أبناء السقا.. أمانة
كنت مع بعض الأصدقاء الرياضيين السبت الماضي نتابع مباراة الرائد والنصر، وكانت أطراف الحديث تدور حول المباراة، وأحداثها، ومجرياتها السريعة وإذا بمكالمة يتلقاها أحد الزملاء فتغيّرت ملامح وجهه، وتحشرج صوته مردداً أكيد، فأطبق الصمت على الحضور، وأقفل الصديق هاتفه، وبدا عليه التأثر، ونقل لنا الخبر الحزين أن أخانا وصديقنا محمد السقا انتقل إلى جوار ربه، الخبر نزل كالصاعقة على كل الحضور لم يكن يدر في خلد أي واحد منا أن نتلقى مثل هذا الخبر، ردد الجميع لا حول ولا قوة إلا بالله، الحمد لله، كلنا مؤمنون بقضاء الله وقدره، ياه يا لهذه الدنيا كم هي قصيرة، ونحن نلهو ونلهث خلفها، ياه كم هو العمر قصير ولا يستحق أن نملأه بالصراعات، والفرقة، خيم على المكان الحزن، وصمت دام طويلا، وفي لحظة مر أمامي شريط ذكريات، وأحداث ومواقف مع المغفور له بإذن الله، كانت بداية علاقتي بأخي محمد قبل أكثر من 20 عاما عبر الصديق المشترك حاتم العرنوس، وتوطدت هذه العلاقة بحكم ارتباطنا بالوسط الرياضي، فغير العلاقة الشخصية جمعتنا "أوربت"، وبرامج لم تخل من قفشات، وود، وابتسامة لا تفارقه مع كل الضيوف، ثم مهرجان اعتزال يوسف الثنيان الذي قضينا فيه وقتاً طويلاً في الإعداد له، حيث كان أبو الوليد رئيسا للجنة التسويق رغم صعوبة المهمة بالذات في ذلك الوقت كان دائم التفاؤل مع عمل دؤوب، مرت بنا ظروف عصيبة أثرت في الجميع ماعدا رئيس اللجنة الذي كان يبث روح التفاؤل على مُحيا كل العاملين، أخي هذا رحمة الله عليه قد لا يعرف الكثير أنه لا يحمل الجنسية السعودية رغم أنه ولد على هذه الأرض الطيبة، ودفن في ثراها كان يمني نفسه وأولاده بالحصول على المواطنة رغم أنه يحملها في قلبه، وعقله، نشأ ودرس، وعمل في وطنه، نعم وطنه فمن كان يحمل الحب، والإخلاص، والوفاء، والعطاء للمملكة وأهلها فلا غرابة أن الوطن، وأهله يبادلونه نفس الحب، والمشاعر. أبو الوليد البار بوالديه صاحب العلاقة الطيبة مع الجميع رحل، أجل رحل، وهذا قضاء الله وقدره، الرجل الذي ثابر واجتهد إلى أن حقق الكثير من النجاحات دون صراعات واختلافات مع أحد كان يحترم الصغير قبل الكبير، اليوم رحل عن الدنيا تاركاً عائلته الصغيرة المكونة من زوجته، وأبنائه: أمل، ووليد، وعبد الرحمن وأقول لهم ثقوا أن والدكم، وإن رحل، فقد زرع إخوة، وأحبة، وأصحاباً كثراً، ثق يا وليد أنك وإخوتك أبناء هذا البلد المعطاء، وسيظل والدكم في قلوبنا جميعا، نداء أرفعه للأميرين النبيلين سلطان بن فهد، ونواف بن فيصل بأن يشملا برعايتهم كما عوّدونا دائما أبناء الفقيد، صديق كل الرياضيين باختلاف ميولهم محمد السقا، ويمسحا على رؤوسهم بأيديهم الحانية، ومواساتهم بمصابهم الجلل، ستبقى صورتك، وصوتك بيننا، وسيبقى الوفاء شعار هذا الوسط، ولا نملك إلا الدعاء لك بالمغفرة والرحمة. إنا لله وإنا إليه راجعون.
هطرشة
ـ وفاة الأخ العزيز محمد السقا بعثرت كل أفكاري وأوراقي فاضطررت لتغيير مقالة أعددت عناصرها ولم أستطع صياغتها.
ـ الفقيد أسس مدرسة مميزة للمراسل الميداني، وسار على أثره كل رواد النجاح من بعده.
ـ تثبت الظروف الصعبة أن وسطنا الرياضي متحاب متسامح عليه بعض الشوائب التي تزول في المواقف الإنسانية.
ـ في لحظة نسي الجميع الاختلافات، والميول، وتبادلوا العزاء فيما بينهم، تأكيد ليس بجديد على مجتمع رياضي طيب جدا.
ـ نبيل نقشبندي، عبد الله العضيبي، طارق الحماد أصدقاء مقربون جداً للمرحوم، ننتظر مبادرة منهم لتبني صدقة جارية للمغفور له.
ـ خاتمة للبيد بن ربيعة:
وما المال والأهلون إلا ودائع ..
ولا بد يوماً أن تُرد الودائع