مركز الرياض للتنافسية .. نحو تقييم عادل لمدينة الرياض
لم يعد من السهل أن تحظى مدينة بالمكانة التي تستحقها عالمياً دون جهد مكثف ومتواصل للتعريف بها وإيضاح ما تتوافر فيها من خدمات اجتماعية وإمكانات اقتصادية وفرص استثمار ، ولهذا نجد أن من يتحكم في توجه حركة الاستثمار في مدن العالم عدد من المؤشرات العالمية التي بعضها يقيس جودة الحياة في المدن, وبعضها يقيس مستوى التأثير السياسي والاقتصادي للمدن, وبعضها يقيس التنافسية الاقتصادية للمدن, والبعض الآخر يقيس نوعية المعيشة في المدن الخاضعة للتصنيف, وكذلك مستوى جودة المعيشة في هذه المدن.
ومصادر هذه المؤشرات في قياسها وتصنيفها للمدن قائمة على إجراء مسوحات سنوية تستهدف استطلاع آراء المديرين التنفيذيين الأجانب والمحليين لتحديد أهم المشكلات التي تواجه رجال الأعمال، إضافة إلى ما ينشر عبر وسائل الإعلام من معلومات عن هذه المدن، وتختلف توجهات هذه المؤشرات، ففي حين يهتم مؤشر ''ماستركرد'' حول مراكز التجارة بترتيب المدن على أساس التنافسية الاقتصادية، نجد أن مؤشر ''ميرسر'' يهتم بمسح جودة الحياة، ويقوم مؤشر مجلة السياسة الخارجية بقياس مدى قوة التأثير الاقتصادية والسياسية للمدن ويركز مؤشر وحدة المعلومات في ''الإيكونومست'' على مسح سهولة العيش.
ومن الغريب أن نجد مدينة مثل مدينة الرياض غائبة كلياً عن بعض هذه المؤشرات العالمية، في حين نجد أن ما يتوافر عن الرياض من معلومات في مؤشرات أخرى يتضمن معلومات قديمة، بعضها بُني على ما ينشر في الصحف، أو على انطباعات بعض الزائرين، وكل ذلك سببه غياب التواصل مع هذه المؤشرات، أو عدم تحديث المعلومات التي لديها، وهذا ما أثر في تنافسية مدينة الرياض بين مدن العالم، رغم حجم مدينة الرياض ومكانتها الاقتصادية والسياسية وما يتوافر فيها من بيئة عمل جيدة.
لهذه الأسباب كلها جاء إنشاء مركز الرياض للتنافسية بتوجيه من الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض ليكون مركزاً متخصصاً يهتم بدراسة المؤشرات المتعلقة بالتنافسية، ويوفر مرجعية علمية لقياس مستوى أداء مدينة الرياض, ما سيسهم في دعم جهود إمارة منطقة الرياض والجهات الحكومية ذات العلاقة في رصد أهم المتطلبات والاحتياجات اللازم اتخاذها لتعزيز موقع مدينة الرياض على الخريطة العالمية.
وجاء إنشاء هذا المركز إدراكا لأهمية التواصل مع الجهات الدولية وتقديم المعلومات الموثقة والحديثة عن البيئة التنافسية لمدينة الرياض ولإزالة أية معوقات تؤثر في تصنيف الرياض في مجال التنافسية، وكان الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز المستشار الخاص لأمير منطقة الرياض أمين عام مركز الرياض للتنافسية, واضحاً حينما أشار إلى أن مدينة الرياض مقيمة بشكل غير عادل بالنسبة لبقية مدن العالم، وأن من مهمات المركز زيادة التواصل مع الجهات الدولية لتقديم معلومات حقيقية تعكس واقع مدينة الرياض بصفتها مدينة عصرية تضاهي أفضل العواصم العالمية.
مركز الرياض للتنافسية المرتبط بإمارة منطقة الرياض يهدف من خلال التواصل مع المؤشرات العالمية، وبعضها يغطي عدداً كبيراً من مدن العالم، إلى تحسين مستوى الحياة في مدينة الرياض عبر إزالة كثير من المعوقات، ما سينعكس إيجاباً على حياة المواطنين والمقيمين في الرياض، عبر تحسين مستوى الخدمات العامة وتسريع إجراءاتها، وإزالة ما يعوق وصولها إلى المواطن والمقيم والمستثمر بالشكل المطلوب. كما سيسهم مركز الرياض للتنافسية في تنمية الخدمات العامة ورفع درجة كفايتها من خلال ما سيقدمه المركز من تقارير سنوية .
إن عصرنا الذي يشهد تطوراً متسارعاً في كثير من جوانب الحياة، يتطلب الاستفادة من وسائل التقنية كافة، ومما يوجد فيه من وسائل رصد وتقييم، وهذا ما سيوفر معلومات يستفيد منها المخططون لتوفير بيئة معيشة وعمل مناسبة للجميع.