إذاعات FM الجديدة .. ماذا ستقدم للمستمعين؟
قبل أيام حصلت إذاعة المملكة العربية السعودية على جائزة عربية منحت لأفضل عمل إذاعي عربي يتناول شؤون البيئة، وهو برنامج ''نفايات المدن .. مخاطر محتملة وثروات مهملة'' وكان ذلك خلال المسابقة السنوية لاتحاد إذاعات الدول العربية في تونس، وفي العام الماضي حققت إذاعة المملكة المركز الأول في مسابقتين أشرف عليهما اتحاد إذاعات الدول العربية، وشاركت فيهما مؤسسات إذاعية رسمية من 14 دولة عربية.
نجاح إذاعة المملكة في هذه المسابقات يقابله نجاح آخر يتمثل في قدرة الإذاعة على جذب المستمعين عبر عديد من البرامج الجادة التي أصبحت سمة بارزة للإذاعة السعودية، ومنها برنامج مستشارك الذي تتعدد جوانبه ما بين مستشار اجتماعي واقتصادي وبيئي وديني وقانوني ومالي، إضافة إلى البرامج الثقافية، والمنوعة التي أصبحت تجذب المستمع.
هذا التميز للإذاعة السعودية من خلال طرحها الجاد والمفيد يقودنا إلى تساؤل حول إذاعات FM الخمس التي حصلت على تراخيص للبث، والتي معظمها لم يبدأ البث حتى الآن، فهل كان لدى القائمين عليها تصور عما ستقدمه من برامج قبل التقدم بطلب الرخصة؟ أم كانت ترى في نموذج MBC FM صورة تريد أن تكررها للحصول على جزء من كعكة الإعلان؟ وأهم من ذلك الاستفادة من خدمة الرسائل القصيرة SMS.
إن الملاحظ من تردد بعض الذين حصلوا على رخصة البث أن الرؤية لم تتضح عندهم حتى الآن، وأن الكوادر التي ستدير هذه القنوات لم تعد سلفاً، ولم تحدد البرامج التي ستقدم للمستمعين، ولهذا فالمتوقع أن تكون معظم البرامج نسخا عن بعضها، أغلبيتها تقوم على اتصالات المستمعين، وتتناول أموراً فنية ورياضية في محاولة لجذب فئة الشباب، مع تقديم القليل من البرامج الجادة، وهذا سيجعل المستمع لا يفرق بين محطة وأخرى، بل سيرى في هذه المحطات تكراراً، بحيث يركز على واحدة ويترك ما سواها.
ومن الملاحظ أن هذه الإذاعات أغفلت شريحة واسعة تعيش بيننا وهم الوافدون الذين لا يتحدثون اللغة العربية، فهؤلاء في حاجة كبيرة إلى التواصل مع المجتمع، سواء مجتمعهم كجاليات، أو المجتمع الذي يعيشون فيه.
وفي مقال سابق تحت عنوان ''العمالة الوافدة .. وغياب التواصل الإعلامي'' دعوت إلى فتح قنوات تواصل إعلامي مع الذين لا يتحدثون اللغة العربية من الوافدين، وذلك عبر إيجاد برامج تلفزيونية تتحدث بلغاتهم، وعبر إيجاد إذاعات FM بلغات هذه العمالة، بهدف ربطهم بالمجتمع الذي يعيشون فيه، وأشرت إلى أن هذه الإذاعات ستكون مشروعات تجارية مربحة، إضافة إلى ما ستقدمه من خدمات لهم، ومن إيصال رسائل تحثهم على المشاركة الفاعلة فيما يخدم المجتمع، وتحذرهم من الانحرافات السلوكية.
وعدم التفات المستثمرين السعوديين لهذا المجال، وأعني به البث بلغات الوافدين، سيدفع دولهم، أو مستثمرين من جنسياتهم، إلى الدخول في هذا المجال، مدركين ما سيحققونه من فوائد اقتصادية وسياسية كبيرة، وعندئذ سنجد بعض مستثمرينا يسعى لدخول هذا المجال بعد فوات الأوان.
***