيفية معالجة مشكلاتنا، إذ يمكننا أن نسمح لأنفسنا بأن نتدمر ونستسلم ونأسف على أنفسنا، أو أن نختار التطلع إلى مصدر للقوة في داخلنا، وأن نثابر ونستفيد مما تقدمه لنا الحياة إلى أقصى الحدود.
كما أننا أحرار في اختيار المدى الذي نريد الوصول إليه في تعلمنا، إذ يمكننا النظر للتعلم كواجب غير سار أو كفرصة عظيمة لتحسين أنفسنا، ويمكننا أن نكون ذوي أذهان متحجرة أو منفتحة للجديد باستمرار.
وكذلك نحن أحرار في اختيار أهدافنا، إذ يمكننا أن نهيم دون هدف، أو أن نبحث عن رسالة في الحياة ثم نحيا تبعا لها، ويمكننا أن نعيش لإرضاء أنفسنا فقط أو نجد قضية ذات أهمية أكبر تساعدنا على فهم الحياة بشكل أكمل.
نحن أحرار في اختيار موقفنا الخاص بنا بغض النظر عن أية ظروف، وهذا هو الاختيار الأكثر أهمية، ومما هو على الدرجة نفسها من الأهمية هي الحاجة إلى إدراك أننا نتائج اختياراتنا، ولدينا القدرة على السمو فوق الظروف السلبية لأن لدينا إرادة حرة، ولذلك فأكبر قوة يملكها المرء هي قوة الاختيار.
إن اكتشاف أن لدينا اختيارات هو نقطة الانطلاق لحياة أفضل، ومن المحزن أن كثيرين لا يفعلون، والأمر كأنك مسجون في مكان ما ولديك مفتاح في جيبك من شأنه أن يطلق سراحك، لكنك لا تستعمله أبدا لأنك ببساطة لا تعلم بوجوده، ولهذا نفشل أحيانا في ممارسة اختياراتنا لجهلنا بوجودها لهذا يمكننا تعريف الحياة بأنها سلسلة يومية من الاختيارات، ونحن نقوم بالاختيار منذ أن نستيقظ صباحا إلى أن نذهب للفراش ليلا، وإذا لم نقم بذلك فإن أحدا ما سيقوم به بدلا منا، و هذا اكتشاف بسيط لكنه عظيم، لأننا حين ندرك أننا نفعل الأشياء بالاختيار فإننا سنبدأ بقبول مسؤولية أكبر لحياتنا ويمكننا تغيير مواقفنا بأكملها حين نتيقن أننا نتائج اختيارنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي