حتى لا تتوقف هذه المجلات

وأنا أكتب هذا المقال بين يدي الجزء السابع من المجلد السابع والعشرين من مجلة المنهل، وهو عدد صدر في رجب سنة 1386هـ، الموافق تشرين الثاني (نوفمبر) 1966م، أي منذ 45 عاما.
في هذا العدد الذي ضم 276 صفحة، عملٌ توثيقي لو حاولت إحدى المجلات في عصرنا الحاضر القيام بمثله لاحتاجت إلى عشرات الكتاب والباحثين، ولبحثت عمن يقدم لها الرعاية، ولخصصت ميزانية كبيرة لإنفاقها على فريق البحث، على الرغم من توافر وسائل التقنية والاتصال التي لم تكن متوافرة آنذاك.
هذا العدد من مجلة المنهل الشهرية التي تُعنى بالآداب والعلوم، التي أسسها عام 1355هـ ورأس تحريرها الأستاذ عبد القدوس الأنصاري، تضمن رصداً وتوثيقاً لسيرة أدباء المملكة آنذاك، فقدم ترجمة لكل أديب مع نماذج من إنتاجه، من نثر أو شعر، وبلغ عدد من تُرجم لهم في ذلك العدد 150 أديباً وكاتبا.
هذه مقدمة أردت أن أشير من خلالها إلى أهمية الحفاظ على المجلات الثقافية العريقة، التي تكافح للاستمرار بعد وفاة أصحابها الذين استطاعوا عبر جهودٍ فردية كبيرة في الإعداد والمراجعة، ودعم من الدولة، الحفاظ على استمرارها، ومن هذه المجلات، إضافة إلى مجلة المنهل التي تُعد أقدم مجلة سعودية لا تزال تصدر إلى الآن، مجلة العرب التي أسسها الشيخ حمد الجاسر عام 1386هـ وتُعنى بتاريخ العرب وجغرافية بلادهم، ومجلة عالم الكتب المختصة في الكتاب وقضاياه، التي أسسها الأستاذ عبد العزيز الرفاعي عام 1400هـ .
إن هذه المجلات لا تستطيع أن تنافس المجلات المنوعة التي باستطاعتها جذب القارئ عبر ما تنشره من موضوعات وصور ذات جاذبية، ولن يقبل عليها المعلنون مهما بذلت من جهد، ومن يجامل مرة بإعلان سيتوقف في المرة القادمة لأنه يبحث عن المردود من وراء هذا الإعلان، وهذا ما يحتم على الجهات المعنية في الحركة الثقافية في بلادنا، مثل وزارة الثقافة والإعلام، ووزارة التعليم العالي، وما ينضوي تحتها من جامعات، إعادة النظر في التعامل مع هذه المجلات، وتوفير ما يساعدها على الاستمرار في ممارسة دورها الثقافي، والحفاظ على تاريخها العريق.
وما تحتاج إليه هذه المجلات دعمٌ بسيط يُسهم في مصروفاتها القليلة قياساً إلى غيرها من المجلات الأخرى، ويضمن لها البقاء وحفظ تاريخها الذي يمتد إلى عقود، كما يساعدها على توفير الأعداد القديمة للباحثين عبر وسائل النشر الإلكتروني، مع تكشيف هذه الأعداد، فهذه المجلات ليست مجلات تهدف إلى الربح حتى تترك لمصيرها ولقانون العرض والطلب، بل هي من ملامح الحركة الثقافية في المملكة، ومن خلالها يمكن أن يؤرخ لجوانب من هذه الحركة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي