حول برنامج «مساكن»

وقعت المؤسسة العامة للتقاعد مع شركة دار التمليك - في الأسبوع الماضي - اتفاقية لإدارة برنامج ''مساكن'' بهدف توسيع مجال تسويق البرنامج. وبرنامج ''مساكن'' برنامج أُعلن عنه في منتصف عام (1427هـ) لتمويل موظفي الدولة والمتقاعدين بغرض تمكينهم من امتلاك المساكن. ونظراً لأن كثيرا من المعنيين بالإسكان أو العاملين في توفيره ينظرون إلى مشكلة الإسكان على أنها مشكلة نقص برامج التمويل الميسر (وهذا حقيقة بالنسبة لجزء من ذوي الدخول المتوسطة، إلا أن هناك مشكلات ومعوقات أخرى)، ويعتقدون أيضاً أن توافر التمويل المناسب سيعمل على ردم الفجوة بين الطلب والعرض في سوق الإسكان؛ لذا فإن الإعلان عن برنامج ''مساكن'' حظي ببريق وزخم إعلامي منقطع النظير، وعلّق المعنيون بقضية الإسكان وكذلك كثير من المواطنين الراغبين في امتلاك ''مسكن العمر'' آمالاً عريضة عليه، ولكن هذا البريق خبئ أو كاد، ولم يعد للبرنامج من أثر يذكر بعد عامه الأول.
وقد عاد البرنامج للواجهة مرة أخرى مع كثير من التساؤلات - قبل توقيع الاتفاقية الأخيرة - عندما صدر تقرير المؤسسة العامة للتقاعد للعام المالي 28/1429هـ وما حواه من بيانات عن برنامج مساكن، وأنه موُّل (229 مواطناً فقط)، بقيمة إجمالية مقدارها (166 مليون ريال). فقد خططت المؤسسة لأن يستفيد من برنامج ''مساكن'' قرابة (أربعة آلاف موظف) أو متقاعد سنوياً بقيمة إجمالية تبلغ (ثلاثة آلاف مليون ريال). فأين هذه الأرقام المخطط لها من الواقع المعلن في التقرير؟ ماذا حدث للبرنامج وماذا أصابه؟ ولماذا لم تتحقق خطط المؤسسة؟ هل السبب يعود إلى خلل في البرنامج وصعوبة اشتراطاته؟ أم إلى إحجام المستفيدين وعدم إقبالهم على البرنامج؟ أم لندرة المساكن المطورة بطريقة احترافية في سوق الإسكان؟ ولعدم استجابة السوق لتوفير مساكن مناسبة للبرنامج، ومتوافقة مع اشتراطاته من ناحية الجودة والتكلفة؟ أم لعدم توافر المساكن ذات التكلفة الميسرة لأصحاب الدخول المنخفضة من الموظفين والمتقاعدين؟ أم لأن قيمة المسكن تتهالك لدينا مع الزمن ولا تحافظ على قيمتها عوضاً عن أن تزداد؟ أم أنه عائد لكل تلك الأسباب أو لغيرها؟ إن الأسئلة حول أسباب تدني أداء برنامج ''مساكن'' كثيرة جداً، ولكن المهم هو العمل على اكتشافها وتحديدها، والعمل بجدٍّ على استبعادها وتلافيها، حتى تحقق الاتفاقية الأخيرة أهدافها، ويؤدي البرنامج الدور الإيجابي المتوقع منه لموظفي الدولة ومتقاعديها، وتمكينهم من امتلاك مسكن ملائم لأسرهم، ومن ثم زيادة نسبة امتلاك المواطنين لمساكنهم.
أخيراً، أعلم أن المؤسسة العامة للتقاعد ليست جهة خيرية، وليست مسؤولة عن حل مشكلات المواطنين من ذوي الدخول المنخفضة عوضاً عن وزارة الشؤون الاجتماعية، وليس المطلوب منها حل قضية الإسكان عوضاً عن الهيئة العامة للإسكان أو صندوق التنمية العقارية. ولكني أنظر إلى برنامج ''مساكن'' بصفته برنامجاً استثمارياً يشارك في تحمل بعض المسؤولية الاجتماعية. وآمل في أن يصبح برنامجاً للتعاون الاقتصادي العادل بين المؤسسة والموظفين والمتقاعدين، مع العمل - بكل السبل - على توسيع دائرة المستفيدين منه مع الاستمرار في ضمان حقوق المؤسسة. ونظراً لمحدودية المساحة المخصصة فربما أعود - إن شاء الله - إلى الموضوع في مقالة أخرى، لطرح بعض المقترحات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي