بحيرة المسك .. ثلاثة أشهر تنهي معاناة سنين!!

لم يكن مستغرباً أن يركز المهندس عبد الله الحصين وزير المياه والكهرباء في مؤتمره الصحفي يوم السبت الماضي، على ما أثير بشأن تجفيف مياه بحيرة الصرف الصحي في جدة، وأن ينفي أنه جاء على حساب تلويث مياه البحر، ويؤكد أن قطرة واحدة من البحيرة لم تضخ إلى البحر دون معالجة ثلاثية.
فإعلان الانتهاء من معالجة ما يسمّى بحيرة المسك سبقته حملة تشكيك من أطراف عديدة كان لها صوت مجلجل عن مخاطر البحيرة وصعوبة التخلص منها عقب أزمة السيول في جدة، وهذا ما جعل المهندس الحصين يركز على الجوانب الفنية لمعالجة البحيرة، ويؤكد على عدم تأثيرها في البيئة.
بحيرة الصرف الصحي التي صدر التوجيه السامي الكريم بتكليف وزارة المياه والكهرباء بمعالجة وضعها والتخلص منها خلال عام واحد، تم الانتهاء منها خلال ثلاثة أشهر، وبذلك تمت إزاحة كابوس كان يهدد أمن وصحة سكان مدينة جدة طوال سنين طويلة، أنفق خلالها على مشروعات الحد من خطورتها، وتهديدها للسكان مئات الملايين دون نتيجة.
وتكليف وزارة المياه والكهرباء بمعالجة وضع هذه البحيرة التي لقيت من التدليل ما دفع إلى إطلاق مسمّى ''بحيرة المسك'' عليها، أنموذج يجب أن يُحتذى في كل مشروع، أو قضية، أو برنامج، يُوكل إلى جهة، فلا تنجزه.
ولو طُبقت هذه السياسة ـــ أي إيكال الأمر إلى جهات أخرى ـــ في قضايانا المتأخرة، أو على الأقل حُدد سقف زمني لمعالجة أي وضع من الأوضاع التي تُسبب أزمة للوطن والمواطن، لما وجدنا تأخراً في معالجة كثير من الأوضاع والقضايا، رغم ما يضخ من أموال طائلة في الجهات التي تولت معالجتها.
إن ما يعانيه غالبية المواطنين هو عجز بعض الجهات عن القيام بواجباتها تجاه قضايا مثل: معالجة وضع البطالة، وتوفير فرص عمل للشباب، ومعالجة أوضاع الاستقدام، والتي وصلت إلى حد ابتزاز المواطنين من قبل الدول المصدرة للعمالة المنزلية، وإغراق البلاد بالعمالة غير المؤهلة، ومعالجة ما يحدث من تأخر في تنفيذ المشروعات الحيوية، ومن تلاعب في الأسعار، وكل هذه الأمور تتطلب تطبيق تعامل مماثل مع الجهات التي أنيط بها مهام، فلم تقم بها على الوجه المطلوب، أو ماطلت في تنفيذها.
فهذه الجهات لو كانت تعرف أن ما طُلب منها تنفيذه من مهام له سقف زمني، وسيسحب البساط من تحت أرجلها في حال عجزها عن معالجته، ويُوكل الأمر إلى جهة أخرى، لسارعت إلى حل الوضع، بدلا من تراكم أزماتٍ حلُها لا يحتاج إلى كل ذلك الجهد، ولا إلى كل تلك السنوات.
لقد كان للدولة تجارب سابقة في حل قضايا شائكة كانت مصدر قلق للناس، فأحيلت إلى جهات أخرى، فكان أن تم حل تلك القضايا، ونجاح وزارة المياه والكهرباء في حل مشكلة بحيرة الصرف الصحي، وقبلها شركة أرامكو في تنفيذ عدد من المشروعات الحيوية، نماذج تُثبت أن هناك جهات إذا ما أوكل إليها أمرٌ، مهما كان معقداً، فهي قادرة على إنجازه، كما أن هذا يكشف لنا أن ما يصدر من تقارير عن بعض الجهات المباشرة لبعض القضايا والمشروعات، تبرر به تقصيرها، لا يجب أن تؤخذ كمسلمات، بل يجب أن تكون هناك جهات أخرى، تقيم الوضع، وتدرس مكامن الخلل، وتحدد التكاليف، وتوجّه مَن تراه قادراً على معالجة الوضع، وبذلك ننهي معاناة المواطن، ونحمي سمعة الوطن من أن يُساء إليها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي