من يكتشف الاضطرابات السلوكية لدى الأبناء؟

يختلف الأفراد في طباعهم وسلوكياتهم وآرائهم وتوجهاتهم وكل ما تحمله الشخصية من رصيد للاختلاف بين البشر، وتنقسم تلك الاختلافات ما بين الفروقات التي يولد بها الإنسان فهي ذات مضمون وراثي، وبين الفروقات التي تتركها البيئة كبصمة على الفرد وهي ذات مضمون بيئي، ومن هنا فإن المهارات التربوية من قبل المحيطين حتى إن توحدت في تربية الأطفال إلا أنها من غير الضروري أن تصل في النهاية إلى ثمرة تربوية موحدة، نتيجة لاختلاف التفاعل التربوي بين فرد وآخر، فقد يختلف أخوان في سلوكياتهما تماما حتى إن عاشا تحت ظروف منزلية متطابقة الانفعالات والخبرات والتجارب، وهذه من أهم المعلومات التربوية التي ما زالت لا يؤمن بها الكثيرون، خاصة عندما نلاحظ دهشة البعض من وجود ابن بصفات تختلف عن والده تماما، وكأن تلك النظرة الاجتماعية تبني نظرية مفادها أن التعامل هنا مع الشخصيات الإنسانية ينبع ذهنيا لدى بعض الأفراد انطلاقا من منطق التعامل مع الأرقام والأعداد وليس مع نفس أو روح تتغير وتتبدل وفق مفاجآت قد لا يتوقعها أحيانا المختصون.
إن الفروق الفردية في علم النفس ليست مطلقة بل هي تظل محكومة بالتشخيص العلاجي الذي يحكم ما إذا كانت هذه الفروق تتحرك تحت مظلة النمط السوي أم أنها تخرج إلى الجانب المرضي، ولعل بعض الأسر أحيانا لا تستطيع أن تفرق بين سلامة الطفل ومرضه من الجانب النفسي السلوكي، وسرعان ما يرجعون التحسن إلى عامل الزمن، بمعنى أن الأم لو لاحظت سلوكيات سلبية على ابنها ذي السنوات الأربع، فإنها غالبا سترجعه مثلا إلى صغر سنه وتعتقد تلقائيا أنه سيتغير عندما يكبر دون أدنى شك أحيانا بأن تلك السلوكيات ربما تكون مؤشرا لمرض نفسي أو عقلي من الممكن تداركه أو العمل على تحسنه على الأقل من خلال العلاج المبكر، أعتقد أننا في مجتمعنا المحلي في حاجة ماسة إلى التوعية بأهمية مراقبة سلوك الأطفال وبالتالي قياسها بسلوكيات أصدقائهم وأقاربهم في العمر الزمني نفسه، فكثير من الاضطرابات الغذائية أو اضطرابات التبول اللاإرادي والنشاط الزائد أو غيرها من الاضطرابات السلوكية لا بد من الوقوف الجاد على علاجها حتى لا تكون سببا في نشأة عقد نفسية تعيق البناء الإيجابي للشخصية وعنصر الزمن الذي تعتقد بعض الأسر بإيجابيته ربما في حالات كثيرة يكون هو السبب الرئيس في الانتكاسة الفعلية للشخصية، لا أعتقد أننا في حاجة إلى اختصاصي نفسي في بيتنا، ولكن ما يجب هو مراقبة سلوكيات أبنائنا وانفعالاتهم وردود أفعالهم، وذلك لتقدير مدى اتزانها، وبالتالي العمل على متابعة الخطوات التربوية بكل ثقة دون أن تكون المفاجأة بتشخيص مرض ما في زمن متأخر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي